تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل بنى الصحابة مسجداً على قبر أبي بصير؟

ـ[احمد ابو انس]ــــــــ[04 - 11 - 10, 11:41 ص]ـ

هل بنى الصحابة مسجداً على قبر أبي بصير؟

الشيخ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد

السؤال: اطلعت في بعض المواقع على حديث منسوب إلى مغازي موسى بن عقبة، أن أبا بصير - رضي الله عنه - لما توفي دُفن بسيف البحر، وبني على قبره مسجد، فما درجة صحة هذا الحديث؟ وهل يصلح دليلاً على جواز بناء المساجد على القبور؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله خيراً.

الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا الحديث المشار إليه رواه موسى بن عقبة، كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر (1614 - 1613/ 4)، و"الاكتفاء" للكلاعي (2/ 184)، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (2/ 400)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 351).

ومن طريق موسى بن عقبة أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (4/ 172 - 175) فقال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، قال: أخبرنا أبو بكر بن عتَّاب العَبْدي، قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن موسى بن عقبة، (ح)، وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، قال: حدثنا جَدِّي، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فُلَيح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب - وهذا لفظ حديث القطان -، قال: ولما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة انفلت رجل من أهل الإسلام من ثقيف - يقال له: أبو بصير بن أسيد بن جارية الثقفي - من المشركين ... ، فذكر قصة أبي جندل وأبي بصير - رضي الله عنهما - المشهورة، وكيف قتل أبو بصير أحد الرجلين اللذين أخذاه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم خرج حتى أتى سيف البحر، وكيف انفلت أبو جندل بن سهيل من قريش، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فما سمعوا بِعِيرٍ خرجت لقريشٍ إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده أن يرسل إلى أبي بصير وأصحابه ... ، وفي آخره قال: "وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي جندل وأبي بصير يأمرهم أن يقدموا عليه، ويأمر من معهما ممن اتبعهما من المسلمين أن يرجعوا إلى بلادهم وأهليهم، ولا يعترضوا لأحدٍ مرَّ بهم من قريشٍ وعيرانها، فقدم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زعموا - على أبي جندل وأبي بصير، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده يقرؤه، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا".

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" (25/ 299 - 300) من طريق البيهقي السابق، ومن طريق الخطيب البغدادي، عن أبي الحسين بن الفضل القطان شيخ البيهقي، به.

والشاهد من هذه القصة: قوله: "وجعل عند قبره مسجدًا".

وهذا ليس فيه دلالة على جواز بناء المساجد على القبور؛ لأمرين:

الأول: أن هناك فرقًا بين قوله: ((على قبره) وقوله: ((عند قبره) فالمنهي عنه هو: ((بناء المساجد على القبور))، وليس ((عند القبور))؛ لما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن أم حبيبة وأم سلمة - رضي الله عنها - ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة". أخرجه البخاري (427)، ومسلم (528).

ومن المعلوم أن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه - رضي الله عنهما - عند مسجده، ولو كان ذلك غير جائز لما قُبِروا هناك، فكان الأولى بهذا الْمُسْتَدِلِّ أن يستدِلَّ بهذا الذي هو أقوى وأصرح!!

ولكن الذي يظهر لي أنه وقع على خطأ جاء في الموضع السابق من "الاستيعاب" لابن عبد البر، فإن اللفظ عنده هناك جاء هكذا: ((فدفنه أبو جندل مكانه، وصلى عليه، وبنى على قبره مسجدًا)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير