تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و بنو عامر هؤلاء بنو عامر بن صعصعة، و الحوأب ماء من مياه العرب يقع على طريق البصرة و هو من مياه بني بكر بن كلاب، و بنو كلاب هؤلاء بطن من عامر بن صعصعة، انظر: معجم البلدان (1/ 314). و حيث إن بني كلاب كانوا يسكنون – ضَرِيَّة، انظر: كتاب المناسك للحربي (ص612)، و معجم البلدان (3/ 457) -، فإن هذا يعني أن الحوأب تقع في - ضرية -، و حيث إن - ضرية - تقع على طريق الحاج البصري، انظر: كتاب المناسك للحربي (ص594)، فإن ذلك يعني أن أصحاب الجمل قد سلكوا الطريق المعتاد بين مكة و البصرة و لم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات. أنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك: كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص166 - 168).

معركة الجمل، و دور السبئية في إشعالها.

كان جيش مكة قد وصل خلال تلك الفترة إلى البصرة فأرسل عثمان بن حنيف رضي الله عنه و هو والي البصرة من قبل علي إليهم يستفسر عن سبب خروجهم فكان الجواب: إن الغوغاء من أهل الأمصار و نزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم و أحدثوا فيه الأحداث و آووا فيه المحدِثين و استوجبوا فيه لعنة الله و لعنة رسوله، مع ما نالوا من قتل أمير المسلمين بلا ترة و لا عذر فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه و انتهبوا المال الحرام و أحلوا البلد الحرام و الشهر الحرام، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم و ما فيه الناس وراءنا، و ما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، و قرأت {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} [النساء /114]، ننهج في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل و أمر رسوله صلى الله عليه وسلم الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به و نحضكم عليه، و منكر ننهاكم عنه و نحثكم على تغييره. تاريخ الطبري (4/ 462)، من طريق سيف بن عمر.

اتجه بعدها جيش مكة نحو بيت المال و دار الرزق فاعترضهم حكيم بن جبلة أحد الثوار المشاركين في حصار الدار بالمدينة و معه سبعمائة من قومه و جرت معركة قتل فيها حكيم بن جبلة، و خرج عثمان بن حنيف من البصرة و لحق بعلي رضي الله عنه. تاريخ الطبري (4/ 468،471).

ولم يثبت من طريق صحيح يمكن أن يعول عليه، أنهم ضربوه و نتفوا شعر وجهه رضي الله عنه، و الصحابة الكرام رضي الله عنهم يتنزهون عن مثل هذه المثلة القبيحة. و هذه من روايات أبي مخنف الكذاب. انظر: مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري (ص258).

و حين عسكر جيش على بذي قار أرسل عبد الله بن عباس إلى طلحة و الزبير يسألهما: هل أحدث ما يوجد السخط على خلافته، كحيف في حكم أو استئثار بفيء؟ أو في كذا؟ فقال الزبير: ولا في واحدة منها. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 596) بسند صحيح و ابن أبي شيبة: المصنف (15/ 267) بتصرف يسير.

و بالجملة فعائشة و طلحة و الزبير رضي الله عنهم إنما خرجوا قاصدين الإصلاح، و جمع كلمة المسلمين

و ما رافق ذلك من قتال و حروب فلم يكن بمحض إرادتهم و لا قصداً منهم، و إنما أثير من قبل السبئية

و أعوانهم من الغوغاء، و لم يكن الإصلاح هدف طلحة و الزبير و عائشة وحدهم، بل إن علياً أيضاً لم ير في مسيره إليهم إلا الإصلاح و جمع الكلمة، و على العموم لم ير علي و طلحة و الزبير و عائشة رضوان الله عليهم أمراً أمثل من الصلح و ترك الحرب، فافترقوا على ذلك، و إنه لموقف رائع من طلحة و الزبير رضي الله عنهما، و هو لا يقل روعة عن موقف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فكل منهم قبل الصلح و وافق عليه، و كل منهم كان يتورع أن يسفك دماً أو يقتل مسلماً.

و لا يمكن أن يفهم عاقل يقف على النصوص السابقة أن زعماء الفريقين هم الذين حركوا المعركة و أوقدوا نارها، و كيف يتأتى ذلك و كلا الطرفين كانت كلمة الصلح قد نزلت من نفوسهم و قلوبهم منزلاً حسناً، و لكنهم قتلة عثمان أصحاب ابن سبأ عليهم من الله ما يستحقون هم الذين أشعلوا فتيلها و أججوا نيرانها حتى يفلتوا من حد القصاص.

و قد يسأل سائل لماذا سمح علي رضي الله عنه لأهل الفتنة بالبقاء معه في جيشه و لم يعاقبهم على فعلتهم الشنيعة؟!

كان سبب إبقاء علي على أهل الفتنة في جيشه أنهم كانوا سادات في أقوامهم، فكان علي يرى أن يصبر عليهم إلى أن تستقر الأمور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير