[ما رأيكم دام فضلكم]
ـ[عبدالحكيم ياسين]ــــــــ[27 - 09 - 2007, 10:06 م]ـ
مرحبا .. هذا .. رأيي
أتوجه إليك أيها الأديب بكل حب لأعبر عن رأي يتناول
نظرتي إلى الأدب باختصار ..
أحب الجمال وأراه في رمزية حمالة للوجوه بألفاظ عذبة نبيلة .. وأراه
في حركة المعاني نحو المشترك الإنساني دون إدعاء باحتكار الحقيقة .. ولكن
في نفس الوقت دون تكلف ومجاملة تهدر وقت القارىء .. وأرى أن الأديب
وعاء ثقافي سينضح دائماً بخلاصة قراءاته وتجاربه الشخصية .. ولأن المطالعات
تختلف والتجارب لا تتطابق فإن الاختلاف أمر طبيعي .. ويبقى التوافق
هدفاً أسعى إليه .. ويحدوني الأمل دائماً لأصل إلى المشتركات مع الاخرين
.. وأثق بأثر الكلمة الطيبة كثيراً .. فإذا قلت لزارع الأشواك سلمت يداك
لأنك لم تدس أزهاري ولم تهدر أنهاري فأنا لم أرد شكره على زراعة مازرع
ولكنني عبرت له عن حبي للأزهار وعن حرصي على مياه الأنهار
فإذا قال له قائل:كسر الله يديك .. وكان كلامه أنفع وأنجع اعترفت
له بالفضل .. ولكن إن أدى ذلك إلى نتائج أسوأ من زراعة الشوك
ناصحت ذلك القائل ودعوته إلى إعادة النظر في أسلوبه فإذا شتمني
أنا أيضاً واتهمني بالخوف والجبن لزمت الصمت وأعرضت عنه لأن
الكلمة هي أداة الأدب لا العصا والحجر .. اللتان لا يحسن أن ترفعا
في وجه الصديق أو الأخ المحب الشفيق كلما ظننا أنه قد زل أو ضل الطريق ..
وبعيداً عن التشنج وسوء الظن أحب أن يتحرك الكاتب والقارىء ..
فمن دون مساحة كافية من التسامح والصبر لن يتيسر لأحد أن يرى
المشهد الذي أراد أحد اخر رسمه كاملاً .. بل ستراه ناقصاً لأنك منعت
الاخر من إتمامه .. وقد تقع -و قد أفعل أنا- في فخ قولبة وتنميط الاخر
في الأوعية الأيديولوجية المعروفة .. كأن تصفه بالرجعية أو التقدمية
أو اليمينية أو اليسارية من خلال جزء ضئيل من نتاجه الأدبي ..
فالأديب قد يستلهم من الماضي ليعبر عن رؤى متطورة .. وقد يقرأ
الحاضر قراءة مستقبلية مبدعة .. واسم الأديب لا يرفع النص ولا يخفضه
لأن الإبداع متجدد والسقوط محتمل .. والأدب الذي يتمتع بالقدرة
على الوصول إلى الأذهان بوضوح مع حفاظه على الجمال والاستمرارية
هو أدب راق خصوصاً إذا كان لا يفقدهما بترجمته إلى لغات أخرى ...
والان قارئي العزيز .. ماذا يعني كل ذلك .. ؟
يعني أن الأدب ليس كلاماً عادياً.
بل هو أسلوب في التعبير اللغوي يحمل أفكاراً واراء تستقرىء المشترك
الإنساني من أرضية جرى إعدادها قبل أن تكون كاتبة لأن تكون قارئة ..
فالذي لا يقرأ لن يكتسب مهارات الفهم والنقد والتحليل والمقارنة .. وهذه
المهارات تتراكم وتفيض ذات يوم على شكل كتابات .. وسيظل هناك
تنوع في الأساليب وتنوع في الأفكار ولكن العامل المشترك في رأيي بين كل
النصوص الأدبية الراقية هو الجمال والفائدة والاستمراريةعبرالعصور
والعالمية والفاعليةوالتركيز على الأولويات .. وأنا هنا أرسم معالم
مدرستي الأدبية ولا أضع قواعد للأدب .. أعبر عن رؤيتي غير الملزمة
لمن يرى غيرها ولكنني أطمح من تسجيل تلك الرؤية إلى ترسيخ خط
أدبي ينطلق مما سجلته ثم يتطور عبر الزمن مستنداً إلى الأسس التي
اقترحتها أنا هنا وهي بالتفصيل:
1 - الشكل الجميل الجذاب السهل الفهم في أحدوجوهه .. والذي يضمن
النفاذ إلى القلوب والعقول بأقل عدد ممكن من الكلمات .. ولأكبر شريحة
من الناس ..
2 - المضمون النبيل المفيد المستند الى المشترك الأخلاقي الإنساني والذي
لا يتنكر للقيم السامية التي تدعو إليها النصوص المقدسة ولا يبيح تحت أية
ذريعة الإضرار لا بالفرد ولا بالمجتمع ..
3 - التركيز على القضايا المهمة والملحة التي تعني أكبر شريحة ممكنة من الناس.
4 - الاستمرارية عبر العصور أو لأطول فترة ممكنة ..
5 - الفاعلية: أي إحداث أكبرتأثير ممكن في المجتمع وهذا التأثيرله محورين:
-محور تشخيص الواقع بصدق وحيادية لتفسير وفهم مايجري فيه.
-محوراقتراح الحلول لمشاكله والتحذير من الأخطار التي تزحف ولم تصل بعد.
6 - العملية: أي صلاحية النص الأدبي للانتشار بكل الوسائل المتاحة
فالشعر للإنشاد والقصة للسينما ... الخ
7 - المقبولية: أن يكون النص جاذباً للشرائح التي وجه إليها أو لشرائح
تلقفته باهتمام .. فإن لم يحظ النص باهتمام أحد فالأفضل تعديله ..
8 - البعد عن الإساءة للأشخاص ما أمكن وذلك لترك باب التوبة مفتوحاً
أمام المخطئين والمقصرين للعودة إلى الطريق الصحيح .. وتوجيه النقد
إلى السلوك لا إلى صاحبه .. والاعتدال في القول .. لأن الكاتب قد يكون
مخطئاً في الحكم والفهم .. والكتابات الأدبية ليست فتاوى شرعية وليست
قوانين فيزياء .. بل هي رؤى مرحلية ... المبدع منها ما يدوم أكثر ..
9 - السخرية من القبح فقط ومن السلوكيات الضارة وليس من الأشخاص ..
بهدف ترويض ذهن القاريء وإدخال السرور إلى نفسه ..
10 - البعد عن البذاءات اللفظية والفكرية والترفع عن اختيار المواضيع
التي تهون من الخطيئة وتضخم انتشارها ..
وهكذا عزيزي القاريء نكون قد سلطنا الضوء على رؤيتنا للأدب ..
فما هو التقليد الأعمى في نظرنا .. ؟ هو استيراد الأشكال دون دراية
بالمضامين ....
أو استيراد المضامين والأشكال التي لا تخدم قضايا ومصالح الأمة ..
والتقليد فطري في كثير من المخلوقات .. وتزداد الدافعية للتقليد
عندما تنطلق من الأدنى إلى الأعلى .. وإلى لقاء ..