تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد هذا؛ فقال عبد الله بن مسعود كما في مقدمة صحيح مسلم برقم (14): (ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة). و قد بوب البخاري في صحيحه: (باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا). و أورد قول علي بن أبي طالب: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله و رسوله). البخاري مع الفتح (1/ 272)، قال ابن حجر معلقاً عليه: (فيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة).

فهذه الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تدل على صحة هذه القاعدة التربوية، و أنه لا ينبغي أن يدرّس مثل هذا لتلاميذ المدارس، لأنه مما لا تبلغه عقولهم، و مما يؤدي إلى فتنة بعضهم، و هو اعتقاد ما لا ينبغي اعتقاده في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. و للمزيد حول هذا الموضوع أنظر كتاب: منهج كتابة التاريخ الإسلامي للدكتور: محمد بن صامل (ص252). و مقال: فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة: زياد سعد الغامدي في مجلة البيان الإسلامية العدد (134).

و إذا قدر لهذه القضايا أن تبحث فينبغي أن يسند الأمر إلى أهله، و أن يتوفر على ذلك علماء متمكنون في علمهم، صادقين في توجههم، برآء من أي تهمة في معتقدهم، و أن يكونوا على مستوى الخاصة، و ألا تفتن بهم العامة، و ألا تكون قضية مطروحة للمزاد يهرف فيها من لا يعرف، و يظن الجاهل أن من حقه أن يوافق أو يخالف .. و ليت شعري كم تنطق الرويبضة و يتصدر السفهاء إذا غاب عن الساحة صوت العلماء، أو توارى خلف الحجب رأي النبلاء .. و مع ذلك فالزبد سيذهب جفاء و يمكث في الأرض ما ينفع الناس، و كذلك اقتضت حكمة الله في الصراع بين الحق و الباطل قديماً و حديثاً، ليميز الله الخبيث من الطيب و ينحاز الصادقون و ينكشف و لو بعد حين الكاذبون. خير القرون، مقال للدكتور سليمان العودة. انظر مجلة الدعوة العدد (1610).

وما أحسن ما قيل عن التاريخ الإسلامي: فهو تاريخ ناصع مشرق، و هو مفخرة على مر الزمن، و درة على جبين الدهر، لا يدانيه تاريخ أمة من الأمم في قديم الزمان و حديثه، و مع ذلك فقد وقعت فيه بعض الحوادث التي تلقي بعض الظلال القاتمة على إشراقه، بدأت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ظهرت بعض الخلافات في وجهات النظر بين بعض الصحابة، أدت إلى وقوع بعض الحروب، مثل: وقعة صفين، و وقعة الجمل و يوم الحرة و أمثالها، و الطالب المسلم يمر بها في بعض مراحل حياته الدراسية، و نحن نريد أن نلفت نظر المعلم أو المدرس إلى وجوب التزام جانب اليقظة و الحكمة و الحذر عند عرض هذه الوقائع على طلابه، فالصحابة رضي الله عنهم شموس لامعة براقة أشرقت في تاريخ الإنسانية فغمرته بالنور، و هي شموس تتفاوت أقدارها و تتباين في أنواع فضائلها، و لكنها تبقى دائماً في أعلى درجات الفضل، و في ذروة العزة و المجد، و لو ميز المشتغلون بتاريخ الإسلام، بين الأصيل و الدخيل من الحوادث التي وقعت بين الصحابة، لأخذتهم الدهشة لما اخترعه أعداء الإسلام من يهود و مجوس و منافقين و ملحدين و حاقدين، من أخبار ملفقة كاذبة، ألصقوها بالصحابة الكرام ظلماً و عدواناً و كيداً، فصورت أخبارهم الوضع عن غير حقيقته، و أدخلت التشويه على الصورة الحقيقية الناصعة للصحابة رضي الله عنهم، الذين يعتبرون بحق سادة البشر و خلاصة الإنسانية، كيف لا؟ و هم تلامذة أشرف المخلوقين و سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. مقتبس من كتاب: كلمات نافعة لناجي الطنطاوي (ص79) بتصرف.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتمسك بقوله تعالى: {و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا

و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم} [الحشر/10].

و بعد هذا الذي ذكرت، فإنه قد ظهر و خاصة على صفحات الإنترنت من يطعن في الصحابة الكرام و يثير هذه الأحداث من جديد لكن بشكل مشوّه مزرٍ، لذا آثرت الحديث في هذا الموضوع، دفاعاً عن الحق و عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

ذكر الأحداث التي تلت مقتل عثمان رضي الله عنه، حتى قبيل معركة الجمل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير