[قصة لها بقية-للكاتب عبدالحكيم ياسين]
ـ[عبدالحكيم ياسين]ــــــــ[22 - 09 - 2007, 01:24 م]ـ
عظة الجد 1
وقف الفأر العجوز يعظ .. قال للفئران المتزاحمة حوله:-وصيتي لكم يا أبنائي
ألا تحملوا أطايب الطعام الى جحوركم دون تغطيتها بعناية لئلا يراها جيرانكم
المحرومون فيؤلمهم ذلك ....
سأله فأر أمخط شرود:-ولماذا يؤلمهم ما يسرنا؟
قال العجوز:-ذلك يعتمد على مبدأ الاثارة الحسية ..... انكم تعرضون عليهم
ما يثير لد يهم دافع الجوع فلا يجدون ما يسكته وسواء أحسدوكم أم غبطوكم
فهم قد أثيروا وتألموا فلا تفعلوا وفقكم الله ...
قال الأمخط:-هل تعظهم بغض أبصارهم عما جنيناه بكدنا وتعبنا أيها الجد الطيب
قال العجوز:- بلى يابني ان عليهم أن يتعففوا ويغضوا أبصارهم عما لا يمكن
تقاسمه بين الجميع .. وكذلك أنتم ... ولكن عرض المثيرات غير جائز ...
قال فأرشرير كثير الحراك:-ألا يمكن استخدام ذلك كسلاح وكوسيلة للعقاب
نعرض ما يثير ثم لا نسمح باشباع الحاجة ...
قال العجوزوهو يمد يده الى نظارته المذهبة ويركزها على أنفه:- ربما .....
قال الشرير هامساً:- يا لها من نظارة ليت عندي مثلها .....
ثم نظر الى الكرسي الهزاز الذي يجلس عليه الجد والى العصا المفضضة
التي يحملها وشعر بمرارة من نوع ما ... ولم يستطع غض بصره عن تلك الاشياء.
يتبع ......
عظة الجد2
مات الجد الواعظ ... وهاهم الاولاد يجتمعون ويتهامسون ويبدو أن أمراً ما قد حدث
قال أحدهم:لم نكد نواري جدنا التراب حتى سارع (طحبوش) الى مخالفة اخر عظاته ..
قال اخر:انها جرأة عظيمة واساءة لا يجوز أن تمر دون عقاب ... قال الاول: تصوروا
ياجماعة طعاما لذيذ ا يتصاعد منه البخار يمر به ذلك الطحبوش من أول الشارع حتى
اخره دون غطاء وبلا ستار محركاً غريزة الجوع ومفجراًالرغبة بالطعام في النفوس ..
قال فأريقف في الظلام: يجب محاصرة منزله حتى يموت من الجوع .. صمت القوم وقد
فوجئوا بالشعار الخارج من العتمة ... همس بعضهم: كنا نظن أننا جئنا لمعاتبة أخ نحبه
صاح صوت اخر بعيد وخفي:ماذا ماذا؟؟ هل خفتم منه ... هل هددكم أحد ما بسوء
اذا عاقبتم المجرم؟ ان فقأ العيون لعقاب قليل على من يستعرض أطايب الطعام على
العيون الجائعة .... تقيأ أحد الحاضرين وسقط على الأرض وظهرت علائم الفزع
على الحاضرين .... وفجأة .. ظهر طحبوش وصاح: مرحباً أيها الأحباب .. لقد جئت
أدعوكم الى طعام برعت في اعداده اسمه (المامونية) يستحب أكله بارداً وقد سهرت
طيلة ليل البارحة أقطعها الى قطع بعددكم وأرجو الا أكون قد نسيت أحداً ... ابتسم
أكثر الواقفين وتنفسوا الصعداء .. بينما همس عشاق الاثارة:تباً له يظن أننا جئنا
نأكل قطعة حلوى ...
يتبع
عظة الجد3
في اليوم التالي وقف (طحبوش) وسط الفئران وقال: أنا عاتب على نفسي وعليكم يا اخوتي ..
ترددت تساؤلات حارة وأخرى باردة من جهات مختلفة قائلة:لماذا؟ لماذا؟ قال (طحبوش):
عاتب على نفسي لأنني بليد وانفعالي .. ولا أدقق في سلوكي كفاية .. وعاتب عليكم لأنكم أخذتم
بجزء من عظة جدي وتركتم أجزاءأخرى .. صاح الجميع:هل فعلنا؟ قال (طحبوش):قبل كل
شيء تذكروا أن الجد كان يقرأ كثيراً وينسى بعض الأشياء
ويعتذر ويتراجع .. أما أنتم أيها الأحبة
فقد اجتمعتم تتدارسون زلتي وتذيعونها على الملأ وأنتم تعلمون
أنني أخجل من كل زلة وأندم عليها
ولم يناصحني أي واحد منكم سراً ولم يحذرني لأتدارك الأمر .. قال معظمهم:سامحنا سامحنا ..
قال (طحبوش):انما أردت أن تكون لنا عبرة فيما جرى .. قام فار مسن
وقال ضاحكاً:في المرة القادمة
عليك أن تكون أكثر حذراً ولا تعول كثيراً على العبر فما أكثرها
وما أقل من يعتبر بها .. وقد لا تسلم في كل
مرة .. قال (طحبوش):في المرة القادمة سيكون هناك هر
جائع لا تهمه عظة الجد .. وان لم نلتفت
اليه خالفناها من جديد ..
يتبع
عظة الجد-4
فأر أخضر اللون .. ولد للتو .. اجتمعت الفئران لتشاهد الأعجوبة
... قال أحدها: هذه مأثرة .. مفخرة .. عددنا أصبح كبيراً .. وألواننا
هي الأرقى .. قال اخر: أحيطو هذا الأخضربكل رعاية .. فإني قد
رأيت في المنام شجرة عظيمة تنبت في أرضنا .. أوراقها من خبز
وجذعها من جبن .. قال طحبوش: يا للفأر الجميل .. أحسنوا تربيته ..
وفقكم الله ... وهكذا أحيط الفأر بكل التكريم والتدليل .. وظفر بكل اهتمام
¥