2 - أدب الطالب في مخاطبة شيخه:- من التوقير أن يراعي الطالب الأدب في مخاطبة شيخه، وقد أحسن الله إليك ما ذكره الله تعالي من الدلالة علي الأدب مع معلم الناس الخير صلي الله عليه وسلم في قوله تعالي: " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا" (النور-63). وهذا أصل في تمييز ذي المنزلة، ويفرق بينه وبين من لم يلحق بطبقته.
3 - أدب الطالب عند سؤال شيخه:- ينبغي لطالب العلم أن يلاطف الشيخ في مسألته، ويتجنب المراء. قال الإمام الشعبي (عامر بن شراحيل): كان أبو سلمة يماري ابن عباس رضي الله عنه، فحرم بذلك علما كثيرا.
4 - أدب الطالب في المشي مع شيخه:- من حسن الأدب لطالب العلم مع شيخه أن يمشي عن يمينه، وتقيمه مقام الإمام في الصلاة.
5 - دعاء الطالب لشيخه:- ينبغي له أن يقدم بين يدي سؤاله الدعاء له، كما كان بعض السلف يقول:" اللهم استر عيب معلمي، أو شيخي، ولا تذهب بركة علمه عني".
6 - أدب الطالب مع جلساء شيخه:- من التوقير أن يتأدب الطالب مع حاضري مجلس الشيخ.
7 - نسبة الفضل لأهل الفضل:- العاقل من اعترف بفضل من دله علي فائدة، لاسيما شيخه ومعلمه، وأحسن الناظم بقوله:
إذا أفادك إنسان بفائدة ## من العلوم فأدمن شكره أبدا
وقل فلان جزاه الله صالحة ## أفادنيها وألق الكبر والحسد
8 - الصبر علي جفوة شيخه:- العقلاء هم الذين يصبرون علي جفوة الشيخ والمعلم، فمن صبر ظفر ونال مناه طول العمر. ومن ضاق صدره وتولي ونفر ولم يصبر، فقد خسر.
بعض الخوارم التي تخل بتوقير العلماء والأدب معهم
1 - الاعتراض والمراء والتجاسر:- إن العالم ليس معصوما، لا ينبغي لطالب العلم أن يبادر إلي الابتكار والاعتراض والنقد معلمه، لكن الآفة إثبات الذوات، وتصيد الأخطاء، والتشنيع ونشرها في الآفاق.
2 - إبرام الشيخ وإضجاره:- من الأخلاق السيئة إبرام الشيخ وإضجاره، وذلك عن طريق الأسئلة المعروفة والمكررة والمعادة، لما يترتب عليها من ضياع للوقت، وإجهاد للشيخ.
3 - الإجابة عن الشيخ وهو موجود:- قال سفيان الثوري لسفيان بن عينة: مالك لا تحدث؟ فقال: أما وأنت حي فلا!. هذا هو التوقير والإجلال للشيخ عند وجوده في المجلس
4 - مقاطعة الشيخ في الحديث:- من سوء الأدب مقاطعة الشيخ في الحديث لأنه مخالف لهدي النبي صلي الله عليه وسلم. الذي أدبنا وعلمنا، فقال: " ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه".
5 - مسابقة الشيخ في الحديث:- من سوء الأدب مسابقة الشيخ في الإجابة أو شرح المسائل والتقدم بين يديه دون إذن منه.
المنهج الحق الرشيد في التعامل مع زلات العلماء
إن العلماء هم عرضة للخطاء هم غير معصومين، كما في حديث أنس مرفوعا: " كل بني آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابون". فمنهج الذي ينبغي أن يتبع في التعامل مع زلاتهم قائم بعد ثبوت كونها زلة علي ركنين.
الأول:- عدم اعتماد تلك الزلة والأخذ بها إذا جاءت علي خلاف الشريعة، ولو أخذ الناس بزلات العلماء ونوادرهم. قال الإمام الأوزاعي- رحمه الله تعالي: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام، والعلماء الأجلاء نصوا علي أن الأصل كتاب الله و سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم. وأنه متى ظهر خلاف ذلك لم تكن لهم طاعة.
الثاني:- العدل في الحكم علي صاحبها:- فلا ينسب إليه التقصير ولا يشنع عليه من أجلها، ولا ترد بقية أقواله وآرائه وفتاويه بسببها، لكن طاعة العلماء واعتبار العلماء في شرعنا ليس مقصودا لذاته، بل لما قام فيهم من العلم بالله والعلم عن الله عز وجل، وإلا أصبحنا كبني إسرائيل كما قال تعالي: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" (التوبة-33).
إن العالم بحكم كونه بشرا غير معصوم، قد يقع في خطاء غير مقصود، أو يزل وحينئذ لا يتابع في زلته، وعدم متابعته فيما أخطأ فيه لا يعني عدم توقيره.
قصة أربع دعوات
كان هناك رجل سكير دعا قوما من أصحابه ذات يوم فجلسوا ثم نادى علي خادمه ودفع إليه أربعة دراهم وأمره أن يشتري بها شيئا من الفاكهة للمجلس، و في أثناء سير الخادم مر بالزاهد منصور بن عمار وهو يقول: من يدفع أربعة دراهم لفقير غريب دعوت له أربع دعوات، فأعطاه الخادم الدراهم الأربعة، فقال له منصور بن عمار: ما تريد أن أدعو لك، فقال الغلام: لي سيد قاس أريد أن أتخلص منه والثانية أن يخلف الله علي الدراهم الأربعة، والثالثة أن يتوب الله علي سيدي، والرابعة أن يغفر الله لي ولسيدي ولك والقوم، فدعا له منصور بن عمار، وانصرف الغلام ورجع إلي سيده الذي نهره وقال له: لماذا تأخر ت وأين الفكهة؟ فقص عليه مقابلته لمنصور الزاهد وكيف أعطاه الدراهم الأربعة مقابل أربع دعوات، فسكن غضب سيده وقال: وما كانت دعوتك الله؟ قال: سألت لنفسي العتق من العبودية، فقال السيد: قد أعتقتك فأنت حر لوجه الله تعالي، وما كانت دعوتك الثانية؟ قال أن يخلف الله علي الدراهم الأربعة، فقال السيد: لك أربعة آلاف درهم، قال: وما كانت دعوتك الثالثة؟ قال: أن يتوب الله عليك، فطأطأ السيد رأسه وبكى وأزح بيديه كؤوس الخمر وكسرها، وقال: تبت إلي الله لن أعود أبدا وقال: فما كانت دعوتك الرابعة؟ قال: أن يغفر الله لي ولك وللقوم، قال: السيد: هذا ليس إلي وإنما هو للغفور الرحيم، فلما نام السيد تلك الليلة سمع هاتفا يهتف به أنت فعلت ما كان إليك لقد غفر الله لك وللغلام وللمنصور بن عمار وللحاضرين أجمعين.
من قيم أخلاقية المستخرج من هذه القصة ما يلي:-
1 - فضل الصدقة وجزائها.
2 - الرغبة في الدعوة أهل الله.
3 - أن الله هو الغفور الرحيم وهو الواحد في ذلك ليس من قدرة الإنسان.