[شطط الأدباء .. وغيرة العلماء .. وصمت الأمراء]
ـ[الإنيس]ــــــــ[29 - 04 - 2009, 04:28 ص]ـ
هذا مقال كتبه فضيلة الشيخ / عيسى المبلع
شطط الأدباء. وغيرة العلماء. وصمت الأمراء. وضجيج الغوغاء
بسم الله أبدأ , وإليه أسعى وألجأ. أما بعد: فحيا معي حتى نصل المرفأ.
حُقَّ لقلمٍ لا يرفع صاحبه بالحق أن يكسر , وحُقَّ لسطر لا ينفع كاتبه عند الله أن يحظر. فاللسان نعمة , وتسخيره في غير ما خلق لأجله نقمة. (الرَّحْمَ?نُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ). (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ. وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ).
. لن أتكلم في هذا المقال عن قوالب الأدب , وإنما عن غايته وما يؤول إليه من العطب. فالحياة هدف ومنهاج , فما فيها من أمر تعبدي فهو للشرع محتاج. وما كان من أمر دنيوي فالأمر واسع في منهجه , مقيد ٌ شرعاً بغايته ومقصده.
. فالأدب لسنا متعبدين بذاته , وإنما محاسبون على أهدافه وغاياته. (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ? وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
. فقف معي أيها الأديب الرشيد , على ميراث حسان بن ثابت ولبيد.
حسان. (لسانك أشد عليهم من النبل) , لبيد. (أبَعد البقرة وآل عمران يا أمير المؤمنين شعر ونبل).
. إنها مسؤولية الرسالة , وعظم شأن الأمانة. (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ? بَلَى? وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ).
. فهل وعيت أيها الأديب مابه كُلّفت , وما لأجله خلقت وشرِّفت.
. فشكراً لكل أدب نظيف , من رواية ونثر وشعر لطيف. فلنا في شواطئه مقام ومصيف.
. وعذراً عن كل أدب عقيم , من رواية ونثر وشعر سقيم. فنغسل أيدينا عنه سبعاً بزمزم والحميم.
. إنه العار والنار والشنار , والخزي والخيبة وسوء القرار , لمن وهبه لساناً وأناملاً العزيزُ الغفار , فحارب بهما الله الواحد القهار.
(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ)
. فواعجباً! كيف حُوِّلت مهمة حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة , إلى مهمة إيليا أبو ماضي وشعراء الحداثة.
. سبرت أحوالهم , واستقرأت أهدافهم , فوجدتها تصب في مستنقع آسن , مشوبة بحلوان كاهن. يرومون تحقيق ثلاثة أمور , تداعوا من أجلها على مر الدهور:
أولها: خلخلة العقيدة , ونسف الشريعة , ونشر الرذيلة , ووأد الفضيلة.
وثانيها: الحرية المطلقة بلا وازع , من الدين أو العقل أو العرف الرادع. شيوعية بعباءة إسلامية , وفوضوية بلا هوية.
وثالثها: إخراج الحرَّة المصونة , من صدفتها المكنونة. لتعرض الجمال , وتخالط الرجال. وترتوي من رؤيتها خائنة الأعين , وتتحدث معها منحرفة الألسن. فتُقضى معها الشهوات , ثم ترمى في سلة المهملات.
. فهل من أديب رجَّاع , وعالم صداع , وأمير شجاع , وتابع واع؟
. يصونون الأمانة , ويحجبون الخيانة. (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ? إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا. لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ? وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).
إلى هنا. نختم المقال بالسلام , من الملك القدوس السلام. على كل كريم يَرام , في جنة الخلد مقام. وإلى لقاء مع الأيام , إن أبقانا الحي الذي لا ينام.
بقلم / عيسى المبلع