وبالتالي من حيث القيم الخلافة الراشدة هذه نحن نطرحها بقوة بل قابلة للتطبيق على بعض الأقطار التي تتاح لها الفرصة في هذا الجانب على اعتبار أن احترام الإنسان وكرامته وحقوق المرأة والحريات وغيرها تدخل ضمن فقه الخلافة الراشدة أصلا.
أما من الناحية السياسية بمعنى الدولة الواحدة الكبرى هذه القضية في تصوري الواقع بعيد عنها، لكن لا بد على الأمة أن تعمل من أجل تحقيقها ولو بعد أجيال لأنها قضية ربانية، نحن علينا أن نبذل الجهد أما تحقيقها ربما يأخذ أجيالا. على أن نتذكر أن الخلافة الراشدة من ناحية الفكر الإنساني فهي فكر راق جدا ويرتكز على أصول من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لا بد أن نوضح معنى ملامح الخلافة ومعالمها ومنهجيتها ومؤسسات دولة الخلافة.
هذه المعاني لا بد أن نوضحها للناس حتى يفهموا معنى الخلافة الراشدة لأن في ذهن كثير منهم أن الخلافة ما هي إلا خليفة يملك الأرض ومن عليها فقط وطبعا هذا ليس صحيحا أصلا.
ما هو اللقب المناسب لمن يحكم المسلمين؟
في تصوري بالنسبة للوقت الحاضر ليس مهما إطلاق كلمة خليفة أو رئيس دولة أو رئيس جمهورية أو ملك أو أي لقب آخر، إن ما يهمني هو قرب هذا الشخص أو بعده من الشريعة، أما المصطلحات فلا تهمني، فلو جاء ملك مثلاً وجعل أو زعيما أو قائدا المرجعية الكبرى له كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي الخلافة الراشدة فلن تكن لدي مشكلة معه.
في إطار التجربة الإسلامية هل ترى أنها حققت المستوى المطلوب من التطبيق؟
الأتراك في الفقه السياسي قطعوا مسافات كبيرة وهم من التجارب الرائدة التي تحتاج إلى الدراسة والاستفادة منها. والنقطة المهمة جدا أن الإنسان البعيد عن الحدث وعن المعترك يحسن تصيد الأخطاء، وأظن أن المسلمين الأتراك يستحقون الاحترام والتقدير خصوصا في ظل قيادة رجب أردوغان فهو رجل انتماؤه واضح للأمة وللإسلام وعبر عن ذلك بزيارة باكستان أو مساعدة ضحايا الزلزال بمائة وخمسين مليون دولار ففي هذا رسالة واضحة على عكس باقي العالم الذي لم يهتم كما ينبغي بزلزال باكستان بعكس عاصفة كاترينا التي قلبت الدنيا والشعوب العربية والإسلامية.
والحدث الثاني لما اشتد النقاش حول الحجاب فقال أوردغان إن الحجاب لا يحكم فيه لا الساسة الأتراك ولا الساسة الأوروبيون وإنما يحكم فيه علماء الإسلام، أظن أن الرجل عنده ملفات إسلامية ساخنة بين كل الحين والحين يخرج للناس ملفا. في أحداث العراق أيضا الدولة الوحيدة التي أتعبت أمريكا هي تركيا إذا قارناها بأي دولة إسلامية أو عربية أخرى، والبعد الإسلامي كان حاضرا في هذه القضية وأظن هذا شيء رائع أن القيادة الإسلامية السياسية تصل إلى هذا المستوى.
تثار قضية تجديد الخطاب الديني بشكل قوي جدا، السؤال كيف نجدد الخطاب الديني؟
التجديد أو الإصلاح فيه ثوابت تحتاج إعادة طرح في أسلوب يلائم العصر، ففي جانب العقيدة مثلا الإيمان بالله واليوم الآخر هذا ثابت من الثوابت يحتاج بعض المنظرين في هذا الجانب أقوياء مثل ابن تيمية رحمة الله الذي أعاد مثلما قلنا نحن للعقيدة وهجها من حيث الطرح بالنسبة للأمة وكذلك فعل الغزالي وعبد القادر الجيلاني. الأمة تحتاج بين الحين والحين من ينظر ويحيي العقيدة الموجودة الكامنة ويلائمها مع العصر.
وفي الجانب الأخلاقي يحتاج إلى تمازج وعملية يحدث فيها نوع من التجديد ومحاربة الأخلاق السيئة. في الجانب العلمي أيضا يحتاج إلى تجديد لكن باعتباره حقا للإنسانية كلها تستفيد الأمة الإسلامية منه.
كيف تنظر إلى الثقافة التاريخية لدى الحركة الإسلامية؟
الثقافة التاريخية وفقه النهوض في الحركة الإسلامية وفي عموم الأمة ضعيف ويحتاج من أبناء الحركة أن يهتموا به حتى يدخل ضمن المناهج التي لا تزال تعاني من نوع من الركود لدى الحركات الإسلامية. في فترة معينة نوعا ما سدت ثغرة ضخمة عندما كان الإسلام هو الحل أمام المد الاشتراكي أو المد العلماني في الستينيات وفي غيرها حيث الكتابات كانت نافعة، أما الآن فالأمة ليست لديها مشكلة في كون أن الإسلام هو الحل ولكن كيف يمكن تطبيق هذا الحل.
¥