بيان حال ابن عطاء الله السكندري وكتابه " الحِكَم الإلهية "
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[16 - 11 - 09, 11:36 ص]ـ
بيان حال ابن عطاء الله السكندري وكتابه " الحِكَم الإلهية "
السؤال: يا شيخ لقد سمعة أحد أئمة المساجد يقول: لو جازت الصلاة أن تُقرأ بغير القرآن: لقُرئ بحِكَم ابن عطاء الله السكندري. أولاً: ما حُكم من يقول مثل هذا الكلام؟. ثانياً: هل تجوز الصلاة خلفه أم لا؟. ثالثاً: وهل - كما يقول بعضهم - الصوفية تنقسم إلى قسمين: صوفية معتدلة، وصوفية فيها غلو، أم أن كل الصوفية مذمومة، وكل من انتمى إلى الصوفية وقال: أنا صوفي وافتخر بذلك: مشكوك في أمره على الأقل، إن لم نقل هو ضال؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
ابن عطاء الله السكندري هو: أحمد بن محمد بن عبد الكريم، أبو الفضل، وهو من أهل التصوف الغلاة، يسير على الطريقة شاذلية الضالة، وهو من أشد خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد ادَّعى عليه عند السلطان، وألَّب عليه السفهاء، ت سنة 709 هـ.
ثانياً:
والكلمة المنقولة في السؤال أنه لو جازت الصلاة بغير القرآن: لقرئ ما في كتاب ابن عطاء الله السكندري المسمَّى " الحكَم الإلهية ": هي كلمة قبيحة، ولا يمكن أن تصدر من عالِم موحِّد، ولذا وُصف قائلها بأنه من أدعياء العلم!؛ لما تحتويه تلك الرسالة من مخالفات شرعية كثيرة، ومن قبح تلك الكلمة أنه قدَّم كلام ذلك الصوفي على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة، ودرر التابعين.
وأما الصلاة خلفه: فلا تُمنع؛ لأننا لا نمنع من الصلاة إلا خلف من وقع في الكفر المخرج من الملَّة، وليس أمر ذلك القائل كذلك، بل هو جاهل ضال.
ثالثاً:
كتاب " الحكَم الإلهية " قد تتبع ما فيه من ضلالات الشيخ محمود مهدي الإستانبولي رحمه الله، وذلك في كتابه الماتع " كتب ليست من الإسلام "، ونقتطف منه قوله رحمه الله:
أ. أقوال يؤيد فيها نظرية وحدة الوجود القائلة بأن الخالق والمخلوق واحد، ومثلها نظرية الاتحاد والحلول، وكل ذلك كفر!.
= " أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكوَّن، فإذا شهدته: كانت الأكوان معك ".
= " ما العارف مَن إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من إشارته، بل العارف مَن لا إشارة له لفنائه في وجوده، وانطوائه في شهوده ".
= " لولا ظهوره في المكونات: ما وقع عليها أبصار، ولو ظهرت صفاته: اضمحلت مكوناته ".
= " الفكرة فكرتان: فكرة تصديق وإيمان، وفكرة شهود وعيان! فالأولى لأرباب الاعتبار، والثانية لأرباب الشهود والاستبصار ".
ب. أقواله في النهي عن دعاء الله، مما يصادم أصول الشريعة:
= " سؤالك منه اتهام له ".
ويستدلّ ابن عطاء الله على ذلك بحديث باطل على لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام: " حسبي من سؤالي علمه بحالي "، وهو مخالف للآيات والأحاديث الكثيرة التي تحض على دعاء الله كقوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) أي: عن دعائي (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر/ 60.
= " من عبده لشيء يرجوه منه، أو ليدفع عنه ورود العقوبة منه: فما قام بحق أوصافه".
هذا الكلام هو كقول رابعة العدوية المنحرف ـ إن صح عنها ـ: " ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا رغبة في جنتك، ولكني عبدتك لأنك أهل للعبادة " وهذا مخالف لعبادة الملائكة الذين يخافون ربهم من فوقهم، وعبادة الأنبياء الذين يعبدون الله سبحانه رغباً ورهباً!.
= " ربما دلهم الأدب إلى ترك الطلب ".
ليت هذا الجاهل علم أن الأمر بالعكس، فإن ترك الطلب هو العصيان، وقلة الأدب!.
= " إنما يُذَكّر مَن يجوز عليه الإغفال، وإنما ينبه من يمكن منه الإهمال ".
تُرى لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُكثر من الدعاء ويأمر به إلى درجة الإلحاح!.
= " أنت إلى حلمه إذا أطعته، أحوج منك إلى حلمه إذا عصيته ".
هذا الكلام تشجيع على ارتكاب الذنوب، فما فتح سبحانه باب الطاعة إلا ليكافئ عليها، جاء في القرآن العظيم: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) الأنبياء/ 101.
ج. أقوال تشجع على تعطيل المواهب والعزائم وتدعو إلى التماوت وترك التدبير:
= " أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك عنك: لا تقم به لنفسك ".
= " سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار "؟.
فما أدرانا بهذه الأقدار؟! وقد علَّمنا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أن نفِرَّ من قضاء الله إلى قضاء الله، وقد حضنا الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (احرص على ما ينفعك ولا تعجز) – رواه مسلم -.
هـ. أقوال متناقضة، وسخيفة:
= " جلَّ ربُنا أن يعامله العبد نقداً فيجازيه نسيئة! ".
إذا كان الأمر كما قال: فما الفائدة من الآخرة؟!.
= " إنما جعل الدار الآخرة محلاً لجزاء عباده المؤمنين؛ لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم، ولأنه أجلَّ أقدارهم عن أن يجزيهم في دار لا بقاء لها ".
ينظر: كتب ليست من الإسلام، محمود مهدي الإستانبولي (91 - 101).
فهل مثل هذا الكتاب يُمدح، ويُثنى عليه، ويُقال في حقه إنه لو جاز قراءة شيء غير القرآن لقرئ به؟!.
رابعاً:
طريق التصوف فيه مخالفات شرعية كثيرة، ولا يرضى موحِّد عاقل بأن ينتسب لتلك الطرق المبتدعة، لا سيما في هذا الزمان، حيث أصبح الجمع بين التصوف واتباع السنة، العلمية والعملية، كالجمع بين الضب والنون، والماء والنار، وأصبح الكلام على التصوف الذي عليه مشايخ الطريق المنتسبين إلى السنة والأئمة، أصبح أمرا نظريا، لا يؤيده واقع القوم وأعمالهم، ومن خبر كتبهم وأقوالهم وأحوالهم ـ في هذا الزمان ـ عرف ذلك حق المعرفة.
وانظر تفصيل هذا المجمل في أجوبة الأسئلة: (4983) و (132603) و (118693) و (47431) و (5638) و (20375).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
¥