وكنت وعدت بالعودة، وها أنذا وإن عدت متأخرا.
لقد قرأت ردك على هواجسي، والهواجس ليست مآخذ، بل هي - كما قلت لأخينا أبي سهيل- من باب التنطع والتقعر وقليل الرد يزيلها.
وصدقني أخي الكريم أن شعرك ونثرك يأخذان بمجامع لبي وإعجابي. أسأل الله تعالى أن ينفعك وينفع بك وأن يسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة.
بقي لي تعليقان للمدارسة النحوية لا النقد الأدبي.
*الأول: تقديم ما في حيز الصلة عليها: نحو يعجبني زيدا أن تضرب، أو هذا القلم به الذي تكتب، وما شابه .. فهذا لا يجوز سواء كان الموصول اسما أو حرفا؛ لأن الموصول وما في حيزه في حكم الكلمة الواحدة، ولا يتقدم بعض الكلمة على بعضها.
كذلك لا يتقدم على ما له الصدارة شيء من حيزه فلا يجوز مثلا: في البيت إن محمدا موجود.
وقد يخرج بعض الشعراء أحيانا عن حدود القواعد اللغوية، إما تأثرا بما يشيع، أو لتوهم يبدو لهم، أو إيهاما للغير.
التعليق الآخر: جزم جواب الطلب، ورفعه:
إن صح تقدير شرط جوابه المضارع بعد الطلب جاز جزمه أو رفعه، مع الخلاف في الجازم هل هو الطلب أم الشرط المقدر. وقد يتحتم الرفع إن لم يصح تقدير الشرط.
قال تعالى: " فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون"
وقال: " ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون"
بالجزم
وقال: " قل الله، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون" بالرفع
وقال: " فأرسله معي ردءا يصدقني" قرئ يصدقني بالرفع والجزم.
ولا يلزم من صدق الجواب في الشرط، صدق عكس الجواب في الشرط المنفي، وهو فحوى تساؤل أخونا الحبيب الباز.
فقولي: أن تضرب زيدا يبك لا يستلزم بالضرورة أن يكون العكس بالعكس أي إن لا تضربه لا يبك. فقد يتساوى الجواب مع الشرط وعكسه، وقد لا يتساوى.
قال تعالى: " فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث" فالجواب واحد مع الشرط وعكسه.
وقوله تعالى: " ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل" لا يستلزم إن لم تذرهم لا يأكلوا ولا يتمتعوا ولا يلههم الأمل.
وقياسا لا يستلزم قولك فذرها ينازعها خساس خساسها لا يستلزم بالضرورة أنك إن لم تذرها لا ينازعوها.
مع كل المحبة والتقدير
بارك الله فيك أخي الحبيب
ونفعنا بك وبعلمك
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
تحيتي الخالصة إليك أخي أبا عبد القيوم
رفع الله قدرك ويسَّر أمرك