و ذكره النوبختي (ت 310هـ) في فرق الشيعة (ص 44)، حين يقول: فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود.
و ذكره المامقاني (ت 1351هـ) في تنقيح المقال (2/ 184).
فهؤلاء كبار مؤرخي الرافضة و محققيهم يعترفون بيهودية ابن سبأ وأنه كان يقول بوصية موسى بيوشع في يهوديته فقال بهذه العقيدة في إسلامه في علي بن أبي طالب وأنه وصي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أول من نادى بإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتبرأ من مخالفيه، ثم يقرون بأنه إنما نسبت الرافضة لليهودية لذلك.
ففي هذا الاعتراف الذي نسجله على كبار علماء الرافضة أعظم دليل على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية وهو ملزم لكل من يشكك في هذه الحقيقة من علماء الرافضة المعاصرين ومن تأثر بأقوالهم من الكتاب المحدثين.
وكما دلت كتب السنة والشيعة على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية بواسطة عبد الله بن سبأ، فكذلك كتب المستشرقين تشهد بذلك.
يقول المستشرق الألماني يوليوس فلهاوزن: ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان علي والحسن وتنسب إلى عبد الله بن سبأ وكما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً، والواقع أنه من العاصمة صنعاء، و يقال أيضاً إنه كان يهودياً، و هذا يقود إلى القول بأصل يهودي لفرقة السبأية، و المسلمون يطلقون اليهودي على ما ليس في الواقع، بيد أن يلوح أن مذهب الشيعة الذي ينسب إلى عبد الله بن سبأ أنه مؤسسه إنما يرجع إلى اليهود أقرب من أن يرجع إلى الإيرانيين. الخوارج والشيعة (ص 170 - 171).
أما المستشرق المجري أجناس جولد تسيهر، فهو يرى أن فكرة المهدي و عقيدة الرجعة عند الرافضة قد تأثرت بالديانة اليهودية والنصرانية، و أن الغلو في علي إنما صاغه عبد الله بن سبأ اليهودي، فيقول: إن الفكرة المهدية التي أدت إلى نظرية الإمامة والتي تجلت معالمها في الاعتقاد بالرجعة ينبغي أن نرجعها كلها – كما رأينا – إلى المؤثرات اليهودية والمسيحية، كما أن الإغراق في تأليه علي الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ، حدث ذلك في بيئة سامية عذراء لم تكن قد تسربت إليها بعد الأفكار الآرية. انظر: العقيدة والشريعة في الإسلام (ص 205).
فهذه أقوال العلماء من سنة وشيعة و مستشرقين، كلها تؤكد أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، وأن واضعه و مبتدعه في الإسلام هو عبد الله بن سبأ اليهودي، و قد دل أيضاً على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، و لهذا عدد من الأدلة:-
الأول: أن عقائد الرافضة التي انفردوا بها عن سائر الفرق الإسلامية كعقيدة الوصية والرجعة والبداءة والتقية و ما يدعونه في أئمتهم من الغلو ليس لها أصل في الإسلام، و لا يوجد نص واحد لا من كتاب ولا من سنة يدل على هذه العقائد، بل إن الكتاب والسنة وإجماع الأمة تشهد ببطلان هذه العقائد وبراءة الإسلام منها.
أما ما يستدل به الرافضة لصحة هذه العقائد من أدلة لا يخلو من حالين؛ إما أن يكون هذا الدليل الذي يستدلون به صحيحاً و لكن لا حاجة لهم فيه، وإما أن يكون موضوعاً لا يصح الاستدلال به، و هذه حال غالب أدلتهم، فإنهم لما لم يجدوا ما يستدلون به من الشرع لعقائدهم أخذوا يضعون الروايات على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى لسان علي بن أبي طالب وبنيه ليحتجوا بها على ما ذهبوا إليه من عقائد فاسدة، و لهذا اشتهر بين أهل العلم أن الرافضة أكذب الفرق المنتسبة للإسلام، فهم لا يروون عنهم و حذوا الناس من كذبهم.
الثاني: أن عقائد الرافضة التي انفردوا بها عن سائر الطوائف الإسلامية قد انتقلت إليهم من اليهودية، و قد تتبعت هذه العقائد فوجدتها لا تخلوا من: إما أن تكون عقيدة يهودية خالصة، وإما أن يكون لها أصل عند اليهود.
الثالث: تصريح العلماء من سنة و شيعة بأن أول من أحدث الغلو في علي رضي الله عنه وأحدث عقيدتي الوصية والرجعة هو عبد الله بن سبأ اليهودي، و قد نقلنا سابقاً النص الذي ذكره الأشعري القمي والكشي والنوبختي والمامقاني و فيه اعترافهم بأن عبد الله بن سبأ أول من أحدث القول بالوصية لعلي بن أبي طالب والقول بفرض إمامته، وأظهر فيه البراءة من مخالفيه.
¥