أرْبَعة مِن الأرْواحِ الطيّبةِ
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[17 - 06 - 2009, 05:05 م]ـ
أرْبَعة مِن الأرْواحِ الطيّبة
,,, قِصّة ,,,
على مدار أربع من السنين،،، إلا يومان،،، هُما يَومان النهاية والبداية لأربع أرواح طيبة من البشر،،، على مدار أربع من السنين ,,, يجلسون جميعاً بجوار بعضهم البعض ,,, امرأتان لعائلة ليست بكبيرة لكنها أصيلة النسب كشجرة في الأرض ثابتة لها أزمان وأزمان ,,, امرأتان وحيدتان يصارعان وحدهما المكان واللامكان ,,, امرأتان هُما نيسان الأم وسلسبيل وهي بنت نيسان ,,, وهناك في نفس المحطة التي تُعرف باسم محطة الغرباء ,,, في إحدى المدن الكبرى لحاضرة وغائبة تُسمى الزهراء ,, والتي لا تعرف إن نزلتَ بها هل هي مدينة اسبانية؟ ,,, أم مدينة إسلامية (أندلسية)؟ ,, فالحاضر يقول ,, أن هذا الفناء الذي يتوسط تلك المحطة قبيل دخولك فيها ,,, هو فناء مدينة قديمة قد بناها معماريّون من الحقبة الأمُوية أو الحقبة العامرية ,,, فالبعض يقول أنها تُنسب إلى عبد الرّحمن الداخل ,, حيث أمر بتوسعات مشابهة لمدينته الزهراء التي قد شيدها بنفسه ,,, ليعمّ الجمال على قرطبة بأكملها وليس حاضرته فقط ,,, والبعض يقول أنها للخليفة هشام بن الحكم ,, حيثُ أمر حاجبه الشاب آن ذاك مُحمد بن أبي عامر وكلفه بالبناء ,,, ويذهب آخر في القول أن هشام لم يتسلم زمام الأمور قط ,, وأن أبا عامر منذ أن أصبح حاجباً ما أقعده الفكر عن مواصلة إعمار قرطبة ,, كما أنه كان الحاكم الفعلي سواء أكان هذا في عهد هشام المؤيد أم حين صار أبو عامر هو الملك الفعلي وخليفة للمسلمين في الأندلس قاطبة ,, وبهذا ينسب بناء تلك المدينة التي تحولت إلى محطة للقطار لأبي عامر المنصور ,, مؤسس الدولة العامرية ,, إلا أن مسعوداً ومعاذاً لا يرون ذلك ,,, وهما رجلان قد جمعتهما الصدفة في ساحة انتظار المحطة بنيسان وسلسبيل ,, قد جاء معاً لقضاء العطلة السنوية ,, هكذا دائماً منذ أن ولد معاذاً وماتت والدته عقب إطلاق أول صيحة له في الدنيا ,, وكأن بكاءهُ قد كان على فراق أمه وعلى قدومه للحياة معاً ,,ومنذ ذلك الحين عمل أبو معاذ " مسعود " على تلبية كل طلبات معاذ ,, فتارة يطير به في الشرق وتارة في الغرب ,,حتى لا يشعره بالتعاسة أبدا ,, فقال معاذ هامساً في أذن أباه الذي قد لحق الشيب بشعره ,, أبي إن تلك المرأة التي بجوارنا تتكلم مع صديقتها أو ابنتها عن جمال الفناء والطراز الفريد لتلك المحطة القديمة التي نجلس فيها الآن ,, "مسعود" ,, دعك من حديث تلك الأسبانيتن فمن المؤكد أن حديثهما سيجلب علينا المتاعب ومن المؤكد أيضاً يا بني أن حديثهما عن صناعة ملوكهم وحضارتهم فقط التي في الأصل حضارتنا وإرثنا ,," معاذ " لا يا أبي إنما تتكلمان في شىء آخر عن إرث المسلمين في الأندلس وأن تلك المحطة بأكملها صناعة إسلامية عربية خالصة ,," مسعود " هل كلتاهما تناقش الأخرى في ذلك حقاً ,, " معاذ " نعم يا أبي هل تشك في اسبانية ابنك ومقدرته على الترجمة والحديث ,," مسعود " لا يا عزيزي إنما أعيب جهلي وتقصيري في تعلم اللغات الأخرى غير العربية ,, " معاذ " لا يا أبتي لا تقل هذا فأنت من علمني وأنا وأنت كما تقول لي دائماً " ذات واحدة " ,, " مسعود " لكن يا معاذ الدليل العربي الذي بين يدي الآن يقول أن تلك المحطة من بناء أسباني صرف يرجع إلى القرن الماضي ,," معاذ " أبي لا أعتقد أن مثل هذا البناء الشامخ عمره ثلاث مئة عام فقط ربما هذا ادّعاء وافتراء على طمس الهوية العربية هنا ,, " مسعود " ربما يا بني ربما ,, لكن بالخارج زخارف ونقوش ليست بعربية وليست بإسلامية ألا يدلّ هذا على صدق الدليل الذي بين يدينا وكذب ما يقال من قبل هاتين الاسبانيتين ,, " معاذ " لا أعلم يا أبتي ولكن ما أراه ُ جليًّ أن النقوش الاسبانية التي تَنسب المكان إلى عهد النهضة الأسبانية خاصة والأوروبيّة عامة ,, أحدث من النقوش والزخارف المزين بها الجدران والأعمدة الرخامية حتى هذا المبنى المخصص لكبار الزاور انظر يا أبي ألا يدل على أن أعْمار تلك الأماكن والأروقة أقدم من العمر المزعوم؟ ,, " مسعود " نعم صدقت يا بني صدقت أنا أوافقك الرأي كما أن هذا النخيل المتمايل والذي تساقط رطبه على المارة يذكرني بنخيل الشام في عظمته
¥