الخطط العروضيّة - خطة الوافر
ـ[أبو محمود العروضي]ــــــــ[01 - 02 - 2008, 01:53 م]ـ
خطة الوافر
يعتبر الوافر من البحور الشعرية السريعة التدفُّق في إيقاعها لذلك فهو يستثير السامع ويشدُّه إلِى خطاب المتكلّم، لذا كثُر إستخدامه في الفخر كما فعل عمرو بن كلثوم، ويلاحظ أيضاً أنّ في إيقاعه تفجُّع كبير يُغرق السامع في حزنٍ عميق، لذا صلُح للرثاء كما صنعت الخنساء في رثاء أخيها صخر والمتنبّي في رثاء أمّ سيف الدولة الحمداني.
وهو بحر سداسيّ متشابه التفاعيل، يُفكّ من الدائرة الثانية (دائرة المؤتلف) ووزنه فيها:
مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ ***** مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ
ويجوز إستعمال وزنه هذا لأنّه الأصل في الدائرة، وذكر الأخفش أنّه سمع أعرابياً ينشد شعراً على هذا الوزن وقال: هو قياس عندي، وإنْ كان المشهور أنّه مقطوف وجوباً، أي أنّ وزنه هكذا:
مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ فَعُولُنْ ***** مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ فَعُولُنْ
وللوافر عروضان وثلاثة أضرب: مقطوفة (فَعُولُنْ) ولَها ضرب واحد مقطوف (فَعُولُنْ)، ومجزوءة صحيحة (مَفَاعَلَتُنْ) ولَها ضربان: صحيح (مَفَاعَلَتُنْ) ومعصوب (مَفَاعِيْلُنْ).
وبلغة عصرية، أنّ للوافر ثلاثة أوزانٍ هي:
1 - الوزن الأول: يتكون من ستّة أجزاء، وزن الجزءين الثالث والسادس دائماً (فَعُولُنْ)، أي هكذا:
مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ فَعُولُنْ **** مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ فَعُولُنْ
ومثاله:
سددنَ منافذَ النسماتِ عنّي **** مَخَافةَ أنْ أطيرَ معَ النسيم ِ
2 - الوزن الثانِي: يتكون من أربعة أجزاء، وزن الجزء الرابع دائماً (مَفَاعَلَتُنْ)، أي لا يمكن أنْ يدخله تغييْر أو زحاف، أي هكذا:
مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ **** مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ
ومثاله قول منصور الفقيه:
فلو سُبِكتْ خَلائقُهُ **** لقلَّ أمَامها الذَهَبُ
3 - الوزن الثالث: يتكون من أربعة أجزاء، وزن الجزء الرابع دائماً (مَفَاعِيْلُنْ)، أي لا يمكن أنْ يستعمل غيره، أي هكذا:
مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ **** مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعِيْلُنْ
ومثاله البيت المشهور:
أُعَاتِبُها وآمُرها **** فتُغْضبُني وتَعْصيني
ويلاحظ أنّه يستعمل تاماً ومجزوءاً ولا يستعمل مشطوراً أو منهوكاً، وقد زاد بعض العروضييْن له ضرباً ثالثاً مقطوفاً (فَعُولُنْ) لعروضه الثانية (مَفَاعَلَتُنْ) ووزنه:
مَفَاعَلَتُنْ مَفَاعَلَتُنْ **** مَفَاعَلَتُنْ فَعُولُنْ
ومثاله:
بكيتَ وما يردُّ لكَ الْ **** بكاءُ على حزين ِ
وعروضاً ثالثة مجزوءة مقطوفة (فَعُولُنْ) وضربُها مثلها فيكون الوزن هكذا:
مَفَاعَلَتُنْ فَعُولُنْ **** مَفَاعَلَتُنْ فَعُولُنْ
ومثاله:
أشاقكَ طيفُ مامهْ **** بِمَكَّةَ أمْ حَمَامهْ
وفي ظنّي أنّهما وزن واحد، ولكن الثانِي مصرّع، ولا يخفى أنّ لهذا الوزن لذّة في السمع فلا بأس في إستعماله.
وتجوز في خطة الوافر التعديلات والزحافات التالية:
1 - العَصْبُ: وهو إسكان لام (مَفَاعَلَتُنْ) فتصير (مَفَاعَلْتُنْ) وتقابلها عروضياً (مَفَاعِيْلُنْ)، وبصورة عامة فالعصب هو إسكان الحرف الخامس من التفعيلة إذا كان متحرّكاً ولا يدخل إلا في خطة الوافر، ويدخل في جميع أجزائه باستثناء الجزء الرابع من الوزن الثاني، وهو حَسَنٌ جداً وكثير فيه ومثاله:
إذا لَم تستطعْ شيئاً فدعه **** وجاوزه إلى ما تستطيعُ
2 - العَقْلُ: وهو حذف لام (مَفَاعَلَتُنْ) فتصير (مَفَاعَتُنْ) ويقابلها عروضياً (مَفَاعِلُنْ)، وبصورة عامة فالعقل هو حذف الحرف الخامس من التفعيلة إذا كان متحركاً، وهو زحاف لا بأس في إستعماله ومثاله:
منازلٌ لفرتنا قفارٌ **** كإنما رسومها سطور
ويلاحظ أنّ البيت شبيه بالرجز.
3 - النَقْصُ: وهو حذف نون (مَفَاعَلَتُنْ) بعد إسكان لامها فتصير (مَفَاعَلْتُ) ويقابلها عروضياً (مَفَاعِيْلُ)، وبصورة عامة فالنقص هو حذف الحرف السابع من التفعيلة بعد إسكان الحرف الخامس المتحرك، وهو زحاف قبيح في الوافر وكان الخليل لا يجيزه بحجّة أنّه لو دخل الوزن لإشتبه بالْهزج، ومثاله:
لسلّامةَ دارٌ بِحَفيرٍ **** كباقي الخَلَقِ السحْقِ قفارُ
ويلاحظ أنّه لا يجوز في خطة الوافر حذف النون من (مَفَاعَلَتُنْ) ما لَم تسكنْ لامها، كما لا يجوز الجمع بين العقل والنقص في تفعيلة واحدةٍ.
نظم بحر الوافر وهو من أرجوزتنا العروضية (المنهل الصافي في العروض والقوافي) التي نُظم أكثر من ثلثيها لحد الآن:
الوافر
1 - وهاكَ رابعَ البُحورِ الوافرا = أَكْثَرَها مُرونةً والساحرا
2 - يَشْتدُّ إنْ أَردْتَ أنْ تُغَلِّقا = وإنْ أردْتَ رِقَّةً تَرقَّقا
3 - فاقْصُدْ لهُ في الفَخْرِ والرثاءِ = كشَأْنِ عَمْروٍ أو كما الخنساءِ
4 - بَحْرٌ سُداسِيٌّ كذا سُبَاعيْ = والقَطْفُ فيهِ واجبُ الدَواعي
5 - سِتٌّ مَفَاعَلْتُنْ لوَزْنهِ بَنَتْ= تَحَرَّكَتْ لامَاتُها ما سَكَنَتْ
6 - لهُ عَروضانِ فَذاتُ القَطْفِ = أُولاهُما مَمْدُوحةٌ في العُرْفِ
7 - وَهْيَ فَعُولُنْ وَزنُها كضَرْبِها= فاعْرفْ بهِ ياصاحبي واعْرفْ بِها
8 - جِلَّتُها العِصيُّ بيتُه اشتَهَرْ = بهِ امرؤُ القَيْسِ أَجَالَ الْمُفْتكرْ
9 - أُخْرَاهما مَجْزوءةُ الأوْزانِ = صحيحةٌ حيْثُ لَها ضَرْبَانِ
10 - فمثْلُها الأوَّلُ لا يَفْتَرقُ = وبيتُهُ حَبْلُكَ حَبْلٌ خَلِقُ
11 - وضَرْبُها الثانِي هُوَ الْمَعْصُوبُ = وَهْوَ مَفَاعِيْلُنْ وَكَمْ يَطِيْبُ
12 - وبيتُه آمُرُها تَعْصيني = تُغْضِبُني إذاً ولا تُرضيني
13 - وقدْ حَكَوا لهُ عَروضاً ثالثَهْ = مَعْ ضرْبِها وقالَ بَعْضٌ حَادِثَهْ
14 - مَجْزوءةٌ مَقْطُوفةِ العَلامهْ= وبيتُها شَاقَكَ طيْفُ مَامَهْ
15 - لذيذةُ الإيْقاعِ فِي الآذانِ = لابَأْسَ أَنْ تُدْخَلَ فِي الأوزانِ
16 - وجَازَ عَصْبُ لامِهِ مُطَّردا = في حَشْوهِ وفي العَروضِ مَا عَدا
17 - أَوَّلَ ضَرْبٍ للعَروضِ الثانيهْ= فعِنَدَها تُصْبِحُ حُكْماً لاغيهْ
18 - وجَازَ عَقْلُ اللامِ والإسْقَاطُ = ونَقْصُ نُونِهِ وذا إفْرَاطُ
2/ 1/2008 م