". فأما التفسير الذي نقترحه فهو أن منطقة العروض بما أنه ساحة يتلكأ عندها الشاعر قليلا (فيما وصفناه بالوقف غير التام) فإن بعض الشعراء الذين يودون الإسراع في القصيدة يميلون إلى اتخاذ المقطع القصير (1) ويفضلونه على المقطع الطويل (2) الذي يسبب البطء في الإنشاد، بل إنك تراهم في عجلتهم يصلون البيت الذي تكون فيه العروض (فعل) وهو قبيح."
3 - موضوع الاعتماد في المتقارب:
فعولن فعولن فعولن فعو .............. فعولن فعولن فعولن فعْ
فعولن فعولن فعو ........ فعولن فعولن فعْ
والمفروض أن عدم قبض فعولن قبل الضرب محصور في هاتين الحالتين
لم أطلع على أي بيت في قصيدة على المتقارب من الوزن التالي
فعولن فعولن فعولن فعو .............. فعولن فعولن فعولُ فعو
فهل يعرف أحد من الإخوان قصيدة ورد ذلك فيها وما مدى شيوع ذلك.
طبعا أستثني هنا ما ورد في العقد الفريد في الاستشهادين التاليين
هذه الأبيات لابن عبد ربه من العقد الفريد بعنوان: الضرب المحذوف المعتمد
أيا ويح نفسي وويح امّها ...... لما لقيت من جوى همّها
فديت التي قتلت مهجتي .... ولم تتق الله في دمها
أغض الجفون إذا ما بدت .... وأكني إذا قيل لي سمّها
أداري العيون وأخشى الرقيبَ .... وأرصد غفلة قيّمها
" سبتني بخد وجيد ونحر .... غداة رمتني بأسهمها "
لما لقيت من جوى همّها = فعولُ فعولن فعولن فعو
وأرصد غفلة قيّمها = = فعولُ فعولن فعولُ فعو
فما معنى الاعتماد في ظل عدم قبض فعولن مرة وقبضها مرة أخرى
في حين أننا نلاحظ الاطراد في عدم قبض فعولن في الضرب في أبيات أخرى له في حالة الضرب الأبتر
فلا تبكِ ليلى ولا ميّهْ .... ولا تندُبَنْ راكبانيّهْ
وبكّ الصبا إذ طوى ثوبه .... فلا أحد ناشر طيّهْ
ولا القلب ناس لما قد مضى .. ولا تاركٌ أبدأً غيّهْ
ودعْ عنكَ يأساً على أرسمٍ ..... فليس الرسوم بمبكيّهْ
" خليليّ عوجا على رسم دارٍ .. خلت من سليمى ومن ميّهْ"
وجودكم أساتذتي يسعدني وحواركم يفيدني ويشرفني.
شكرا لكم مسبقا وبارك الله فيكم.
ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 09:43 ص]ـ
أخي الأستاذ / خشان
سأحاول قدر استطاعتي أن أرد على بعض تساؤلاتك حول عروض المتقارب.
1 - ليس للمتقارب إلا عروض واحد هو (فعولن)؛ ونظام الدوائر يمنع أن يكون له أكثر من عروض؛ لأن ذلك سيؤدي إلى توالي وتدين في النسق. أما أن يحذف الشاعر سبب فعولن في العروض فهو كمثل حذفه أول الوتد في حالة الخرم فهذا الخرم لا يجعل نسق الشطر يبتدئ بـ (عولن) وإنما هي (فعولن) التي تجاوز عن نطق مقطعها الأول.
أما جواز القبض فقد يعني جواز الحذف كما هو الحال في عروض المضارع:
مفاعيل فاعلاتن، قال أبو نواس:
أيا ليل لا أنقضيت ... ويا صبح لا أتيتْ
ويا ليل إن أردتَ ... طريقا فلا اهتديتْ
2 - لم أفهم ملاحظتك حول مجيء (فعول) في أخر البحر، ولعلك تقصد آخر الصدر (العروض). ثم إن من الطبيعي أن تكون الكلمات التي أوردتها في العروض على وزن (فعولُ)، لأنها إن لم تكن معرفة فلن تكون كذلك؛ لأنها ستكون منونة.
3 - حول موضوع الاعتماد في المتقارب، آمل أن تعود إلى مناقشتي لهذه الظاهرة في كتابي في نظري العروض العربي، وهي ظاهرة عامة في كل ضرب يقع فيه بتر الوتد فإن السبب قبله يلتزم بذلك البسط، وضرب المتقارب الأبتر هو أحد أمثلة تلك الظاهرة.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 11:38 م]ـ
السلام على الجميع ..
أخي الأستاذ خشان ..
1 - أفلا ترى معي أن قولنا:"عروضان لذات الضرب" يقتضي اعتبار الزحاف في جلّ الأعاريض الأخرى عروضاً ثانية أو ثالثة ..
كمفاعيلُ في عروض الهزج
ومتْفاعلن في عروض الكامل
وفعِلن في عروض الرمل
وفعِلاتن في عروض الخفيف والمجتث
ومتفعلن ومستعلن في عروض الرجز
وفعولُ وفعو في عروض المتقارب
لذلك يكفي النظر إلى أصل التفعيلة، واعتبار ما يرد معها زحافاً ليس إلاّ.
2 - ليس شرطاً كون الكلمة الموافقة للعروض (فعولُ) أن تكون معرفةً بأل، وإن رأيتها ظاهرة شائعة شيوع العروض (فعو) أو (فعولُ)، فهي كما أرى ظاهرة تفرضها طبيعة اللغة ذاتها، قلةً أو كثرة، ولا أرى كبير ارتباط بينها وبين الوزن في حد ذاته ..
فواقع الشعر العربي يقبلها معرفةً بأل، كما يقبلها غير معرفة بها.
وإليك هذه الأبيات التي لم أتعمد فيها الاستقصاء:
يقول ابن دراج القسطلي:
ألمْ ترَ كيف استباحَتْ يداهُ=كريمَ الملوكِ، وعِلْقَ النساء
ويقول محمد بن يزيد النحوي:
ويربو الطحالُ إذا ما أكَلْتُ=فيعلو الترائبَ والصُّدْرَهْ
ولغيرهما:
ومَنْ كانَ ذا طمَعٍ لا يُحَدُّ=يعِشْ أبَدَ الدهرِ في حسرَهْ
ولكنْ يجيءُ قضاءٌ يُريكَ=أخا عَجْزِها مثلَ ذي القُدْرَهْ
ومن المحدثين، يقول أبو ماضي:
همُ الزهْرُ في الأرضِ إذْ لا زهورَ=وشُهْبٌ إذِ الشهْبُ مُستخفِياتْ
ولنزار:
تقولُ: حبيبي إذا ما نَموتُ=ويُدْرَجُ في الأرضِ جُثمانُنا
3 - للاعتماد عند ابن عبد ربه معنيان متناقضان: أولهما في ثالث الطويل، ويعني عنده مجيء (فعولُ) قبل الضرب (فعولن)
وثانيهما في رابع المتقارب، ويعني عنده سلامة (فعولن) قبل الضرب (فعْ).
وكان الأخفش قد أجاز (فعولُ) قبل الضربين (فعو) و (فعْ) على قُبح.
ومن أمثلة ما سألتَ عنه، قول الأعشى:
يصيدُ النحوصَ ومِسْحَلَها=وجَحْشَهما قبلَ أنْ يستحمْ
ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ولا ترحلَنَّ بِلا عِدَةٍ=فإنّ الطريقَ مَخوفٌ مَخوفْ
(وربما كان صحيح ضبطها: بلا عدَّةٍ)!
ولن يعدم المستقصي أمثلة قديمة من مثلها.
وزيادة في التمثيل أنقل لك هذه الأبيات المعاصرة لمنور صمادح، تسير كل أبياتها على هذا النهج:
عقولٌ منَ الفجرِ تقتَبِسُ=وأخلاى يُداهمها الغَلَسُ
وأفئدةٌ أفعمتْ باليقينِ=وفي غيرها الشكُّ والهَوَسُ
وأيْدٍ مكرّمةٍ صَفّدَتْها=أيادٍ يلوّثها الدّنَسُ
ذئلبٌ ولكن عليها ثيابٌ=تُخالُ أناساً وتفترِسُ
فلا هيَ تشبعُ أو ترتوي=ولا القومُ منْ شرّها احترَسوا
ولمحمد أبو القاسم الخمار:
إذا شئتِ أن ترحلي فارحلي=لكِ الحبُّ، والسهْدُ والشوقُ لي
تمنّيتُ لو أنني نفحةٌ=تَمَوّجُ في شعرِكِ العَسَلي
وتنسابُ في نشوةٍ لفحة=تُورّدُ خدّيكِ منْ قُبَلي
تمنّيتُ لكنني كلّما=رأيتُكِ أوغَلْتُ في خَجَلي
¥