ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 11 - 10, 10:09 ص]ـ
* فَائِدَةٌ 40: لَمْ يُصَرِّحِ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِ مَن ذبحَ لغيرِ اللهِ؛ إذْ قالَ: (بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّبْحِ لِغَيْرِ اللهِ)؛ معَ أنَّه صرَّحَ في نَظائرِ هذهِ التَّرجمةِ مِن الأَبْوابِ بعدَهُ بذلكَ؛ فقالَ: (بَابٌ مِنَ الشِّرْكِ النَّذْرُ لِغَيْرِ اللهِ)، (بَابٌ مِنَ الشِّرْكِ الِاسْتِعَاذَةُ بِغَيْرِ اللهِ)، (بَابٌ مِنَ الشِّرْكِ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ اللهِ أوْ َيَدْعُوَ غَيْرَه).
وإنَّما عَمَدَ الْمُصَنِّفُ إلَى هذَا؛ ليَكُونَ هذَا البَابُ تَوْطِئةً للمُتَلَقِّي بمَعرِفةِ أنَّ صَرْفَ العِبادَاتِ لغَيْرِ اللهِ يكُونُ شِرْكًا، فإذَا تَصَوَّرَ هذَا، سَهُلَ عَليْهِ حِينَئذٍ أن يَحْكُمَ علَى أنَّ صَرْفَ شَيءٍ مِن العِبادَاتِ لغَيْرِ اللهِ يكُونُ كذَلكَ.
* فَائِدَةٌ 41: شِرْكُ الذَّبْحِ نوْعَانِ:
1 – شِرْكُ ذَبْحٍ لِغَيْرِ اللهِ؛ لأنَّ الذَّبحَ يجِبُ أن يكُونَ له وحْدَهُ؛ كما قالَ اللهُ تعالَى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، فإذَا ذُبحَ لغَيْرِ اللهِ شِرْكًا، وهو شِرْكٌ في الألُوهيَّةِ.
2 – شِرْكُ ذَبْحٍ بِغَيْرِ اللهِ؛ لأَنَّ الذَّبْحَ مأمُورٌ أن يَكُون باسْمِ اللهِ؛ كما قَالَ تَعَالَى: (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)؛ فإذَا ذُبِحَ بغَيْرِ اسْمِ اللهِ عزَّ وجلَّ -ولَو كانَ الذَّبْحُ لهُ-، كانَ ذلك شِرْكًا، وهو شِرْكٌ في الرُّبوبِيَّةِ، كمَنْ يَذبَحُ باسْمِ الْمَسِيحِ أو غيرِهِ -ولوِ اعتَقدَ أنَّ هذهِ الذَّبِيحةَ نَسِيكةٌ وقُربةٌ للربِّ جلَّ وعلَا-.
* وقد يجْتَمعُ هذَان النَّوعانِ، وقد يَنْفرِدُ أحَدُهُما عنِ الآخَرِ؛ فيتَحصَّلُ مِن هذا قِسْمةٌ ثُلاثِيَّةٌ في الذَّبْحِ لغَيْرِ الله وبغَيْرِ اسْمِه تعالَى.
* فَائِدَةٌ 42: (لَا) في قولِ الْإِمامِ الْمجَدِّدِ: (بَابٌ لَا يُذْبَحُ للهِ بِمَكَانٍ يُذْبَحُ فِيهِ لِغَيْرِ اللهِ) نافِيةٌ، ويجُوزُ أن تكُون ناهِيةً؛ كما ذك ذلك الْإِمَامُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِي تَيْسِيرِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ وَالْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنٍ في فَتْحِ الْمَجِيدِ، واسْتَظهرَ كونَها نَاهيةً.
ولو قِيلَ: إنَّها نافيَةٌ، فإنَّ النَّفْيَ يَتَضمَّن النَّهيَ؛ كما قالَ تعَالَى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ).
* فَائِدَةٌ 43: نُهِيَ عنِ الذَّبْحِ للهِ بمكَانٍ يُذْبَح فيه لغَيْرِ الله لأَمْرَيْنِ:
1 – تَوَقِّي مُشابَهةِ الْمُشْركِين فِيما يفْعَلُونَ مِن عِبادَاتِهم؛ لأنَّ الذَّابحَ للهِ في هذا الْمكَانِ الذِي يُذبَحُ فيهِ لغَيْرِ الله يُوهِم في الصُّورةِ الظَّاهرةِ وقُوعَ الاتِّفاقِ في الفِعْلِ.
2 – حَسْمُ مَوادِّ الشِّركِ، وغَلْقُ الوسَائلِ الْمُفْضيَةِ إليهِ.
* وفَاعلُ ذلكَ: قد وقَعَ في مُحرَّمٍ، ذَبِيحتُهُ حَرامٌ لا يجُوزُ أكْلُها؛ لأنَّه وقعَ فِي مُخالفَةِ الشَّريعَةِ في مُجانَبةِ هذَا الْمَوضِعِ -ولو كانَتْ مذْبُوحةً للهِ تعالَى-.
ويُلْغِزُونَ بِهذَا فيقُولونَ: مَا هِيَ الذَّبِيحَةُ التِي تُذْبَحُ للهِ وَبِاسْمِ اللهِ وَيَحْرُمُ أَكْلُهَا؟ هِيَ المَذْبوحةُ بِمكانٍ يُذْبَح فيهِ لغَيْرِ اللهِ.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 11 - 10, 10:09 ص]ـ
* فَائِدَةٌ 44: أيُّمَا شَيءٍ أُمِرَ بهِ، أو مُدِحَ فاعِلُه فهُو عبَادةٌ مِن العِبادَاتِ.
* فَائِدَةٌ 45: الأَصْلُ في العَطْفِ: أن يكُونَ للمُغايرَةِ؛ إمَّا لتَغايُرِ الذَّاتِ أو الصِّفَاتِ.
* فَائِدَةٌ 46: الْفَرْقُ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغَاثَةِ: يَرجِعُ إلى النَّظَر في كَوْنِ الدُّعاءِ دُعاءَ عِبادةٍ أو دُعاءَ مَسْألةٍ.
1 – فإذَا كانَ الدُّعاءُ دُعاءَ [مَسْألةٍ]؛ وهُو المُتضَمِّنُ لسُؤالِ اللهِ جَلْبَ خَيْرٍ أو دَفْعَ ضُرٍّ؛ حِينَئذٍ يكُونُ الدُّعاءُ عامًّا والِاسْتِغَاثةُ خَاصَّةً، لأنَّها تكُون سُؤَالًا مخصُوصًا بوَقْتِ الشِّدَّةِ، ودُعَاء المَسْألةِ: هُو سؤَالٌ فِي كلِّ حِينٍ فِي الرَّخَاءِ أو الشِّدةِ.
2 – وإذَا كانَ الدُّعاءُ دُعاءَ عِبادةٍ؛ وهو امتثَالُ خطَابِ الشَّرعِ بالحُبِّ والذلِّ، كانَتِ الصِّلةُ بينَهُما [بَابٌ مِنَ الشِّرْكِ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ اللهِ أوْ َيَدْعُوَ غَيْرَهُ] مِن عَطْفِ العَامِّ على الخاصِّ؛ لأنَّ الِاستِغَاثةَ فَرْدٌ مِن أفْرادِ ما يُتعبَّدُ للهِ به.
* وكَيْفَما كانَ؛ فبَيْنَ الدُّعاءِ والِاستِغاثَةِ عمُومٌ وخصُوصٌ؛ فالدُّعاءُ: أعَمُّ، والِاستِغَاثةُ: أخَصُّ.
* فَائِدَةٌ 47: مِن مُقتَضَى الولَاءِ والبرَاء: تَرْكُ التَّسَمِّي بالأسْماءِ الخَاصَّةِ بالمُشْركِينَ.
* فَائِدَةٌ 48: ذَكَرَ إمامُ الدَّعوةِ في بعْضِ أجْوبتِه أنَّ أقَلَّ مُدةٍ ممكِنةٍ لدرَاسةِ التَّوحِيدِ هي أربَعُ سنَواتٍ؛ هذَا مع الدَّرْسِ الشَّديدِ، والتَّأكيدِ البَليغِ، وإدْمَانِ النَّظرِ في الْمَسائِلِ والكَشْفِ عنْهَا، وعَقْلِ دلَالاتِ النُّصوصِ علَى مسَائلِ التَّوحيدِ.
وأمَّا معَ درَاسةِ هذا العَصْرِ فإنَّهُ لا يُمكِن للإنسَانِ أن يَقِفَ علَى مسَائلهِ إلَّا بعْدَ عشَراتِ السِّنينَ، كيْفَ إذَا انْضَمَّ إلى ذلكَ ما غلَبَ على النَّاسِ مِن الهوَى والدُّنيَا والرُّكونِ إلى أهْلِ الكُفْرِ، والإعجَابِ بالْمقَالاتِ التِي تجْرِي علَى ألْسِنةِ ما يُسمَّى بالْمُثقَّفِينَ والْمُفكِّرينَ.
* فَائِدَةٌ 49: لَمَّا كان السَّلفُ على مَرتبَةٍ عظِيمةٍ مِن كمَالِ التَّوحيدِ؛ صارَ مِن أحْوَالهم مَا يَسْتَبْشعهُ بعضُ النَّاسِ، فقَدْ كانَ بعْضُ السَّلفِ إذَا مَرُّوا بأحَدٍ مِن أهْلِ الذِّمَّةِ غَطَّوْا وجُوهَهم كَراهيَّةَ أن ينْظُروا إلَى أحَدٍ من أهْلِ النَّارِ.
¥