فأما إن لم يكن معها غير نساء، فقد سبق أن عائشة سبحت لأختها أسماء في صلاة الكسوف، فإن المحذور سماع الرجال صوت المرأة، وهو مأمون هاهنا، فلا يكره للمرأة أن تسبح في صلاتها. و يكره أن تسبح مع الرجال.
ومن أصحابنا من قال: لا يكره.
و الأول: الصحيح.
وقال بعض أصحابنا: الأفضل في حقها أيضا مع النساء التنبيه بالتصفيق أيضاً.
و الكلام في هذا يشبه الكلام فى جهر المرأة بالقراءة إذا أمت النسوة.
وتصفيق المرأة، هو أن تضرب بظهر كفها على بطن الأخرى، هكذا فسره أصحابنا والشافعية وغيرهم.
قالوا: ولا تضرب بطن على بطن كف؛ فإن فعلت ذلك كره.
وقال بعض الشافعية، منهم: القاضي أبو الطيب الطبري: تبطل صلاتها به، إذا كان على وجه اللعب؛ لمنافاته صلاتها، فإن جهلت تحريمه لم تبطل صلاتهما بذلك.
و يدل عليه: أن الصحابة أكثروا التصفيق خلف أبي بكر الصديق، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، وإنما أمرهم بالأكمل والأفضل.
وقد قال طائفة من الفقهاء: متى أكثروا التصفيق بطلت الصلاة.
والحديث يدل على خلافه، إلا أن يحمل على أنهم لم يكونوا يعلمون منعه، فيكون حكمهم حكم الجاهل.
ولأن علم الفقه علم متعلق بأفعال العبادات، كان لزاما إسقاط ما سبق و ذكرته من أحكام الفتح على الإمام؛ لتتضح المسألة، و تظهر نتائجها، فمن هذا:
- بدأ الإمام صلاته الجهرية بعد التكبير بقراءة سورة غير الفاتحة ناسيا الفاتحة، فلو فتح المأموم عليه بالقراءة أي: بتذكيره بسورة الفاتحة، مباشرة لاختلطت الأصوات، و خرج الإمام و المأمومون من دائرة الخشوع و القنوت المطلوبين في الصلاة، فلو سبح المأموم للإمام بقوله: سبحان الله، لانتبه الإمام لحصول خطأ ما، فإما أن يدرك الخطأ، و يبدأ بقراءة الفاتحة، و إما يشكل عليه، فلا يدري أين الخطأ فيسكت بسبب التسبيح، فيفتح المأموم على الإمام بأول سورة الفاتحة، و تستقيم صلاة الجميع.
- - أخطأ الإمام في قراءة سورة الفاتحة، و لا يتصور هذا إلا فيما ندر من الأحوال، مثل فتح التاء في " أنعمت"، فلو فتح المستخلف على الإمام بالتصحيح، لعله ان يلتبس على الإمام، أما لو سبح له، فسكت الإمام ليتبين سبب التسبيح، فأبان له المأموم بتصحيح القراءة، لبادر الإمام بالتصحيح، و صحت صلاة الجميع دون تشويش أو تخليط.
- نسي الإمام الآية فسكت، أي: استطعم المأمومين، فلا داعي للفتح عليه بالتسبيح؛ إذ أمن التشويش و الخلط، فيفتح على الإمام بالآية مياشرة.
- نسي الإمام الآية، فسكت يستطعم المأمومين، فلم يفتح عليه أحد، فإما أن ينتقل إلى سورة أخرى، أو يركع.
- إذا غير الإمام معلوما من الدين بالضرورة ناسيا كأن أن يقول: إن الله لا يحب المتقين، أو: إن الله يحب الكافرين، فلو فتح المأموم عليه بالآية مصححة، لعله لا يدرك وجه الخطأ؛ لأنه لا يتصوره، فضلا عما وقع من الخلط بين قراءتيهما، فإذا سبح المأموم لينتبه الإمام، ثم يقرأ له الآية مصححة لصحت صلاة الجميع.
- وقف الإمام وقفا خاطئا دون تعمد منه لمعناه، يؤدي إلى مخالفة في الاعتقاد، مثل قوله تعالى: (ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله و إنهو لكاذبون) (الصافات:151 - 152) فيقف الإمام عند آخر الآية الأولى، و عند قوله: (ولد الله) في الآية الثانية، فيسبح المأموم له، ليقف دون خلط بينهما في القراءة، ثم يفتح عليه بالصواب في قراءة الآية، فتصح صلاة الجميع.
- انتقل الإمام ناسيا من سورة لأخرى كحال سورتي البقرة و الأعراف لشدة التشابه بينهما في بعض المواضع، فلو فتح المأموم على الإمام في هذه الحالة للبست على الجميع صلاتهم، أما لو فتح عليه بالتسبيح، فسكت الإمام، ثم قرأت له الآية على الصواب؛ ليتبين الفرق بين السورتين؛ لصحت صلاة الجميع من غير تشويش يخرج الجميع من الخشوع.
- إذا قرأ الإمام في صلاته بالتنكيس الممنوع، فالأولى أن يسبح له المأموم لينتبه، فإن لم ينتبه فتح له بتصحيح القراءة.
- إذا ظن أحد المامومين أن الإمام أخطأ في القراءة ففتح عليه خطأ كذلك، فالأولى في حق المستخلف في الصلاة، أن يسبح للإمام فيسكت الجميع دون خلط أو تشويش، ثم يقرأ للإمام الوجه الصحيح للآية.
- يجب على المأموم أن يغض الطرف عن بعض الأخطاء التي يقع فيها الإمام، و التي يتجوز فيها مثل: الواو إذا أبدلت فاء و العكس.
¥