تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمصدر الثاني هو كتاب "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (ت-630)،الذي وفَّر علينا عناء البحث عن مصادره، فيما يتعلق بتاريخ بني أمية على الأقل، حيث يقول في مقدمة كتابه "ابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري، إذ هو الكتاب المعوَّل عند الكافة عليه والمرجوع عند الاختلاف عليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه ولم أخل بترجمة واحدة منها. وقد ذكر هو في أكثر الحوادث روايات ذات عدد، كل رواية منها مثل التي قبلها أو أقل منها، وربما زاد الشيء اليسير أو نقصه. فقصدت أتم الروايات فنقلتها" ^12^.

فمصدر ابن الأثير هو الطبري، ولم يذكر سواه في مقدمته، وبيّن لنا كيف أنه يختار أتم روايات الطبري، وهذا هو سبب الاختيار، فلا يعني نقله اعتقاده في صحتها من عدمه، كما نص على ذلك بنفسه.

وواضح أن ابن الأثير نقل رواية أبي مخنف من الطبري –مصدره الأول- بل إنه نقل ما يتعلق بإباحة المدينة بنصه "وأباح مسلم المدينة ثلاثاً يقتلون الناس ويأخذون المتاع والأموال، فأفزع ذلك من بها من الصحابة" ^13^؛ولكنه أغفل ما ذكره أبو مخنف من توصية يزيد لمسلم بن عقبة بإباحة المدينة بعد انهزامهم. كما أنه لا يذكر شيئاً عن هتك الأعراض أثناء الإباحة، كما نقل لنا بعض المؤرخين المحدثين.

فهذا المصدر لا يحل بديلاً عن الطبري، كما لا يصح أن يقف وحيداً ليقرر وقوع حادثة إباحة المدينة دون الرجوع إلى الطبري ومناقشة رواياته لا سيما أن ابن الأثير متأخر عن أحداث هذه الفترة.

والمصدر الثالث والذي نلاحظ كثرة الإشارة إليه، وبلا أي تحفظ من قبل بعض المؤرخين المحدثين، هو "تاريخ اليعقوبي" (ت-284).

وعلى الرغم من انكشاف ميول المؤلف الشيعية في تفضيله للروايات الشيعية في تاريخه ^14^ وتحمسه لعقائد الشيعة وإسهابه في الكلام على الأئمة ونقله كثيراً من أقوالهم ^15^،حيث بدا ذلك واضحاً جلياً من ثنايا سطور كتابه ^16^،فإن التعامل مع اليعقوبي يجب أن يكون بحذر شديد خاصة إذا كان يتعلق بأحداث الدولة الأموية وعهد يزيد على وجه الخصوص.

والمصدر الرابع "مروج الذهب" للمسعودي (ت-346)،وعلى الرغم من اعتماد بعض المؤرخين المحدثين عليه مصدراً لإثبات وقوع حادثة إباحة المدينة إلا أننا لا نجد في كتابه ما ينص على ذلك، وإنما يقول: " ... وبايع الناس على أنهم عبيد ليزيد ومن أبى ذلك أمره على السيف" ^17^.

أما بقية المصادر التي تعرضت لهذه الحادثة واعتمد عليها بعض المؤرخين المحدثين، فمن أهمها كتاب "الإمامة والسياسة"،المنسوب إلى ابن قتيبة، والغريب المؤسف أننا نجد من المؤرخين المحدثين من يعتمد على هذا الكتاب على اعتبار أن مؤلفه ابن قتيبة فعلاً، مع علمهم حتماً بعدم صحة هذه النسبة.

قال عنه ابن العربي في كتابه "العواصم من القواصم" (ت-543هـ) "فأما الجاهل فابن قتيبة، فلم يبق ولم يذر للصحابة رسماً في كتاب "الإمامة والسياسة" إن صح عنه جميع ما فيه" ^18^ فإلى جانب نقده اللاذع له فقد شكك في صحة نسبته إليه. وعلق على هذا مُحقق كتاب ابن العربي، الأستاذ محب الدين الخطيب بقوله "لم يصح عنه جميع ما فيه، ولو صحت نسبة هذا الكتاب للإمام الحجة الثبت أبي محمد بن مسلم بن قتيبة لكان كما قال ابن العربي، لأن كتاب "الإمامة والسياسة"مشحون بالجهل والغباوة والركة والكذب والتزوير. إن مؤلف"الإمامة والسياسة" يروي كثيراً عن اثنين من كبار علماء مصر، وابن قتيبة لم يدخل مصر ولا أخذ عن هذين العالمين فدل ذلك على أن الكتاب مدسوس عليه" ^19^.

ويقول عنه المستشرق مارغليوث " .. ويختلف كتاب آخر يعزى إليه عن الكتاب السابق [المعارف] كل الاختلاف في ظواهره. ذلك هو كتاب "الإمامة والسياسة" وهو تاريخ الدولة الإسلامية منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى وفاة هارون الرشيد. وعلى الرغم من ذلك فتزييفه للتاريخ أو جهله به من الوضوح بحيث لا يمكن أن يكون لابن قتيبة" ^20^.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير