تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قيل: لا نأمن أن تكون بتنقيرك و بحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك فتهوى ما يصلح لك أن تهواه، و يلعب بك الشيطان فتسب و تبغض من أمرك الله بمحبته و الاستغفار له و باتباعه، فتزل عن طريق الحق، و تسك طريق الباطل.

فإن قال: فاذكر لنا من الكتاب و السنة و عمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على ما قلت، لنرد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم.

قيل له: قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ و حجة لمن عقل، و نعيد بعض ما ذكرناه ليتيقظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق. قال الله عز وجل {محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله و رضواناً، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل، كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه، يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار .. } [الفتح:29]. ثم وعدهم بعد ذلك المغفرة والأجر العظيم. و قال الله عز وجل {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة .. } [التوبة/117]. الآية. و قال عز وجل {و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم .. } [التوبة/100]. إلى آخر الآية. و قال عز وجل {يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم .. .. } [التحريم/8]. الآية. و قال عز وجل {كنتم خير أمة .. .. } [آل عمران/110]. الآية. و قال عز وجل {لقد رضي الله عن المؤمنين .. .. } [الفتح/18]. إلى آخر الآية. ثم إن الله عز وجل أثنى على من جاء من بعد الصحابة فاستغفر للصحابة و سأل مولاه الكريم ألا يجعل في قلبه غلاً لهم، فأثنى الله عز وجل عليه بأحسن ما يكون من الثناء فقال عز وجل {و الذين جاءوا من بعدهم .. إلى قوله .. رءوف رحيم} [الحشر/10]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. أخرجه البخاري مع الفتح (7/ 5) و مسلم برقم (6419) و أحمد في المسند (1/ 438). وقال ابن مسعود: إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه و بعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد - يعني من غير الأنبياء و المرسلين كما هو معلوم - فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون على دينه. رواه أحمد في المسند (1/ 379) و البغوي في شرح السنة (1/ 214 - 215) و هو حدث حسن.

ثم قال الآجري رحمه الله: يقال: لمن سمع هذا من الله عز وجل و من رسوله صلى الله عليه وسلم: إن كنت عبداً موفقاً للخير اتعظت بما وعظك الله عز وجل به، و إن كنت متبعاً لهواك خشيت عليك أن تكون ممن قال الله عز وجل فيهم {و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} [القصص/50]، و كنت ممن قال الله عز وجل {و لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو اسمعهم لتولوا و هم معرضون} [الأنفال/23].

و يقال له: من جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يطعن في بعضهم و يهوى بعضهم، و يذم بعضاً و يمدح بعضاً؛ فهذا رجل طالب فتنة، و في الفتنة وقع، لأنه واجب عليه محبة الجميع، و الاستغفار للجميع رضي الله عنهم، و نفعنا بحبهم، و نحن نزيدك في البيان ليسلم قلبك للجميع، و يدع البحث و التنقير عما شجر بينهم.

ثم ساق رحمه الله مجموعة من الآثار في بيان الواجب عمله تجاه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، منها: ما رواه عن شهاب بن خراش عن العوام بن حوشب قال: اذكروا محاسن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تأتلف عليه قلوبكم، ولا تذكروا غيره فتحرشوا الناس عليهم. أخرجه الخلال في السنة (ص 513) و إسناده حسن. و أيضاً ما رواه أبي ميسرة قال: رأيت في المنام قباباً في رياض مضروبة، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لذي الكلاع و أصحابه – و كان مع من قتل مع معاوية رضي الله عنه -، و رأيت قباباً في رياض فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لعمار و أصحابه، فقلت: و كيف و قد قتل بعضهم بعضاً؟ قال: إنهم وجدوا الله عز وجل واسع المغفرة. إسناده صحيح إلى أبي ميسرة، و لم يخرجه غير الإمام الآجري. كما قال ذلك المحقق، أنظر كتاب الشريعة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير