3 - وحدة الوجود: وحدة الوجود عقيدة إلحادية تأتي بعد التشبع بفكرة الحلول في بعض الموجودات، ومفادها لا شيء إلا الله وكل ما في الوجود يمثل الله عز وجل لا انفصال بين الخالق والمخلوق، وأن وجود الكائنات هو عين وجود الله تعالى ليس وجودها غيره ولا شيء سواه البتة، وهي فكرة هندية بوذية مجوسية، وهذا هو المبدأ الذي قام عليه مذهب ابن عربي، وقد انقسم أصحاب هذه المبادئ الإلحادية إلى فريقين:
1 - الفريق الأول: يرى الله سبحانه وتعالى روحاً وأن العالم جسماً لذلك الروح، فإذا سما الإنسان وتطهر التصق بالروح أي الله.
2 - الفريق الثاني: هؤلاء يزعمون أن جميع الموجودات لا حقيقة لوجودها غير وجود الله، فكل شيء في زعمهم هو الله تجلى فيه.
ولابن عربي في كتابه "فصوص الحكم"، وكتابه الآخر "الفتوحات المكية" من الأقوال في وحدة الوجود ما لا تكاد تحصر نثراً ونظماً، وأما ابن الفارض فإذا أراد الشخص أن يعرف عقيدته فليقرأ تائيته التي باح فيها بكل صراحة وتحد أن الله متحد بكل موجود، وأن ابن الفارض نفسه هو المثل الكبير لله تعالى في صفاته وأفعاله، ومن عتاة دعاة وحدة الوجود الجيلي صاحب كتاب "الإنسان الكامل"، ومن القائلين بوحدة الوجود ووحدة الشهود هو أبو حامد الغزالي، وخفي أمره على كثير من الناس فلم يفطنوا إلى تعلقه بوحدة الوجود، وإن كان قد صرح بها كثيراً في كتبه، وخصوصاً إحياء علوم الدين، وفي كتاب مشكاة الأنوار للغزالي تصريح بوحدة الوجود في أكثر من موضع.
4 - وحدة الشهود أو الفناء: وحدة الشهود هو ما يسمونه في بدء أمره مطالعة الحقائق من وراء ستر رقيق، أي لا يصل إلى درجة الحلول ولاتحاد في أول الأمر إلا بعد أن يترقى درجات، ويرى بعض العلماء أن بين وحدة الوجود ووحدة الشهود فارقاً بعيداً، وذلك أن وحدة الوجود هي الحلول والاتحاد وعدم التفرقة بين الله وبين غيره من الموجودات، بينما وحدة الشهود عند بعضهم هي بمعنى شدة مراقبة الله تعالى بحيث يعبده كأنه يراه، والواقع أن التفريق بين وحدة الشهود ووحدة الوجود ليس له أساس ثابت بل هو قائم على غير دليل إلا دليلاً واحداً هو الذوق الصوفي، وذلك أن خير البشر لم يستعمل هذه الحالة ولا نطق باسمها في عبادته لربه، ولا كان أصحابه أيضاً يقولون بها.
5 - وأما اعتقادهم في الرسول صلى الله عليه وسلم:
أ- أن الله كان في عماء دون تعيين فأراد أن يتعين في صورة فتعين في صورة محمد صلى الله عليه وسلم.
ب- أن الذي هاجر من مكة إلى المدينة هو الذات الإلهية متجلية في صورة هو محمد صلى الله عليه وسلم.
ج- أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه.
د- كل هذه الموجودات إنما وجدت من نور محمد صلى الله عليه وسلم ثم تفرقت في الكون.
ه- يعتقدون كما قرره ابن عربي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرف القرآن قبل نزوله بل إنه على حسب زعمهم هو الذي يعلم جبريل الذي بدوره يوحيه إلى محمد صلى الله عليه وسلم ثانية.
6 - الولاية وبيان بعض المصطلحات الصوفية: تطلق كلمة ولاية في اللغة العربية على عدة معان منها التابع والمحب والصديق والناصر، أما معناها في مفهوم الصوفية فهي تنتهي أخيراً في مصب وحدة الوجود، وقد جاءت الولاية في القرآن الكريم مراداً بها المدح، وأحياناً مراداً بها الذم، لأن صاحبها إما أن يكون ولياً لله تعالى أو ولياً للشيطان، وجاءت في السنة النبوية مراداً بها وصف من ساروا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتزموا طريق الخير ونصروا الدين ووالوه، ثم توسع الصوفية والشيعة في إطلاقها، فأطلقت على الرجل المتصوف أو من ينتسب إلى آل البيت، ثم أخذها الصوفيين بعد ذلك وأخرجوها في مذاهب الحلول والاتحاد وحدة الوجود، وهناك صفة ثانية أضيفت إلى مفهوم الولاية عند الشيعة والصوفي، وهي صفة العلم اللدني الذي أخذه علي بن أبي طالب عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما زعموا، ثم ورثة إياهم ببركة تلك الولاية، ثم اخترعوا مفهوماً كاذباً للولاية، فهي عندهم مجرد هبة من الله عز وجل لبعض خلقه دون أن يكون لها سبب، وقد قسموا الولاية والأولياء إلى أقسام:
أ- الملامتية: وهم الذين لا يظهرون للخلق أعمالاً وأسراراً، بل يخفون أسرارهم لكمال ذوقهم وقوة شهودهم لربهم.
¥