تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ملحوظة: الهمزة تحت الألف تُكتب من (الغين + شِفت)، (يبدو أن المنتدى الآخر حل نصف المشكلة فقط:))

يا إلهي، لا أصدق ما تفعلينه أختي الكريمة.

لقد قمت للتو بعمل عجيب، وهو يدل دلالة قاطعة على شيئين: موهبة عظيمة، وإصرار على النجاح قل نظيره.

بحر الرجز (وكل البحور)، لكل منها سقف أعلى، أو حالة مثالية، لا توجد في الواقع أو في دواوين الشعراء، ولكنها صورة كاملة تامة نموذجية لما يكون عليه البحر. والصورة النموذجية للرجز هي مستفعلن ست مرات.

و (مستفعلن) هذه المثالية النموذجية، غير موجودة في أرض الواقع أو في دوايين الشعراء، وإن وجدت فإنها لا تتكرر ست مرات دون زحافات أوعلل.

وما نقوله هنا لا يغني شيئا طالما لم نطلع على قصائد كثيرة من بحر الرجز. ونتعود على نمطها وإيقاعها.

ما أدهشني أن الصورة النظرية لبحر الرجز في هيئتة المثالية، تحولت في أبياتك إلى واقع، وهذا صعب جدا على من يتعاطى الشعر، إذ إنه يحاول أن يوفق بين الصناعة وبين التلقائية والشاعرية.

ارفقي بنفسك اختي الكريمة، فالأمر أيسر مما تتصورين.

وبحر الرجز له طريقة في القراءة والتنغيم، تجعل منه أسهل البحور على وجه الأرض.

لكن ما انتهجتِه للتو، يجعل منه أصعب البحور على وجه الأرض. كيف تسنى لك ذلك؟

أنا سبق لي أن حاولت أن أفعل شيئا من هذا القبيل، من باب التحدي لنفسي من جهة، ولأن نشيدا باللهجة العامية يراد له أن يغير إلى الفصحى، فاضطررت أن أجاري اللحن، وكان أقصى ما استطعت أن أكتبه بيتين. وكانت عملية شاقة.

والسبب كما قررنا قبل قليل يعود إلى أنا نكلف البحر أكثر مما يريد منا. إن (مستفعلن) هذه يطرأ عليها تغييرات هائلة، تجعله مَرْكبا سهلا للشعراء، فيأتي منها متفعل، ومستعلن، ومستفلن، وغيرها وغيرها .. مساحة من الحرية كبيرة.

أعود فأقول هذا لا يغني شيئا عن العودة ابتداء للشعر نفسه، وللقصائد نفسها التي جاءت على بحر الرجز.

سأخبرك بسر (وأرجو أن لا يسمعنا أخونا جرول): إذا امتلأتِ من القصائد التي على بحر الرجز، وقرأتها بصوت مرتفع، وبتنغيم، فإنك لا تعودين بحاجة إلى قواعد بحر الرجز، إلا على سبيل الاختبار والفحص في نهاية العام.

أقدر ما فعلتِه، وأرجو أن أكون أوضحت مقصدي.

أما أبياتك فلها وقفه أخرى لاحقا، لكن، باختصار، أقول: هي نافورة عطرية، مليئة بالشاعرية ..

وأنا وقفت أيضا على ما تكتبينه هناك في منتداك، وتسمينه نثريات، هو بلا شك مليء بالشعر، وعلامة دالة على شاعرية، ولعلنا نعلق عليه في ما بعد.

بالله أيها القراء ما رأيكم في هذا الشطر:

يا سيلَ أوجاعٍ مضت لا تستجدي

أليس رائعا؟ صورةً، وسبكا، وتجويدا؟ هل تصدقون أن من تقف وراءه لم تدرس الكثير من الشعر العربي، وجلُّ ما هنالك مجموعة من الأغاني والشعر الشعبي، ألا ترون وراء ما تكتب مشروع شاعرة متفوقة؟ فكيف لو قرأت المتنبي وعروة بن حزام والأعشى و جرير الذي يقول عن حبيبته التي أشارت إليه بالسواك خوف الرقباء:

أتنسى إذ تودعنا سليمى = بفرع بشامة؟ سُقي البشامُ

ولو وجد الحَمَامُ كما وجدنا = بسُلمانِينَ، لاكتأبَ الحمامُ (سُلمانِينَ: موضع)

كيف لو بكت مع شوقي وهو يقول على لسان مجنون ليلي:

جبلَ التوبادِ حياكَ الحيا = وسقى الله صبانا ورعا

فيك ناغينا الهوى في مهده = ورضعناه فكنت المرضعا

وحدونا الشمس في مغربها = وبكرنا فسبقنا المطلعا

وعلى سفحك عشنا زمنا = ورعينا غَنَمَ الأهل معا

هذه الربوة كانت ملعبا = لشبابَينا وكانت مرتعا

كم بنينا من حصاها أربعا = وانثينا فمحونا الأربعا

وخططنا في نقا الرمل فلم = تحفظ الريح ولا الرمل وعى

لم تزل ليلى بعيني طفلة = لم تزد عن أمس إلا إصبعا

قد يهون العمر إلا ساعة = وتهون الأرض إلا موضعا

كيف لو مرت على أولئك الأفذاذ، وحفظت لهم أطايب ما قالوا؟

أنا لا أشك في النتيجة، فهل تشكُّون؟

ومع إعجابي بما قلتِ، فإني أحذرك أن تعبثي ببحر الرجز بهذا الشكل، إنه بحر مسكين، لا يستحق منك هذا، والشعراء مساكين، لا يستطيعون أن يفعلوا مثلما مافعلتِ.:)

هو ليس من الرجز فقط، إنه أصل الرجز، إذا كان آدم هو أبو البشر، فبحرك أبو بحور الرجز منذ عهد آدم.:)

لقد جمعتِ ما فرقه الشعراء في هذا البحر منذ بدء الخليقة.:)

إنه نبي بحور الرجز:) إنه (سوبر رجز):)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير