ولهذا اشتهر بن العلماء أن عبد الله بن سبأ هو أول من ابتدع الرفض وأن الرفض مأخوذ من اليهودية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483): و قد ذكر أهل العلم أن مبدأ الرفض إنما كان من الزنديق عبد الله بن سبأ، فإنه أظهر الإسلام وأبطن اليهودية و طلب أن يفسد الإسلام، كما فعل بولص النصراني – الذي كان يهودياً – في إفساد دين النصارى.
و قال في موضع آخر من الفتاوى (4/ 428): إن الذي ابتدع الرفض كان يهودياً أظهر الإسلام نفاقاً، و دس إلى الجهال دسائس يقدح بها في أصل الإيمان، و لهذا كان الرفض أعظم أبواب النفاق والزندقة.
ويقول أيضاً في موضع آخر من الفتاوى (4/ 435): وأصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، وأظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له و لهذا لما كان مبدأه من النفاق قال بعض السلف: حب أبي بكر وعمر إيمان و بغضهما نفاق، و حب بني هاشم إيمان و بغضهم نفاق.
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية (ص 578): إن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق، قصد إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر العلماء، فإن عبد الله بن سبأ لما أظهر الإسلام، أراد أن يفسد دين الإسلام بمكره و خبثه، كما فعل بولص بدين النصرانية، فأظهر التنسك ثم أظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى سعى في الفتنة عثمان و قتله.
و قد أكدت كذلك الدراسات الحديثة أن أصل الرفض يهودي و واضعه يهودي ماكر أراد أن يفسد على المسلمين عقيدتهم وينحرف بهم عن الدين الصحيح، يقول عبد الله القصيمي في كتاب الصراع بين الإسلام والوثنية (1/ 11) بعد أن تحدث عن ظاهرة الغلو في علي بن أبي طالب: أما واضع بذور هذه الضلالة ومتولي كبرها عبد الله بن سبأ، فطلبه علي ليوقع به أشد العذاب ولكنه كان أحذر من الغراب، فهرب وترك البلاد و ما كان هروبه وضعاً لأوزار هذه الفتنة المدمرة وتسليماً بالهزيمة، بل كان هروباً بهذه الآراء ضناً عليها بالقبر والقتل ليضل بها المسلمين ويفتن بها المفتونين وتبقى عاراً و ناراً إلى يوم الدين، تطايرت دعاوى هذا الرجل ومبتدعاته في كل جانب، و رن صداها في أركان المملكة الإسلامية رنيناً مراً مزعجاً واهتزت لها قلوب ومسامع و طربت لها قلوب و مسامع، و رددت صداها أفواه خلقت لهذا، و رددتها أفواه أخرى، و طال الترديد والترجيع حتى نفذت إلى قلوب رخوة لا تتماسك فحلتها حلول العقيدة، ثم تفاعلت حتى صارت عقيدة ثابتة تراق الدماء في سبيلها و يعادى الأهل والصحب غضباً لها و صارت فيما بعد معروفة بالمذهب الشيعي والعقيدة الشيعية.
أما إحسان إلهي ظهير رحمه الله فيؤكد بعد طول بحث في كتب القوم والذي أكسبه مزيداً من الخبرة بالرافضة وعقائدهم أن عقيدتهم قد بنيت على أسس يهودية بواسطة عبد الله بن سبأ. فيقول: وأما دين الإمامية و مذهب الاثنى عشرية ليس إلا مبني على تلك الأسس التي وضعتها اليهودية الأثيمة بواسطة عبد الله بن سبأ الصنعاني اليمني الشهير بابن السوداء. انظر: الشيعة والسنة (ص 29).
فتأكد بهذه النقولات التي جاءت في كتب أهل السنة أن أصل الرفض إنما أحدثه عبد الله بن سبأ اليهودي، وأن الرافضة ليست من الإسلام في شيء.
وقد اعترف بذلك كبار علماء الشيعة ومؤرخوهم، فها هو الكشي - أحد كبار علماء التراجم عندهم في القرن الرابع (ت340هـ) – ينقل هذا النص عن بعض علمائهم فيقول: ذكر بعض أهل العلم أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم و والى علياً عليه السلام وكان يقول و هو على يهوديته في يوشع بن نون وضي موسى بالغلو، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي عليه السلام مثل ذلك، و كان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه، و كاشف مخالفيه وأكفرهم، فمن ههنا قال من خالف الشيعة أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية. انظر: رجال الكشي (ص 71).
و هذا النص مشهور عند علماء الرافضة و قد تناقله علماؤهم و جاء ذكره في أكثر من كتاب من كتبهم المعتمدة والموثقة.
فقد ذكره الأشعري القمي (ت301هـ) في المقالات والفرق (ص 20)، حين يقول: فمن هاهنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
¥