تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المعيار في ما ينقل إليه الجزء بعد العلة والزحاف]

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[12 - 10 - 2008, 08:55 م]ـ

ألا يلفت نظرك كثيرا قول العروضيين إن هذا الجزء أو ذاك قد صار بعد الزحاف أو العلة كذا فنقل إلى كذا. فهل هذه الكذا الثانية تفضل الأولى؟ وما معيارهم في هذا النقل. ولم نجدهم يكادون يتفقون على هذه المسميات الجديدة للتفاعيل المزاحفة والمعتلة مع أنه لا ضير يبدو لي من إبقائهم على التفعيلة حسب ما تصير إليه بعد التغيير؟ ومن هذا الاتفاق المجمع عليه في الإبقاء على ما تؤول إليه التفعيلة بعد التغيير ما يؤكد أن وراءه صانع واحد هو الخليل رحمه الله، وقد تبعه العروضيون جميعا بلا استثناء.

سأعطي مثالا واحدا لما يصير إليه الجزء بعد الزحاف وما ينقل إليه:

مستفعلن: في البسيط والرجز والسريع، تسقط السين منها بالخبن، فتصير (متفعلن) وتنقل إلى (مفاعلن). وتسقط الفاء بالطي، فتصير (مستعلن) وتنقل إلى (مفتعلن). وتسقط السين والفاء بالخبل، فتصير (متعلن) وتنقل إلى (فعلتن).

ألا ترى معي أن كذا الأولى هي عينها كذا الثانية، بل إن الأولى أقرب إلى الأصل الذي خرجت منه، فلماذا إذن تكلف الخليل تغيير هوية التفعيلة بعد النقل، وما هي فلسفته من وراء ذلك؟

دعك من البحث وراء تلك الفلسفة، فقد ضاعت بضياع كتابه في العروض أو أنه لم يصرح بها لأحد من تلاميذه. ولكن هل فكر أحد من هؤلاء التلاميذ على مدى اثني عشر قرنا في البحث عن معيار أو قاعدة لهذا النقل حين يتم في الجزء المزاحف أو حين يبقى على ما يصير إليه بعد الزحاف؟

ـ[عصام البشير]ــــــــ[12 - 10 - 2008, 09:22 م]ـ

الحمد لله

الذي يظهر لي - والله أعلم - أن التفعيلة المزاحفة تحول إلى تفعيلة مألوفة. والضابط في كونها مألوفة له تعلق - فيما يبدو لي - بالميزان الصرفي المألوف عند علماء العربية.

فنعتبر الأساس في التفاعيل حروف الفاء والعين واللام، وكل ما عداها نعتبره زائدا.

وهنا مثالان يتضح المعنى بهما:

أولهما: متفعلن تقلب إلى مفاعلن. والسبب أن مفاعلن وزن صرفي مأنوس (إحدى صيغ منتهى الجموع، مع اعتبار النون الساكنة عوضا عن التنوين)، أما متفعلن فليست من الصيغ الصرفية المعروفة (تنبيه: مترجِم على وزن مفعلل لا متفعل).

وكذا نقول في: مفعولن أولى من مستفعلْ وفعلن أولى من فاعلْ. لأن العرب لا تسكن الحرف الأخير من الكلمة.

والثاني: مفتعلن أولى من مستعلن، لغياب حرف الفاء من الثاني، وهو حرف أصلي، وإنما تحذف الحروف الزوائد.

وكذا فعلتن أولى من متعلن للعلة نفسها.

نعم، لم أقف على من ذكر هذه العلاقة بين الميزان الصرفي والعروضي، ولكن التدبر يقود إلى أن التفعيلة إنما تكون مألوفة لهذا السبب.

والله أعلم.

ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[12 - 10 - 2008, 10:59 م]ـ

.. هذه إحدى المسائل التي بحثها الأستاذ سامي الفقيه الزهراني ووجد لها جوابا يتلخص في بحث .. و لعل الأستاذ يخبرنا عن هذا البحث قريبا .. المسألة متعلقة بالصرف .. و قد أشار الأستاذ عصام البشير إلى لمحة لهذا السبب .. فالذي قد درس الصرف إلى جانب العروض سوف يكتشف ذلك و الأستاذ سامي الزهراني أستاذ نحو و صرف إلى جانب معرفته بالعروض .. شكرا لك:) ..

ـ[سامي الفقيه الزهراني]ــــــــ[13 - 10 - 2008, 12:47 ص]ـ

دعك من البحث وراء تلك الفلسفة، فقد ضاعت بضياع كتابه في العروض أو أنه لم يصرح بها لأحد من تلاميذه. ولكن هل فكر أحد من هؤلاء التلاميذ على مدى اثني عشر قرنا في البحث عن معيار أو قاعدة لهذا النقل حين يتم في الجزء المزاحف أو حين يبقى على ما يصير إليه بعد الزحاف؟

أخي الكريم .. ما فكرت فيه اليوم وسألت عنه كان من مسلمات هذا العلم عند العروضيين وبدهياته بالأمس، ولذلك لم يدر في خلدهم وضع قاعدة أو معيار تبين سببه؛ اتكالا منهم على فهم طالب العروض وذكائه؛ ولتكون له مزية على غيره، وهذا النهج الذي ذكرته لك -وسار عليه العلماء- إنما هو نهج صاحب الصنعة ومبتكر العروض (الخليل بن أحمد) الذي أثر عنه قوله:"من الأبواب ما لوشئنا أن نشرحه حتى يستوي فيه القوي والضعيف لفعلنا، ولكن يجب أم يكون للعالم مزية بعدنا" (شرح ابن يعيش1/ 1) ..

ومما يدل على عدم إغفال علماء العروض لتلك المسألة وقوفي على إشارات وعبارات لهم في هذا الشأن استهديت - بفضل الله- من خلالها إلى الوصول إلى ضابط أو معيار لما ذكرته، وقد ضمنته في بحث لي بعنوان: (سر النقل والتحويل في تفعيلات الخليل) وسيرى النور بإذن الله قريبا .. وإن كانت من كلمة أختم بها حديثي هذا .. فأقول: ينبغي للمرء أولا قبل أن يدلي برأي في مسألة أن يحسن الظن بعلمائنا القدامى الذين بذلوا جهدهم وأفنوا حياتهم في طلب العلم وقدموا الغالي والنفيس من أجله، ثم عليه أن يكثر من القراءة في مصنفاتهم في هذا العلم وأن يتعمق فيها ويسبر أغوارها لتتجلى له الحقائق وتظهر الدقائق ..

فرب عبارة أو إشارة في كتاب من كتبهم تقرأ بتأن وتدبر تفتح لك الأبواب .. وتبلغك الآفاق ..

والله المستعان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير