مثل: "جبذ " و " جذب "، ومثل: " أيس " و " يئس ".
الاشتقاق الأكبر: وهو تناسب بين الكلمتين تناسبا في مخارج الحروف؛ مثل " نهق " و " نعق "، ومثل " أز " و" هز ".
الاشتقاق الكُبَّار: وهو ما يعرف بالنحت؛ أن نشتق أو ننحت من كلمتين أو أكثر كلمة واحدة تدل على المعنى كله بلا زيادة أو نقص.
مثل " درعمي " أي منسوب إلى دار العلوم، و"عبدري ": منسوب إلى عبد الدار.
ومن ثم نستطيع اختصار جمل كاملة في مفردات تفي بالغرض من الكلام المنحوت منه.
مثل: " سبحل "، " مشأل "، " طلبق "، بسمل "، "حوقل"؛ فكل من هذه المفردات يحل محل الجملة المنحوت منها تماما.
(زاوية الاستعمال)
وهذه الزاوية وحدها مدعاة للإطلال منها على على جمال الكلمة المفردة؛ فقد عالجها العلماء والنقاد، بحيث عبدوا الطريق أمام من يؤثر الحسن، ويحرص على البلاغة بلا افتعال.
وجهود علماء البلاغة في التصدي للكلمة المفردة تكشف عن حس دقق بما تتطلبه الأساليب الناصعة في البيان عما في النفس من جهة، ومخاطبة المتلقي بلا تعمل أو إجهاد من جهة أخرى.
وقد يكون على مقربة من هذا الذي نؤمه، سؤال كثيرا ما يتردد في الأوساط الأدبية.
هل للأدب – والشعر بصفة خاصة – ألفاظ مخصوصة؟
وتوشك الإجابة المتسقة مع طبيعة البيان العربي أن تنفي اختصاص الإبداع الأدبي بألفاظ محددة؛ فليس ثَم َّ ألفاظ شعرية وأخرى غير شعرية؛ لأن مدار الإبداع متمثل في كيفية توظيف المدع ألفاظه توظيفا يقع في نفس المتلقي موقعه من نفس المبدع نفسه.
فلفظة " الطين " قد تكون سمجة في كثير من التعابير الأدبية، ولكن أبا ماضي يحيلها لفظة شعرية بل شاعرية حين يقول:
نسي الطين ساعة أنه طين حقير؛ فصال تيها وعربد
وكسا الخزُّ جسمه، فتباهى وحوى المالَ كيسُه، فتمرد
وبالمثل لفظة الزيت التي ربما تكون سببا في الغثيان لدى بعض من عندهم حساسية مفرطة حيال إيحاء الألفاظ، لكن بشارا يحيلها تاجا شعريا حين يقول:
ربابة ربة البيت تكب الخل في الزيت
لها عشر دجاجات وديك حسن الصوت
ويجعل مثل هذا الشعر عند ربابة أحسن وقعا من معلقة امريء القيس الشهيرة.
وحين نسمع لفظة " قط " في قول الشاعر:
من ذا الذي ما ساء قط؟ ومن له الحسنى فقط؟
لا نجد غضاضة في تقبل قط وفقط لفظتين شعريتين موحيتين بالتفي الموميء إلى أن لكل منا هفواته وزلاته.
وقد وفى شويخ البلاغة الأجلاء الكلام حول تنافر الحروف في اللفظ المفرد، وكونه مأنوسا، أو مهجورا، أو غريبا على الأذن بل على الذائقة العربية التي تميل إلى السلاسة والسلامة معا.
على أن من البارعين من أحرز تمكنا في الإحاطة بالغريب، ليس للتقعر في البيان، ولا لاستعراض العضلات اللغوية في المفردات، بل للتدليل – فيما نحسب – على أن الإحاطة بالغريب المهجور لا تعني الاستئناس باستعماله.
ففي مقدمة القاموس المحيط إشارة إلى تمكن الفيروزآبادي من غريب اللغة بصورة معجبة.
فقد حكي عن الإمام علي (رضي الله عنه) أنه قال لكاتبه:
" ألصق روانفك بالجبوب، وخذ المزبر بشناترك، واحعل حندورتيك إلى قيهلي؛ حتى لاأنغي نغية إلا أودعتها بحماطة جلجلانك "
ولما سئل الفيرزآبادي عن تفسير كلام الإمام، قال من فوره:
" ألزق عضرطك بالصلة، وخذ المسطر بأباخسك، واجعل جحمتيك إلى أثعباني؛ حتى لاأنبس نبسة إلا وعيتها في لمظة رباطك ".
ومثل هذا ما حدث مع أبي علقمة النحوي؛ إذ قال لفتاه يوما:
" ياغلام، أصعقت العتاريف؟ فقال الغلام: " زقفيلم " أو: " قفزيلم " فقال له أبو علقمة: ما ذا قلت؟
فسأله الغلام عن مقصده من سؤاله، فقال أبو علقمة: أردي بسؤالي: أصاحت الديكة؟ فقال الغلام: وأنا أردت: لم تصح!
ـ[محمد سعد]ــــــــ[21 - 01 - 2008, 06:42 م]ـ
أمتعتنا د. حسن بما قدمت من جمالية اللغة العربية في المفردة الواحدة نفعنا اللله بعلمك
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[21 - 01 - 2008, 06:58 م]ـ
ماشاء الله، تبارك الله، يادكتور ..
دخلت لغويا وأوغلت نحويا، وخرجت صرفيا
بارك الله لنا فيك ..
ـ[د. حسان الشناوي]ــــــــ[22 - 01 - 2008, 09:09 ص]ـ
أخي الكريم
أ. محمد سعد
شكر الله لك وجزاك كل الخير؛ فما زال مثلي يتحرق شوقا إلى الإفادة من أهل العلم، وفي الفصيح كبار منهم، أسأل الله أن يبارك لنا فيهم.
تقديري وعرفاني.
ـ[د. حسان الشناوي]ــــــــ[22 - 01 - 2008, 09:12 ص]ـ
أستاذي الكبير
أ. رائد. ع
حنانيك سيدي الكريم؛ فمثلي لايقوى على واحدة من ثلاثية التكريم التي طوقتني بها، بالرغم من حبي ا للنحو والصرف حبا أفخر به، معترفا بتقصيري الشديد في حق فصحانا الشريفة.
وحسبي أن أكون في رياض الفصيح عصفورا، يتعلم التغريد.
امتناني وعرفاني.