تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه البخاري في صحيحه (13/ 58) من طريق أبي وائل قال: دخل أبو موسى و أبو مسعود على عمار حيث بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما رأيناك أتيت أمراً أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمت أمراً أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، و كساهما حلة ثم راحوا إلى المسجد.

فاتجه علي إلى - ذي قار: ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة. معجم البلدان لياقوت الحموي (4/ 293 - 294) - قرب الكوفة و عسكر بها، و منها أرسل عبد الله بن عباس و أتبعه ابنه الحسن و عمار بن ياسر لاستنفار الكوفيين. تاريخ الطبري (4/ 482) بسند صحيح إلى الزهري مرسلاً، و الفتح (13/ 63). و كان السبب في تغير وجهة السير، هو أن علي رضي الله عنه سمع بأنباء القلاقل التي حدثت في البصرة و أدت إلى خروج عامله عنها.

روى البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: لما بعث علي عماراً و الحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا و الآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. و روى كذلك عن أبي مريم قال: لما سار طلحة و الزبير و عائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر و الحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه و قام عمار أسفل الحسن. فاجتمعنا إليه فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، و لكن الله تبارك و تعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي. قال الحافظ في الفتح: و مراد عمار بذلك أن الصواب في تلك القصة كان مع علي، و أن عائشة مع ذلك لم تخرج عن الإسلام و لا أن تكون زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فكان ذلك يعد من إنصاف عمار و شدة تحريه قول الحق. و قال أيضاً: قال ابن هبيرة: في هذا الحديث أن عماراً كان صادق اللهجة و كان لا تستخفه الخصوصية إلى أن ينتقص خصمه، فإنه شهد لعائشة بالفضل التام مع ما بينهما من حرب. انظر: الفتح (13/ 63).

و هنا يجدر التنبيه إلى أن كلام عمار رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها مبني على عدم معرفة عمار بحقيقة خروج أصحاب الجمل، و هو أنهم قد خرجوا للإصلاح بين الناس. أنظر: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص185).

فقدم على علي وفد الكوفه بذي قار فقال لهم: يا أهل الكوفة أنتم لقيتم ملوك العجم فعضضتم جموعهم،

و قد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة فإن رجعوا فذاك الذي نريده، و إن أبو داويناهم بالرفق حتى يبدأونا بالظلم، و لن ندع أمراً فيه الإصلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله تعالى. البداية و النهاية لابن كثير (7/ 237).

و تذكر بعض الروايات أن أصحاب الجمل بعد أن خرجوا من مكة و اقتربوا من أوطاس: و هو سهل يقع على طريق الحاج العراقي إذا أقبل من نجد، و تبعد عن مكة (143كم) باتجاه الشمال الشرقي، انظر: معجم البلدان (1/ 281)، تيامنوا عنها و تركوا طريق البصرة و ساروا بمحاذاته حتى وصلوا البصرة.

و هذا الخبر لا يصح بحق أولئك الصحب الكرام، حيث إنه يصور أصحاب الجمل الذين خرجوا للإصلاح

بأنهم مجموعة من الخارجين على الخلافة، و أن خوفهم من علي رضي الله عنه قد دفعهم إلى الابتعاد عن سلوك طريق البصرة لكي لا يلحق بهم. و بدراسة خط سير أصحاب الجمل من مكة إلى البصرة، اتضح أنهم سلكوا طريق البصرة و لم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات.

و بيان ذلك كما يلي:-

أ- ذكرت الروايات أن أصحاب الجمل حين وصلوا - أوطاس - تيامنوا عنها و تركوا طريق البصرة و ساروا بمحاذاته.

و هذا الخبر فيه تلبيس يوهم أن أصحاب الجمل قد تركوا طريق البصرة، بينما حقيقة الأمر أن من أراد البصرة و كان خارجاً من مكة تيامن من عند - أوطاس - كما فعل أصحاب الجمل، و من أراد الكوفة تياسر عنها، حيث إن طريقي البصرة و الكوفة يأخذان بالتفرع يميناً و يساراً من بعد - أوطاس -.

ب- ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد أن كلاب الحوأب نبحت على عائشة رضي الله عنها حين بلغت ديار بني عامر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير