تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكنتُ أقولُ:

فلأَمضِ ,

على كتفي يحطُّ رجاءْ

أوزُّعُهُ غيوماً لا نجوماً

أو أُلوِّنُهُ على كفّي أوانيَ ماءْ

ولمّا تمَّ لي هذا

وقد بَدَتْ الرُبى بمياهِها إلاّ خريرْ!

وعند شفا حوافيها

تشاجرتِ المناقيرْ

وقد حُفَّتْ بأمهارٍ

رَضيتُ خريرَها دوّامةَ الخطوِ

وكنتُ جزائراً أطوي

مُفَكِّرتي تُشير الى الصِّبا

قد شابَ بين الأهلِ والآباءْ!

وأكداسٍ من الأصحابِ والرُفَقاءْ!

وأرضٌ سارَ مركبُها على موجٍ من الغاباتْ

ومجنونٌ يبادلُ عاشقاً

عَقلاً مُقابلَ قُبّراتْ!

مجانينُ احتفوا بالعُرْس

لكنْ مَهْرُهم نكباتْ!

وكنتُ أقولُ:

ليس يضيرُني زعلُ الصديقْ

فلي كأسي

وذاكرتي المُدمّاةُ الجناحِ

ولي أحابيلي

ولي وجهي الصفيقْ!

ولي بَلُّ الصدى العَطِرِ

وكلُّ مَجَّرةٍ هبطتْ الى القيعانِِ ,

أسفلَ قَطْرةِ المطرِ!

وقَََنصٌ من خطايا

مَدَّها في سِكَّتي

مُسْتَوحَشُ العصرِ

وعند نهايةِ التطواف

عُدتُ مُسائِلاً عمري

عن المغزى

عن المعنى

وعن أبياتِ أبي ماضٍ

ومِن قَبْلُ اشتعالاتِ المَعَرّي

فَرَدَّ العمرُ:

لا أدري!

**********

أبكيك كي تزعل

************

أبكيكَ كي تزعلْ!

وإذا زعلتَ فدمعُكَ الأنبلْ

أبكيكَ كيلا تشتكي

انا أستفزُّكَ حينما أبكيكَ

فِعلي قاتلٌ

أدري به

لكنَّ فعلَ المُشتكى أَقتَلْ

يا انتَ فاستبقي اللآليءَ في ذُراكَ

ونجمُك الأعماقُ

يشهق بالبريقِ

فليس بحراً مُغْرِقاً ما لا يُحلِّقُ في البروجِ

وليس طيراً باشقاً ما لا يموجُ

وحَقِّ هَمِّكَ

ذاك هَمّي

حينما تسألْ

ستكون إذّاكَ الأَرَقَّ

وضحكُكَ الأنقى

والى ضُحاكَ تعود أشعاري ,

بلهيبِها

او ركبِها الساري

وما أبقى!

أنا هكذا قد علَّمَتْني آيةُ الآلامِ

أمَا أنتَ فالوطنُ

واليومَ كيف وكيف يا جَناتُ ,

بعضُ رحيقِها عَدَنُ

إنْ زاركَ الأحبابُ والوَسَنُ؟!

او هذه الغاباتُ قاطبةً

ماذا ترى لو صرتَ أَبْحُرَها

وعلى مياهكَ تلتقي الأسماكُ والفَنَنُ!؟

او جئتَ بالأشياء من شيءٍ ولا شَيِِّ!

او صرتَ مَهوى كلِّ أفئدةٍ

وطوارقِ الأضيافِ

من قيسٍ ومن طَيِِّ!؟

او إنْ رأتكَ

فَحَطََّتِ الركبانُ عند رُباكَ وانحرفتْ

والقصْدُ كان بلوغَ نَيسابورَ والرّيِِّ!

ما نفعُ مزرعةِ الهوى

وثمارُها ليست سوى دوّامةِ الوَعيِ؟

او زاركَ المجنونُ

يسألهُ ذوو الرأيِ؟!

أنا لا أعيذكَ من جنونٍ كالقضاءِ

وإنما

من هجمةِ العُقلاءِ!

حيث الحُبُّ مُحتَرَفُ الجنونِ

ومَصْنَعُ الموتى الكِبارِ ورفْدُهم

والحُبُّ إرثٌ دائمٌ للمَيْتِ لا الحَيِِّ!

أنا كي يُجازَ لي الحديثُ عن اصطبارِكَ ساعةً

لا بدّ لي في البَدء من لَمِّ الشموسِ ونَثْرِها

فوق العراق سعيدةً

بالكَرْمِ والرَيحان والفَيِِّ!

****************

مولد الغريب في أبي غريب! (*)

*********************

الى: جبران خليل


ضروبُ الفنونِ
رِهانُ البقاءْ
ولكنْ فَدَتْكَ الرهاناتُ
أيُّ نهارٍ وأيُّ هباءْ!
وأيَّ جَمالٍ تُشيعُ الغيومُ إذا أمطرتْ ورَبَتْ ذكرياتٌ
وأيُّ ربيعٍ عميقِ الشتاءْ!
مولدي ذاكَ يوميءُ لي حاسرَ القلبِ
من فوق رابيةٍ
والليالي الصغيرةُ مثل الجِداءْ!
إنها بعضُ ذاكرةِ الطفلِ
أسكبُها كاللحونِ انتظاراً شفيفاً
ولكن لِمَنْ؟
لا يهمُّ
فإنْ يحضرِ الطفلُ في خاطري فالجميعُ سَواءْ!
وإذّاكَ أَغفلُ أمري
وأهمسُ في أُذنِ صدري
هنيئاً لقلبي شذىً لا يدومْ
لعمرٍ وجيزِ الغيومْ!
شموعٌ أمامي تميسُ بمُتعهْ
وسربُ بلابلَ من آخر الأرضِ يُقبلُ ,
يَفتحُ نافذتي ليحطَّ على عِذْقِ شمعهْ!
كأني تَرَهْبَنْتُ جيلاً
وما عاد في باحتي غيرُ هذا الصليبْ
وبعضِ صغارِ الخنازيرِ تتبعني ثمَّ أتبعها
وألوِّنُها كيفما شئتُ مُستأنِساً
فهي صفراءُ حيناً وزرقاءُ حيناً
وحمراءُ داكنةٌ كالزبيبْ!
وحيناً على العكسِ
فهي تُلَوِّنني إنما بابتهاج الحقولِ
فَجَنْبي خريرٌ وفوقي نَثيثْ
وأحسُّ بأنْ ليس للأفقِ من زائرٍ
ما خلا خطواتِ المَحاريثْ
لمْ تكنْ صُدفَةً أنْ وُلِدْتُ كما البعض في قريةٍ ,
قريتي
سطحُها ساكنٌ
ودواخِلُها مَرْكبٌ يتحرَّكُ دَوماً
فَهَبْني إذاً أَحتفي بالخَفيِّ الذي لا يُقاوَمُ ,
أتَّبِعُ الريحَ حتى تغيبْ
وأدعو الذُرى
وكَمَنْ يَشْرَئِبُّ من السجنِ , سجنِ أبي غريبْ
أُشيرُ كذا بيدي
وأقول: هناك ترعرَعتُ حيث الحُبارى
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير