[قراءة في قصيدة بلبل الدوح للشاعر سعد مردف عمار]
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[03 - 10 - 2007, 12:07 ص]ـ
وشاعرنا سعد مردف عمار من أبناء مغربنا العربي وكم أتحفنا مغربنا بشعراء كسروا حواجز الزمن واحتفظوا بالأصالة العربية.
شاعرنا لديه كل ما يحتاجه الشاعر من موهبة إلى وفرة في المفردات اللغوية إلى قدرة على الاشتقاق وتوظيف ما يشتقه لخدمة المعنى , كما نرى في قصيدته بلبل الدوح
قصيدة قوية بدأت باستفهام يجر استفهاما
متَى يُشَنفُ هَذَا الغُصنَ تَغرِيدُ؟
مالِي أراكَ تجوبُ الأفقَ مبتعدًا ??? وَمِلءُ جَفنَيكَ يَا ابنَ الروضِ تسهِيدُ؟
ألستَ مَن عَلَّمَ الأطيارَ شاديَةً ??? أغَانِيَ الفَجرِ مَا لاَحَت ْمواعِيدُ؟
وتسبق العاطفة في البيت الثالث مستغلة تريث الإلهام فجاء قوله ألستَ مَن عَلَّمَ الأطيارَ شاديَةً ??? أغَانِيَ الفَجرِ مَا لاَحَت ْمواعِيدُ؟
وهناـ كما أرى ـ لم يوفق الشاعر في إيصال حقيقة تعليم شاعره المسلم العربي والذي رمز له ببلبل الدوح لبقية الشعراء (شعراء اليوم) أو كما رمز لهم الشاعر بالأطيار
من وجه تساءل باستفهام تقريري تعجبي توبيخي إنكاري لبلبله: ألست من علم الأطيار؟ شادية؟ وجعل تلامذة الأطيار شادية وبلبل شاعرنا يعلمها فكيف تعلم الغناء من كان أصلا يغني؟
والمخرج أن المعنى ألست من علم الأطيار أن تشدو
ومن وجه آخر لم يوفق في إفادة الاستمرار بقوله ما لاحت مواعيد فلاحت تبين ندرة المواعيد
وما زال يسأل ويستفسر بطريقة شائقة فهل جف نبع قوافيك أم هل عزفت عنك الأناشيد؟ إلى أن يقول:
أم ْعضّكَ اليَأسُ مما هَاجَ هاتِنَنَا ??? مِن نَائباتٍ لهَا فِي الصَّدرِ تنهِيدُ
فيقف القارئ أمام نصب هاتننا فهل حذف النداء قبل هاتننا ليعرف أن الشاعر شبه بلبله بالمطر هتانا؟ أم استعلى فاعل (هاج) وأبى إلا استيفاء مفعوله ليصبح المعنى:أم عضك اليأس مما هاج أعيننا؟ بعد تشبيه العين بهتان المطر؟
أم هَل ذَوت ْنَغَمَاتٌ منكَ ناعِمَةٌ ??? أم ْصوَّحَت ْفي الرُّبى تلكَ العناقِيدُ
وما زال يسأل مغامرا بإيراد الاستفهامات فنرى ما قلناه بداية عن الشاعر في اشتقاقاته
فيسأل هل ذوت نغماتك الناعمة؟ فطربنا من استعارته ذواء الغصن لاختفاء النغمات
ثم أرسلنا الشاعر إلى استعارة صياح العناقيد – إذا صح تفسيري لصوحت على أنها مشتقة من صاح – فاضطرب طربنا لبعد المعنى , ولتوظيف شطر كامل لمجرد أن الشاعر أراد أن ترد كلمة عناقيد في قصيدته
إنِّي أُعِيذُكَ يَا حَادِي قوافلِنَا ??? مِن عِيِّ مَن سَكَتُوا مِن هَولِ ما كِيدُوا
أعاذ شاعرنا بلبله الأصبح حاديا من عي من سكتوا ثم التمس شاعرنا العذر لمن سكتوا بتعظيمه ما وجدوه من كيد , ربما أصاب بلبلك ما أصابهم فسكت.
لكن كيف يسكت بلبله وهو بسمة
في شِفَاهِ الأرضِ حالمِةٌ ??? وفَرحَةٌ سَاقَهَا للأرضِ مولُودُ
أجاد الشاعر هنا في تشبيهه بلبله بفرحة الناس بالمولود
كما أجاد توظيف النقيض في قوله:
تطرِيبُكَ الأمسَ أحيَانَا وَأنعشَنَا ??? وصَمتُكَ اليَومَ منهُ القلبُ مجهُودُ
وبعد أن لام وأنكر على بلبله سكوته بدأ يشجع
فأنهَض بِلفظِكَ فوقَ الجُرحِ ممتَشِقًا ??? سيفَ اليراعِ ففِي هبَّاتِهِ الجُودُ
لكن السيف لا يمتشق – كما أرى – بل الخيل
وامسَح ْعلى الشَّرقِ آلامًا تُسَهِّدُهُ ??? يا شاعِراً قلبُه للشرقِ مشدودُ
بيت جميل
لا أرضُنا حُرّةٌ يُرجَى الأمَانُ بهَا ??? ولاَ حِمانَا مِنَ العَادينَ مرصُودُ
أعجبتني مرصود لو أستخدم الشاعر عن بدل من فمرصود عن خلاف مرصود من
قَد فَرقَت شَملَنَا الأهواءُ وانتَصرَت ْ ??? فنحنُ مِن بَعدهَا قَومٌ أبَاديد
هنا يغلب الجهل علينا فما أباديد ومم أشتقت يا شاعرنا؟ ومن خلال سياقها التمسنا لها معنى الشتات فهل وفقنا؟
ومِن قَوَافِيهِ للأعدَاءِ دَمدمَةٌ ??? كالنَبلِ فِي غَلَسٍ سِيمَت بهَا السِّيدُ
هل تشبيهك النبل كان للقاف أم للدمدمة؟
وكيف يسام السيد – التي بعد مداولات فسرتها بالسادة – بالنبل في غلس؟
العرب لم تكن تحارب في الغلس
يا ابنَ العروبَةِ والإسلامِ أنتَ عَلَى ??? ثغرِ العُروبَةِ والإسلاَمِ معدُودُ
يعود شاعرنا لبلبله ذاما إياه باعتباره إلى الإسلام والعروبة عبئا معدودا عليها
ولو قدم الإسلام على العروبة لكان أفضل ,
قراءة لم تعط الشاعر حقه وسنعود بإذن الله لقصائده مرة أخرى , واعتذاري لشاعرنا فهناك بعض تساؤلات سببها جهلي فليرشدني إن عدلت عن الصواب
ـ[سعد مردف عمار]ــــــــ[06 - 10 - 2007, 01:38 م]ـ
صديقي أيها الناقد اللبيب: قراءتك للقصيدة جددت عندي ما علق في الذاكرة من تجربتها الشعرية و رأيتك وأنت تتلمس جوانب الشعرية في أجزائها فخيل لي أنك تكتبها من جديد حتى كدت أومن حقيقة بمن يقول " بموت المؤلف" فكان لأفق التلقي عندك سقف فوق ما كنت أترقبه، لا أريد أن أجيب عن تساؤلات أثرتها حول النص موضوع الدراسة حتى لا أفسد جمال الانطباع عندك وبراعة الاكتناه و طرافة الملاعبة يسرني أن تقرأ أشعاري وهن طوع يراعك دمت للعربية فارسها.
¥