تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال رحمه الله: وأما الأشعري فالمشهور عنه أن كليهما صفة خبرية وهو قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة , وهو أول قولى القاضي أبي يعلى , وقول التميميين وغيرهم من أصحابه وكثير من متأخري أصحاب الأشعري أنكروا أن يكون الله فوق العرش أو في السماء , وهؤلاء الذين ينفون الصفات الخبرية كأبي المعالي وأتباعه؛ فإن الأشعري وأئمة أصحابه يثبتون الصفات الخبرية وهؤلاء ينفونها؛ فنفوا هذه الصفة لأنها على قول الأشعري من الصفات الخبرية.

منهاج السنة (2

191)

وقال رحمه الله: فيقال لا ريب أن قول ابن كلاب والأشعرى ونحوهما من المثبتة للصفات ليس هو قول الجهمية بل ولا المعتزلة بل هؤلاء لهم مصنفات في الرد على الجهمية والمعتزلة, وبيان تضليل من نفاها؛ بل هم تارة يكفرون الجهمية والمعتزلة وتارة يضللونهم لا سيما والجهم هو أعظم الناس نفيا للصفات بل وللأسماء الحسنى وقوله من جنس قول الباطنية القرامطة حتى ذكروا عنه أنه لا يسمى الله شيئا ولا غير ذلك من الأسماء التى يسمى بها المخلوق لأن ذلك بزعمه من التشبيه الممتنع ,وهذا قول القرامطة الباطنية وحكى عنه أنه لا يسميه إلا قادرا فاعلا لأن العبد عنده ليس بقادر ولا فاعل إذ كان هو رأس المجبرة وقوله فى الإيمان شر من قول المرجئة؛ فإنه لا يجعل الإيمان إلا مجرد تصديق القلب و ابن كلاب إمام الأشعرية أكثر مخالفة لجهم , وأقرب إلى السلف من الأشعرى نفسه والأشعرى أقرب إلى السلف من القاضى أبي بكر الباقلاني والقاضي أبو بكر وأمثاله أقرب إلى السلف من أبى المعالى وأتباعه؛ فإن هؤلاء نفوا الصفات كالاستواء والوجه واليدين ثم اختلفوا هل تتأول أو تفوض على قولين أو طريقين فأول قولي أبى المعالي هو تأويلها كما ذكر ذلك فى الإرشاد وآخر قوليه تحريم التأويل ذكر ذلك في الرسالة النظامية واستدل بإجماع السلف على أن التأويل ليس بسائغ ولا واجب.

وأما الأشعرى نفسه وأئمة أصحابه؛ فلم يختلف قولهم في إثبات الصفات الخبرية وفى الرد على من يتأولها كمن يقول استوى بمعنى استولى , وهذا مذكور فى كتبه كلها كالموجز الكبير و المقالات الصغيرة والكبيرة و الإبانة وغير ذلك وهكذا نقل سائر الناس عنه حتى المتأخرون كالرازى والآمدي ينقلون عنه إثبات الصفات الخبرية ولا يحكون عنه فى ذلك قولين.

فمن قال أن الأشعري كان ينفيها وأن له فى تأويلها قولين فقد افترى عليه , ولكن هذا فعل طائفة من متأخري أصحابه كأبى المعالى ونحوه؛ فإن هؤلاء ادخلوا فى مذهبه أشياء من أصول المعتزلة و الأشعري ابتلى بطائفتين طائفة تبغضه وطائفة تحبه كل منهما يكذب عليه , ويقول إنما صنف هذه الكتب تقية وإظهارا لموافقة أهل الحديث والسنة من الحنبلية وغيرهم , وهذا كذب على الرجل؛ فإنه لم يوجد له قول باطن يخالف الأقوال التى أظهرها ولا نقل أحد من خواص أصحابه ولا غيرهم عنه ما يناقض هذه الأقوال الموجودة فى مصنفاته فدعوى المدعي أنه كان يبطن خلاف ما يظهر دعوى مردودة شرعا وعقلا بل من تدبر كلامه فى هذا الباب فى مواضع تبين له قطعا أنه كان ينصر ما أظهره ولكن الذين يحبونه ويخالفونه فى إثبات الصفات الخبرية يقصدون نفى ذلك عنه لئلا يقال إنهم خالفوه مع كون ما ذهبوا إليه من السنة قد اقتدوا فيه بحجته التى على ذكرها يعولون وعليها يعتمدون.

و الفريق الآخر دفعوا عنه لكونهم رأوا المنتسبين إليه لا يظهرون إلا خلاف هذا القول, ولكونهم اتهموه بالتقية وليس كذلك بل هو انتصر للمسائل المشهورة عند أهل السنة التى خالفهم فيها المعتزلة كمسألة الرؤية و الكلام واثبات الصفات ونحو ذلك لكن كانت خبرته بالكلام خبرة مفصلة وخبرته بالسنة خبرة مجملة؛ فلذلك وافق المعتزلة فى بعض أصولهم التى التزموا لأجلها خلاف السنة واعتقد أنه يمكنه الجمع بين تلك الأصول وبين الانتصار للسنة كما فعل فى مسألة الرؤية والكلام والصفات الخبرية وغير ذلك, والمخالفون له من أهل السنة والحديث ومن المعتزلة والفلاسفة يقولون إنه متناقض وإن ما وافق فيه المعتزلة يناقض ما وافق فيه أهل السنة كما أن المعتزلة يتناقضون فيما نصروا فيه دين الإسلام؛ فإنهم بنوا كثيرا من الحجج على أصول تناقض كثيرا من دين الإسلام بل جمهور المخالفين للأشعرى من المثبتة والنفاة يقولون إنما قاله فى مسألة الرؤية والكلام معلوم الفساد بضرورة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير