[منهج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الإصلاح الديني]
ـ[أبو عبد الله يربح]ــــــــ[30 - 10 - 09, 10:16 ص]ـ
منهج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الإصلاح الديني الحلقة الأولى
سليم مجوبي ( http://www.rayatalislah.com/kouttab/sheykh-mejjoubi.htm)
1 ـ الاهتمام بتطهير العقائد أولاً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: أخذت جمعية العلماء على عاتقها – منذ نشأتها – الدعوة إلى التوحيد وغرس العقيدة الصحيحة في النفوس، مقتفية في ذلك طريقة الأنبياء والمرسلين، الذين قال الله تعالى عنهم: ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون? [الأنبياء:25]، وقال تعالى: ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ? [النحل: 36].
و «هذا الكتاب العزيز فاقرأ وتدبَّر، تجد السُّوَر مكيَّها ومدنيَّها، تفيض القول في حديث المشركين الغابرين والمعاصرين، ولا تكاد تخلو سورة من هذا الحديث، ولا تكاد تجد غيره في سُوَر كثيرة ...
ومن أسلوبه الحكيم جمعُه في دعوته بين بيان التوحيد ومزاياه، وإيضاحِ الشرك ودناياه، وبضدِّها تتميَّز الأشياء. وهذه أطوار البعثة من حين الأمر بالإنذار المطلق في سورة المدثر (1) إلى الأمر بإنذار العشيرة (2)، إلى الأمر بالصدع بالدعوة (3)، إلى الأمر بالهجرة (4) إلى الإذن بالقتال (5) إلى فتح مكة، إلى الإعلام بدنو الحِمام (6)، لم تخلُ من إعلان التوحيد وشواهده ومحاربة الشرك ومظاهره، ويكاد ينحصر غرض البعثة أولا في ذلك.
فلا ترك النبي صلى الله عليه وسلم التَّنديد بالأصنام وهو وحيد (7)، ولا ذهل عنه وهو محصور بالشِّعب ثلاث سنوات شديدة (8)، ولا نسيهُ وهو مختفٍ في هجرته والعدو مشتد في طلبه (9)، ولا قطع الحديث عنه وهو ظاهر بمدينته بين أنصاره (10) ولا غلق باب الخوض فيه بعد فتح مكة (11)، ولا شُغل عنه وهو يجاهد وينتصر ويكرُّ ولا يفرّ (12)، ولا اكتفى بطلب البيعة على القتال عن تكرير عرض البيعة على التوحيد ونبذ الشرك (13)، وهذه سيرته المدونة وأحاديثه المصحَّحة، فتتبَّعها تجد صدق ما ادَّعينا وتفصيل ما أجملنا» (14).
والدَّعوة إلى التَّوحيد هو الغرض الذي أُنشئت الجمعيّة من أجله (15)، ووجَّهت معظم نشاطها إليه، ومنتهى غايتها إذا وصلت إليه؛ ولذلك يقول الإبراهيمي: «إنّ الحدَّ الأخير الذي يحدِّده التاريخ لهذه الجمعيّة هو اليوم الذي يصبح فيه المسلمون كلُّهم بهذا الوطن ولا مرجع لهم في التماس الهداية إلا كتاب الله وسنّة رسوله، ولا سلطان على أرواحهم إلا الله الحيُّ القيُّوم، ولا مصرِّف لجوارحهم وإرادتهم إلا الإيمان الصحيح تنشأ عنه الأعمال الصحيحة فتُثمر آثاراً صحيحة ... يوم يصبح المسلمون متساوين في العبوديّة لله، لا يعبدون غيره ولا يدعون سواه ولا يُسلمون وجوههم إلا إليه، ولا يتَّخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله» (16).
وقال الطيِّب العقبي: «هذا، وإنّ دعوتنا الإصلاحيّة قبل كلِّ شيء وبعده هي دعوة دينيّة محضة ... وهي تتلخَّص في كلمتين: أن لا نعبد إلا الله وحده، وأن لا تكون عبادتُنا له إلا بما شرعه وجاء من عنده» (17).
ونشر العقيدة الصحيحة لا يتحقَّق إلا بتطهيرها وتخليصها مما علِق بها من شوائب الشِّرك والبدع، ممّا أحدثه في دين الله المحدِثون، وأشرك به مع الله غيرَه المشركون.
ولقد أدركت الجمعية هذا المبدأ فاهتمت به وجعلته نصب عينيها؛ فقد جاء في قانونها الداخليّ ما نصه:
«والعقيدة الحقَّة لها ميزان دقيق وهو الكتاب والسنَّة. فإذا عرضنا أكثر عقائد النَّاس على ذلك الميزان وجدناها طائشة، فأيُّ سبيل نسلكه لتقويمها؟ إن اقتصرنا على بيان العقيدة الصحيحة واجتهدنا في إقامة الأدلَّة، فإنّ التَّأثير يكون قليلاً، لأنَّ النُّفوسَ قد اصطبغت بعوائد وتقاليد مستحكمة، والفِطَرَ قد فسدت بما لابسها من خرافات وأوهام. فالواجب إذن أن نبدأ بمحاربة تلك البدع والخرافات بطُرق حكيمة تقرُب من أذواق النَّاس، فإذا ماتت البدع والخرافات، وصَفَت الفطرُ من ذلك الشَّوب سَهُل تلقين العقيدة الصَّحيحة وتلقَّتها الأمَّة بالقبول» (18).
¥