أفَقْتُ على الدنيا
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 03:28 م]ـ
:::
ذريني وأهوالَ الزمانِ أُقاسِها = وأجْرَع مِنْ مَقْطوبها فَيضَ كاسِها
فلولا امتزاجُ الحالِ لاستيأسَ الفتى = ولكنَّما في باسِها أَمْنُ باسِها
ولا تعذِليني بالمَسيرِ فإنهُ = بقيَّةُ رُوحٍ أُرهِنَتْ باحتباسِها
ألستِ ترينَ السهمَ فارَقَ قوسَهُ = وتلك الجواري لم تَبِتْ في كِناسِها
ولا تسأليني ما السبيلُ فإنها = مُطَوَّحَةٌ قد غَوَّلَتْ في التباسِها
لئن طُمِستْ تلك المعالِمُ والصُّوَى = فكم قبسةٍ مخبوءةٍ في قِباسِها
لعلَّ زماناً أنْ تَفِيْءَ ظِلالُها = وتنكشفَ الآياتُ بعد انطماسِها
أفَقْتُ على الدنيا فأنكرتُ حالَها = أنَسْناسُهَا يَرْدَيْنَ مِنْ بَعدِ ناسِها!
لقد خَبَّ فيها الجاهلون وأوْضَعُوا = وقاسُوا على الأشياءِ غيرَ قياسِها
فلا عَجَبٌ أنْ قُلِّبَ الأمرُ كُلُّهُ = وأُرْكِسَتِ الأفهامُ كُلَّ ارتكاسِها
فهل طُلِبَتْ دُنيا بأُخرى وأُرْخِصَتْ = كَرائمُها تُسْبَى بِسُوقِ نِخاسِها!
فيا لابِسَ الدنيا لَتَسْتَبْصِرَنْ إذا = خرجْتَ من الدنيا بغيرِ لباسِها
"إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى" = أناخَ وأوفَى النفْسَ فَضْلَ سِياسِها
إذا هامَةٌ هامَتْ بِداعِيَةِ الهَوى = فأحْرَى بأنْ تَهْوِيْ على أُمِّ راسِها
إذا قامَةٌ قامَتْ على البَغْيِ والخَنَا = تَدَاعَتْ لها أركانُها مِنْ أساسِها
إذا كان هذا الأمْرُ مَحْضَ رِياسَةٍ = فَدَعْها تُنَازِعْها خِسَاسُ خِسَاسِها
وسِرْ في طريقِ السالكين فإنها = حياةُ قلوبٍ تُجْتَنَى مِنْ غِرَاسِها
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 03:47 م]ـ
لله درك من شاعر!
لا فض فوك أبا يحيى.
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 09:47 م]ـ
أخي أبا يحيى
لي تساؤلات أطلب منها الفائدة لي أولا، ورأيي في القصيدة وفيك قلته في مشاركتي السابقة.
* كلمة (أجرع) في البيت الأول - وأراك لم تضبطها متحرفا - لو جزمتها عطفا على أقاسها أخللت بالوزن - هكذا يبدو لي - ولو رفعتها أخللت بالنحو أو أضعفت المعنى بالاستئناف. ولعلها بالنصب على المعية تكون أوجه.
* كلمة باسها قافية البيت الثاني، أظن - غير يقين - أن لو كانت ياسها بالمثناة بدل الموحدة، لكانت أشكل مع الشطر الأول، وأبعد عن الإحالة في كون الباس أمن للباس، فإن استقام قولهم القتل أنفى للقتل، فلا أراه يستقيم هنا. لأن القتل الأولى واقعة على غير ما وقعت عليه الثانية. فقتل القاتل يمنع غيره من اقتراف ما يؤدي إلى قتله. إلا إذا كان القصد أن المعاناة في الشباب مثلا تؤمن المعاناة في الكبر.
* في البيت الثالث، ولا تعذليني بالمسير، أرى - غير جازم - أن (في المسير) أنسب للعذل وأشيع.
* في البيت السادس (فكم قبسة مخبوءة في قباسها) كأني أراك تقصد فكرة القوة والفعل وكمون النار في الحجر والزند الواري، ولعلي مررت بنفس الفكرة في قصيدة أخرى لك، وإن كان التعبير بالقبسة بعيدا نوعا ما، أو ربما من باب علاقة السبب بالمسبب.
* في البيت السابع: (لعل زمانا أن تفيء ظلالها) لا أستسيغ كون زمانا اسما للعل، ولو كان ظرفا لتفيء فلا يجوز تقدمه على أن؛ لأن ما في حيز الصلة لا يتقدمها.
* في البيت الثامن: (أنسناسها يردين من بعد ناسها) عندي إشكالان في (نسناسها يردين)، لم أنثتها وقد ورد تذكيرهم في حديث، قد يؤنث الفعل تأنيثه مع المفرد، لكن عود نون النسوة على النسناس في نفسي منه شيء، كذلك النسناس أردى من الناس أصالة، فكيف يردون من بعدهم؟
* (كرائمها تسبى بسوق نخاسها) السباء سابق لجلبهن إلى سوق النخاسة، لو قلت تشرى (أي تباع) بدل تسبى. أم تسبى أوقع لتكرر جرس السين؟
* (فأحرى بأن تهوي على أم راسها) لو قلت (فأحر بها تهوي على أم رأسها) لتحاشيت ضرورة تسكين الياء.
أخي الكريم، أكرر لست ناقدا، ولكن لو كانت هذه القصيدة لي لوقعت لي هذه الهواجس، لذا رأيك يفيدني في رد أو قبول هذه الهواجس.
وأنا الليلة على سفر إن شاء الله، ولعلي بعد أيام قليلة، أعود لقراءة ردك.
مع وافر تقديري واحترامي ومودتي.
ـ[الباز]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 11:38 م]ـ
لله درك أبا يحي
ما هذا الشهد المتقاطر عذوبة و حلاوة وحكمة وحسن سبك ..
ذكرني مطلعها بقول أبي تمام:
ذَريني وأَهوالَ الزَمانِ أُقاسِها**فَأَهوالُهُ العُظمى تَليها رَغائِبُه
توقفت عند كلمة تُنازِعها؟؟
أليس أكثر دقة في المعنى القول: تَنازَعها بوضع فتحة على التاء و الزاي بدل الكسرة ..
كما أني لا أفوت هذه الفرصة -خصوصا وأن أستاذنا أبا عبد القيوم
قد مر من هنا- لأطرح هذا السؤال الذي يؤرقني:
الفعل المضارع المجزوم بعد فعل أمر يفيد الشرط فيكون تقدير الجملة
في بيتك -مثلا- أخي أبا يحي:
إن تدعْها تنازَعْها
أليس هذا المعنى يفيد أن التنازع لن يحدث إلا إذا تركها (المخاطَبُ)
فماذا لو لم يدعْها؟؟
هذا ليس نقدا أو إشارة لخطأ فقد سبقك الشعراء والفصحاء إلى ذلك أخي أبا يحي
لكنه سؤال يحتاج لإجابة إزالة للالتباس الذي يخيم على عقلي:)
وأكرر شكري على القصيدة الرائعة بحق
¥