(هما نفثا في في من فمويهما ... ) فجمع بين الميم والواو وهي عوض منها فكذلك ههنا فاعرفه تصب ان شاء الله تعالى.
وقال القرطبي في تفسيره
واختلف أهل العربية في نصب"ميم""اللهم"، وهو منادًى، وحكم المنادى المفرد غير المضافِ الرفعُ وفي دخول"الميم" فيه، وهو في الأصل"الله" بغير"ميم".
فقال بعضهم: إنما زيدت فيه"الميمان"، لأنه لا ينادى بـ"يا" كما ينادى الأسماء التي لا"ألف" فيها ولا"لام". وذلك أن الأسماء التي لا"ألف" ولا"لام" فيها تنادى بـ"يا" كقول القائل:"يا زيد، ويا عمرو". قال: فجعلت"الميم" فيه خلفًا من"يا"، كما قالوا:"فم، وابنم، وهم، وزُرْقُم، (1) وُسْتهُم"، (2) وما أشبه ذلك من الأسماء والنعوت التي يحذف منها الحرف، ثم يبدل مكانه"ميم". قال: فكذلك حذفت من"اللهم""يا" التي ينادى بها الأسماء التي على ما وصفنا، وجعلت"الميم" خلفًا منها في آخر الاسم.
وأنكر ذلك من قولهم آخرون، وقالوا: قد سمعنا العرب تنادي:"اللهم" بـ"يا" كما تناديه ولا"ميم" فيه. قالوا: فلو كان الذي قال هذا القولَ مصيبًا في دعواه، لم تدخل العربُ"يا"، وقد جاءوا بالخلف منها. وأنشدوا في ذلك سماعًا من العرب:
وَمَا عَلَيْكِ أَنْ تَقُولِي كُلَّمَا ... صَلَّيْتِ أَوْ كَبَّرتِ يَا أَللَّهُمَا ارْدُدْ عَلَيْنَا شَيْخَنَا مُسَلَّمَا
ويُرْوَى:"سبَّحت أو كبَّرت". قالوا: ولم نر العرب زَادت مثل هذه"الميم" إلا مخففة في نواقص الأسماء مثل:"الفم، وابنم، وهم"، (3) قالوا: ونحن نرى أنها كلمة ضُمّ إليها"أمَّ"، بمعنى:"يا ألله أمَّنا بخير"، فكثرت في الكلام فاختلطت به. قالوا: فالضمة التي في"الهاء" من همزة"أم"، لما تركت انتقلت إلى ما قبلها. قالوا: ونرى أن قول العرب:"هلم إلينا"، مثلها. إنما كان"هلم"،"هل" ضم إليها"أمّ"، فتركت على نصبها. قالوا: من العرب من يقول إذا طرح"الميم":"يا اللهُ اغفر لي" و"يا أللهُ اغفر لي"، بهمز"الألف" من"الله" مرة، ووصلها أخرى، فمن حذفها أجراها على أصلها، لأنها"ألف ولام"، مثل"الألف واللام" اللتين يدخلان في الأسماء المعارف زائدتين. ومن همزها توهم أنها من الحرف،
إذ كانت لا تسقط منه ...
ويقول ابن عاشور في التحرير والتنوير
و {اللهم} في كلام العرب خاص بنداء الله تعالى في الدعاء، ومعناه يا الله. ولما كثر حذف حرف النداء معه قال النحاة: إنّ الميم عوض من حرف النداء يريدون أنّ لحاق الميم باسم الله في هذه الكلمة لما لم يقع إلاّ عند إرادة الدعاء صار غنيّاً عن جلب حرف النداء اختصاراً، وليس المراد أنّ الميم تفيد النداء. والظاهر أنّ الميم علامة تنوين في اللغة المنقول منها كلمة (اللَّهم) من عبرانية أو قحطانية وأنّ أصلها لاَ هُم مرداف إله.ويدل على هذا أنّ العرب نطقوا به هكذا في غير النداء كقول الأعشى
: ... كدعوةٍ من أبي رباح
يَسْمَعُها اللهُم الكبير ... وأنّهم نطقوا به كذلك مع النداء كقولِ أبي خراش الهذلي
: ... إنِّي إذا ما حَدَتٌ ألَمَّا
أقُول يا اللهُمّ يا اللهُمّا ... وأنّهم يقولون يا الله كثيراً. وقال جمهور النحاة: إنّ الميم عوض عن حرف النداء المحذوف وإنّه تعويض غير قياسي: وإنّ ما وقع على خلاف ذلك شذوذ. وزعم الفراء أنّ اللهم مختزل من اسم الجلالة وجملة أصلها «يا الله أمّ» أي أقبل علينا بخير، وكل ذلك تكلّف لا دليل عليه.
ويقول الرازي في تفسيره
اختلف النحويون في قوله {اللهم} فقال الخليل وسيبويه {اللهم} معناه: يا الله، والميم المشددة عوض من يا، وقال الفرّاء: كان أصلها، يا الله أم بخير: فلما كثر في الكلام حذفوا حرف النداء، وحذفوا الهمزة من: أم، فصار {اللهم} ونظيره قول العرب: هلم، والأصل: هل، فضم: أم إليها، حجة الأولين على فساد قول الفرّاء وجوه الأول: لو كان الأمر على ما قاله الفراء لما صحّ أن يقال: اللّهم افعل كذا إلا بحرف العطف، لأن التقدير: يا الله أمنا واغفر لنا، ولم نجد أحداً يذكر هذا الحرف العاطف والثاني: وهو حجة الزجاج أنه لو كان الأمر كما قال، لجاز أن يتكلم به على أصله، فيقال (الله أم) كما يقال (ويلم) ثم يتكلم به على الأصل فيقال (وَيْلٌ أُمُّهُ) الثالث: لو كان الأمر على ما قاله الفراء لكان حرف النداء محذوفاً، فكان يجوز أن يقال: يا اللّهم، فلما لم
¥