فالجواب: أن الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) تعالى منزه على أن يكون في مكان بهذا الاعتبار، فهو تعالى لا تحوزه المخلوقات، إذ هو أعظم وأكبر، بل قد وسع كرسيه السماوات والأرض، وقد قال تعالى: (وما قدروا الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمنه)، وثبت في ((الصحيحين)) و غيرهما عن النبي صلى الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) عليه وسلم أنه قال: ((يقبض الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) بالأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟)).
وأما أن يراد بالمكان أمرٌ عدمي وهو ما وراء العالم من العلو، فالله تعالى فوق العالم، وليس في مكان بالمعنى الوجودي، كما كان قبل أن يخلق المخلوقات.
فإذا سمعت أو قرأت عن أحد الأئمة و العلماء نسبة المكان إليه تعالى. فاعلم أن المراد به معناه العدمي، يريدون به إثبات صفة العلو لله تعالى، والرد على الجهمية والمعطلة الذين نفوا عنه سبحانه هذه الصفة، ثم زعموا أنه في كل مكان بمعناه الوجودي، قال العلامة ابن القيِم في قصيدته ((النونية)) (2/ 446 - 447 المطبوعة مع شرحها ((توضيح المقاصد)) طبع المكتب الإسلامي).
[ poem=font="Simplified Arabic,6,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,darkred" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
والله أكبر ظاهر ما فوقه = شيء وشأن الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) أعظم شان
والله أكبر عرشه وسع السما = والأرض والكرسي ذا الأركان
وكذلك الكرسي قد وسع الطبا = ق السبع والأرضيين بالبرهان
والله فوق العرش والكرسي لا = تخفى عليه خواطر الإنسان
لاتحصروه في مكان إذ تقو = لوا: ربنا حقاً بكل مكان
نزهتموه بجهلكم عن عرشه = وحصرتموه في مكان ثان
لا تعدموه بقولكم: لاداخل = فينا ولا هو خارج الأكوان
الله أكبر هتكت أستاركم = وبدت لمن كانت له عينان
والله أكبر جل عن شبه وعن = مثل وعن تعطيل ذي الكفران
إذا أحطت علماً بكل ما سبق، استطعت بإذن الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) تعالى أن تفهم بيسر من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والآثار السلفية التي ساقها المؤلف رحمه ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) في هذا الباب الذي بين يديك ((مختصره)) أن المراد منها إنما هو معنى معروف ثابت لائق به تعالى ألا وهو علوه سبحانه على خلقه، واستواؤه على عرشه،على ما يليق بعظمته، وأنه مع ذلك ليس بجهةٍ ولا مكان، إذ هو خالق كل شيء، ومنه الجهة والمكان، وهو الغني عن العالمين وأن من فسرهما بالمعنى السلبي، فلا محذور منه، إلا أنه مع ذلك لا ينبغي إطلاق لفظة الجهة والمكان ولا إثباتهما، لعدم ورودهما في الكتاب والسنة، فمن نسبهما إلى الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) فهو مخطئ لفظاً إن أراد بها الإشارة إلى صفة العلو له تعالى، وإلا فهو مخطئ أيضاً إن أراد به حصره تعالى في مكان وجودي، أو تشبيهه تعالى بخلقه.
وكذلك لا يجوز نفي معناهما إطلاقاً إلا مع بيان المراد منهما لأنه قد يكون الموافق للكتاب والسنة، لأننا نعلم بالمشاهدة أن النفاة لهما إنما يعنون بهما نفي صفة العلو لله تعالى من جهة، ونسبة التجسيم والتشبيه للمؤمنين بها، ولذلك ترى الكوثري في تعليقاته يدندن دائماً حول ذلك، بل يلهج بنسبة التجسيم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في كل مناسبة، ثم تابعه على ذلك مؤلف ((فرقان القرآن)) في مواطن منه، قال في أحدها (ص 61) أن ابن تيمية شيخ إسلام أهل التجسيم! (ومن يضلل الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) فما له من هادٍ).
واتهام أهل البدع وأعداء السنن أهل الحديث بمثل هذه التهم قديم، منذ أن نشب الخلاف بينهم في بعض مسائل التوحيد والصفات الإلهية، وسترى في ترجمة الإمام أبي حاتم الرازي رحمه ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) الله ( http://www.vb.islam4m.com/t2161/) تعالى قوله:
¥