[حقائق لغوية (1) عن البنيوية]
ـ[حمدي كوكب]ــــــــ[30 - 04 - 2008, 02:36 ص]ـ
البنيوية ... البنوية ... البنائية؟
الغالبية العظمى تستخدم لفظة (البنيوية)؛ وهو خطأً صرفي في النسب إلى المدرسة البنائية Structuralism وفي الحقيقة نحن نؤمن بالمقولة المشهورة (لا مشاحة في الاصطلاح، ولا مشاحّة في الأسامي) فالاصطلاح مباح لا مشاحة فيه، ولكن نحب أن نقف على الصواب فقط والإشارة إليه.
وهناك عدد من الكتب التي عنونت باستخدام لفظ (البنيوية) منها (جدلية الخفاء والتجلي، دراسة بنيوية في الشعر) كمال أبو ديب، دار العلم للملايين بيروت الطبعة الثالثة 1984، ومنها كتاب الدكتور عبد العزيز حمودة: (المرايا المحدبة: من البنيوية إلى التفكيك) الذي أصدرته سلسلة (عالم المعرفة) الكويتية، في العدد (232)، الذي صدر في ذي الحجة 1418هـ إبريل 1998م.
يقول الدكتور كمال بشر في كتابه (التفكير اللغوي بين القديم والحديث، مكتبة الناشر، المنيرة، مصر ص 46، 47) أن: اللغويين العرب جرت عادتهم على استعمال الصيغة (بنيوي) بنون ساكنة بعدها ياء مفتوحة فواو، نسبة إلى " بنية "، وصاغوا منها المصدر الصناعي " بنيوية " على ذات المنوال، وهو خطأ مشهور وقع فيه علماء اللغة أنفسهم.
ويقول أيضاً: والصحيح " بنْيي و بنْيييه: بنون ساكنة بعدها ثلاث ياءات ". أ و " بنَوِي، وبنَوِية " بنون مفتوحة فواو مكسورة بدون ياء؛ إذ قلبت هذه الياء واواً. كما في: قرية، فالنسب إليها: " قرْيّي " أو " قروي ".
وأشار الدكتور كمال بشر في هذه المسألة إلى قول سيبويه في هذا الباب الذي سماه باب الإضافة إلى كل اسم آخره ياء وكان الحرف الذي قبل الياء ساكناً، وما كان آخره واواً وكان الحرف الذي قبل الواو ساكناً، وذلك نحو ظبي، ورمي وغزو. نقول: ظبييّ، ورميي، وغزوي، ولا تغير الياء ولا الواو في هذا الباب لأنه حرف جرى مجرى غير المعتل.
فإذا جاءت هاء التأنيث بعد هذه الياءات فهناك من يقول في: رمية رمييّ، وظبية ظبيي، ودمية دميي، وفتية فتيي. وكذلك بنية. وهذا هو القياس.
وأما يونس فكان يقول: ظبية ظبوي، دمية دموي، فتية فتوي، وعلى هذا جاءت بنية بنوي.
ويؤثر الدكتور كمال بشر استخدام مصطلحي (التركيبي، التركيبية) على مصطلحات (البنائي، البنائية، البنوي، البنوية).
وهذا المصطلح يعني دراسة اللغة أو النظر في وحداتها وعناصرها في تراكيب، مع الأخذ في الحسبان ما بين هذه الوحدات والعناصر من علاقات وارتباطات على نحو يحيلها إلى كل متكامل.
ويقول أن المصطلحين (بنائي، بنائية) أولى وأقرب إلى الصحة من (بنوي، بنوية) وإن كان الأخيران أشهر وأكثر استعمالاً.
ويرى الدكتور كمال بشر أنه لا مانع من استخدامهما (بنوي، بنوية) ولكن بعد تصحيح صيغتهما، فعلينا أن نذكر الصواب والخطأ، والأكثر استعمالاً، وبيان الصحة للمصطلح والاتفاق عليه، ومن ثم لا مشاحة في الاصطلاح.
وعلى ذلك فصيغة (بنوي، بنوية) أصح من صيغة (بنيوي، بنيوية)
وعليه فإن المصطلح مستخدم خطاً، والصواب هو (بنوية، أو بنائية) وقد ظهرت هذه النظرية في القرن العشرين على يد دي سوسير رائد الأفكار اللغوية. .
والبنوية Structuralism : عند لوسيان جولدمان (1913 - 1970) وهو فرنسي من أصل روماني قد حددها على أنها المنهج الذي يحلل النص الأدبي بوصفه بنية إبداعية تخبئ تحتها بنية اجتماعية.
وقد عرف العرب هذا المنهج الذي يحلل النص الأدبي بصفة بنية إبداعية، فقد شبه ابن المقفع (المتوفى 142هـ) النص بالذهب، وشبه الأسلوب بالصياغة، وهو الرأي الذي قبله وعمل به الجاحظ (المتوفى 255هـ) فيما بعد.
وإذا كانت البنوية لها رجالاتها فأيضاً لها هادموها والذين نادوا بإسقاطها، فقد ثارت بعض المناهج ضد البنوية مما دعى بعض علماء اللغة الأجانب إلى نفي شبهة البنوية عن أنفسهم منهم لوي التوسير (1918 - 1990) وميشيل فوكو (1926 - 1984) حيث رأى البعض أن تفكيك النص وإعادة قراءته بعيداً عن تأثير الواقع الاجتماعي والفكري الذي أنتجه يعد هدماً لنبض الواقع وحيوية اللفظ.