ثم يقف في مكانه ويوضع على رأسه خرقة بيضاء، ثم يأخذ الشيخ في قراءة العقد الذي سيتم بين التلميذ وبين المشايخ، وهو أشبه ما يكون بعقد الزواج، ويعتبرون هذا بمثابة الخطبة، ويعتبرون الكلام الذي يسمعه بمثابة النكاح، وما يتحمله من العلم عنهم بمثابة الحمل، فإذا علم وأراد التعليم فإن ذلك يكون بمثابة الوضع.
وبعد أن تتم هذه المرحلة يقال للتلميذ: يجب عليك أن تكرر في اليوم خمسمائة مرة بحق ع. م. س لمدة يحددونها، ثم بعد ذلك يأتي إليهم ليتم تعليمه المذهب بعد اختبارات قاسية يرضى فيها بكل شيء حتى ولو بإهدار رجولته.
وفيما يلي نشير إلى أهم الشروط في تعليم المذهب النصيري:
1 - يشترطون في من يلقى إليه تعليم المذهب أن يجتاز سن التاسعة عشرة (48).
2 - أن يمر بالمراحل الآتية على التدريج:
المرحلة الأولى: وتسمى مرحلة الجهل. وفيها يهيئون من يقع عليه الاختيار من أبناء الطائفة لقبول وحمل أسرار المذهب.
مرحلة التعليق: وفي هذه المرحلة يلقنونه شيئاً من تعاليم المذهب، ويبقى مدة سنة إلى سنتين تحت إشراف شيخ من شيوخ الطائفة ليطلعه على شيء من أسرار المذهب بالتدريج، فإذا توسموا فيه القبول والنجابة نقلوه إلى المرحلة الثالثة الآتية وإلا طردوه.
مرحلة السماع: وهي الدرجة العليا، ويطلعونه فيها على أكثر أصول المذهب النصيري، ثم يعقد الرؤساء الروحيون للطائفة مجمعاً خاصاً لتلقينه بقية أسرار المذهب، ثم ينقلونه إلى درجة أعلى يطلقون عليه درجة الشيخ أو صاحب العهد.
الفصل السابع
أهم عقائد النصيرية:
للنصيرية عقائد كثيرة بعضها ظاهر وبعضها -وهو الأكثر- لا يزال في طي الكتمان، وقد اتضح أن أهم عقائدهم وأبرزها:
ولا تستبعد وقوع هذا فإن هؤلاء من أساسهم كانوا عباد أوثان وعباد بقر وفروج، وبعد أن دخلوا في الإسلام أو على الأصح تظاهروا به كان من أبرز عقائدهم: تأليه الإمام علي رضي الله عنه، زاعمين أنه إمام في الظاهر وإله في الباطن لم يلد ولم يولد، ولم يمت ولم يقتل، ولا يأكل ولا يشرب.
وبحسب اعتقادهم أن الله تجلى في علي فقد اتخذ علي محمداً وبالغوا في كفرهم فقالوا: إن علياً خلق محمداً، ومحمد خلق سلمان الفارسي، وسلمان خلق الأيتام الخمسة الذين بيدهم مقاليد السموات والأرض وهم:
1. المقداد: رب الناس وخالقهم الموكل بالرعود والصواعق، والزلازل.
2. أبو الدر: (أبو ذر الغفاري) الموكل بدوران الكواكب، والنجوم.
3. عبد الله بن رواحة الأنصاري: الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر.
4. عثمان بن مظعون: الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان.
5. قنبر بن كادان: الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام (54).
والمجوسية ظاهرة في هذه الأفكار لم يتغير فيها إلا الأسماء فقط.
وهذه الأقوال يكفي واحد منها لدحض ما يزعمونه من إسلام، فهي نهاية الكفر والخروج عن منهج الله عز وجل.
وقد اختلفوا في مكان حلوله بعد أن ترك ثوبه الآدمي أي صورته البشرية.
* فمنهم من يتجه إلى القمر في عبادته لاعتقاد أنه حل فيه، بل القمر نفسه هو علي، وهؤلاء يسمون الشمالية.
* ومنهم من يتجه إلى الشمس في عبادته لاعتقادهم أنه حل فيها، بل الشمس نفسها هي علي، وهؤلاء يسمون الكلازية.
2 - القول بالتناسخ:
هذه أهم قضية في عقائد النصيرية، ويعود سبب تعلقهم بالتناسخ إلى أنهم لا يؤمنون بيوم القيامة ولا بالحساب ولا الجزاء في الآخرة.
والتناسخ حسب معتقد النصيرية في أربع صور حسب قرب الشخص أو بعده عن الإيمان وطاعة الأئمة أو عصيانهم، وهي كما يلي: نسخ، مسخ، فسخ، رسخ.
1. أما النسخ: فهو انتقال الروح من جسم آدمي إلى جسم آدمي آخر.
2. وأما المسخ: فهو انتقال الروح من جسم آدمي إلى جسم حيوان.
3. وأما الفسخ: فهو خروج الروح من جسم آدمي إلى جسد حشرة من حشرات الأرض وهوامها.
4. وأما الرسخ: فهو انتقال الروح من جسم آدمي إلى الشجر والنبات والجماد (78).
ومن الجدير بالذكر أن بعض الروايات تذكر أن المسخ والفسخ والرسخ لا تصيب النصيري بل هي خاصة بمن عداهم من الناس، الذين يطلقون عليهم الكفرة والذين يمرون في تكرار مولدهم بألوان العقاب والجزاء في هذه الدنيا.
3 - ومن أهم عقائدهم أيضاً: تقديس الخمر؛ حيث زعموا أن الله تعالى يتجلى فيها وأنها تسمى عبد النور تشريفاً لها، وجعلوا من أكبر الإجرام قلع شجرة العنب.
الفصل الثامن
¥