تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أصاب المسلمين بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مرّوا بانتقال السلطة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم و بعد وفاة الصديق رضي الله عنه، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة و نجم عن ذلك مقتل الخليفة، و بقاء المنصب شاغراً، و سعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة و عبد الله بن عمر، لكن أحداً لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، و هم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، و قد أدرك المعارضون ذلك بعد فشل محاولاتهم. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573 - 574).

قال محمد بن الحنفية: كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل و لا بد للناس من إمام و لا نجد اليوم أحد أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة و لا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعلوا، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، فقالوا: لا والله! ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد فإنَّ بيعتي لا تكون خفياً و لا تكون إلا عن رضا المسلمين، قال سالم بن أبي الجعد:فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشغب عليه، و أبى هو إلا المسجد، فلما دخل المهاجرون و الأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس. و هناك رواية عن أبي بشير العابدي يقول فيها: إن المهاجرين و الأنصار و فيهم طلحة و الزبير أتوا علياً فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، و قد طال الأمر. فقال لهم: إنكم اختلفتم إليَّ و أتيتم و إني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، و إلا فلا حاجة لي فيه، فقالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فبايعوه في المسجد.

و هناك رواية أخرى تفيد أن طلحة و الزبير قالا: يا علي ابسط يدك، فبايعه طلحة و الزبير و هذا بعد مقتل عثمان لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة. و هناك رواية أخرى عن عوف بن أبي جميلة العبدي قال: أمّا أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين يقول: إن علياً جاء فقال لطلحة: ابسط يدك يا طلحة لأبايعك فقال طلحة: أنت أحق و أنت أمير المؤمنين فابسط يدك فبسط عليّ يده فبايعه. كلها عند الطبري في تاريخه (4/ 427 - 428) و (4/ 434). و كذلك في فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573).

و قد ذكر ابن سعد في الطبقات (3/ 31) بيعة علي رضي الله عنه يوم الجمعة بالخلافة سنة خمس و ثلاثين و ذكر من جملة الصحابة الذين بايعوا طلحة و الزبير و جمع من الصحابة ممن كان في المدينة.

ذكر المسعودي في مروج الذهب (ص358): أن علياً بويع في اليوم الذي قتل فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه يعني البيعة الخاصة، ثم قال إنه بويع البيعة العامة بعد مقتل عثمان بأربعة أيام.

و ذكر اليعقوبي في تاريخه (1/ 178): أن طلحة و الزبير بايعا علياً وكان أول من بايعه و صفق على يده يد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.

يقول الحافظ الذهبي دول الإسلام (1/ 28) في شأن البيعة: لما قتل عثمان سعى الناس إلى علي و قالوا: لابد للناس من إمام فحضر طلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و الأعيان، و كان أول من بايعه طلحة ثم سائر الناس.

و أما الروايات المخالفة التي نقلها الإمام الطبري في تاريخه (4/ 429) و (4/ 431) و (4/ 435): منها من يقول بأن طلحة و الزبير بايعا كرها، حيث روى من طريق الزهري قال: بايع الناس علي ابن أبي طالب فأرسل إلى الزبير و طلحة فدعاهما إلى البيعة فتلكّأ طلحة فقام الأشتر و سل سيفه و قال: والله لتبايعن أو لأضربن بهما بين عينيك فقال طلحة: و أين المهرب عنه! فبايعه و بايعه الزبير و الناس. و هناك روايات أخرى تبين أنهما بايعا و السيف فوق عنقيهما. هذه كلها لا تصح لأنها من روايات الواقدي و أبي مخنف الكذاب.

يقول ابن العربي في العواصم من القواصم (ص148) عنها: فإن قال طلحة: بايعته و اللج على عنقي، قلنا اخترع هذا الحديث من أراد أن يجعل في القفا لغة قفي، كما يجعل في الهوى هوي، و تلك لغة هذيل لا قريش فكانت كذبة لم تدبر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير