ـ[أبو مهند القصيمي]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:54 م]ـ
قال الشيخ أبو محمد الألفي:
[إيْقَاظٌ وَتَبْصِيْرٌ]
ـــ،،، ـــ
وَقَدْ وَقَفْتَ عَلَى بَعْضِ صَنِيعِ أَبِي الْفُتُوحِ الطَّاوُسِيِّ فِي غُلُوِّهِ وَتَصَوُّفِهِ، فَهَلْ يُوثَقُ بِصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ فِي نَقْلِ الرِّوَايَةِ وَتَصَرُّفِهِ!.
وَمِنْ أَعْجَبِ تَصَرُّفَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ رُوَاةِ الأَثْبَاتِ وَالْمَشْيَخَاتِ، اعْتِزَازُهُمْ بِرَوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ الْمُقَدَّمِ عَلَى سَائِرِ الْمُصَنَّفَاتِ، بِإِسْنَادٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَعْلَى الأَسَانِيدِ، فَكُلُّهُمْ بِهِ حَفِيٌّ، وَطَرِيقُهُمْ إِلَيْهِ هَذَا الرَّاوِي الصُّوفِيُّ، الْمُسْتَنْهِضُ لِهِمَمِ الطَّوَائِفِ الْبِدْعِيَّةِ، لِيَجْمَعُوا مَا تَبَعْثَرَ فِي التَّكَايَا مِنَ الْخِرَقِ الصُّوفِيَّةِ.
فَلا غَرْوَ، أنَّ أَوَّلَ مَنْ شَطَّ فِي غُلُوِّهِ، وَافْتَخَرَ بَعُلُوِّهِ، وَغَالَى فِي إِشْهَارِهِ، وَسَعَى لِشُيُوعِهِ وَاشْتِهَارِهِ: أَشْيَاعُهُ مِنَ سَادَاتِ الصُّوفِيَّةِ، بِمَا دَرَجُوا عَلَيْهِ مِنَ النَّعَرَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ، اعْتِزَازَاً بِطَيِّ مَسَافَةِ الأَزْمِنَةِ الطُّوَالِ، لِمُصَافَحَةِ سَيِّدِ السَّادَاتِ وَأَنْبَلِ الرِّجَالِ.
فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ وَقَدْ انْتَفَخَ مِنَ الْغُرُورِ وَالإِرْجَافِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ عَشْرُ قُرُونٍ عِجَافٍ، مُتَجَاهِلاً مَا بِالطَّرِيقِ مِنَ اعْوِجَاجٍ وَتَلَفْ، وَمُجَاهِرَاً بِكُلِّ زَهْوٍ وَصَلَفْ: قَدْ فُقْتُ أَهْلَ زَمَانِي، وَعَشِيْرَتِي وَأَقْرَانِي، فِي الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالصَّلاحِ وَالْخَيْرِ، فَبَيْنِى وَبَيْنَ النَّبيِّ ثَمَانِ وَسَائِطَ لا غَيْر.
فَمَا أَرْخَصَ هَذِهِ الْبَضَائِعَ الْمُزْجَاةَ، وَمَا أَبْعَدَ شَارِيهَا عَنْ مَسَالِكِ الْمُحَدِّثِينَ الْمُحْسِنِينَ!.
فَهَا هُوَ الْبُرْهَانُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُورَانِيُّ الصُّوفِيُّ يَقُولُ إِحْيَاءَاً لِرِمَّتِهِ، وَرَغْبَةً فِي شُهْرَتِهِ، فِي ثَبَتِهِ «الأَمَمُ بِإِيْقَاظِ الْهِمَمِ»:
أَخْبَرَنَا بِهِ _ يَعْنِي صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ _ عَالِيَاً الْعَبْدُ الصَّالِحُ الْمُعَمِّرُ الصُّوفِيُّ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُلا سَعْدِ اللهِ اللاهُورِيُّ نَزِيلُ الْمَدِينَةِ سَمَاعَاً عَلَيْهِ لِجَمِيعِ ثُلاثِيَّاتِهِ وحَدِيثَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّاتِهِ الْمُلْحَقَةِ بِالثُّلاثِيَّاتِ وَإِجَازَةً لِسَائِرِهِ عَنِ الشَّيْخِ قُطْبِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْرَوَالِيِّ عَنْ وَالِدِه عَلاءِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّهْرَوَالِيِّ عَنِ الْحَافِظِ نُورِ الدِّينِ أَبِي الْفُتُوحِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْفُتُوحِ عَنِ الشَّيْخِ الْمُعَمِّرِ بَابَا يُوسُفَ الْهَرَوِيِّ عَنِ الشَّيْخِ الْمُعَمِّرِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذْبَخَتْ الْفَرْغَانِيِّ عَنِ الشَّيْخِ الْمُعَمِّرِ أَبِي لُقْمَانَ يَحْيَى بْنِ عَمَّارِ بْنِ مُقْبِلِ بْنِ شَاهَانَ الْفَارِسِيِّ الْخَتَلانِيِّ بِسَمَاعِهِ عَلَى الْفِرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
ثُمَّ يُعَقِّبُ قَائِلاً: فَبَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبُخَارِيِّ ثَمَانِيَةٌ، وَأَعْلَى أَسَانِيدِ السُّيُوطِيِّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُخَارِيِّ ثَمَانِيَةٌ، فَسَاوَيْتُ فِيهِ السُّيُوطِيُّ وَللهِ الْحَمْدُ.
قُلْتُ: وَاللاهُورِيُّ الْمُعَمِّرُ شَيْخُ الْكُورَانِيِّ لا رِوَايَةَ لَهُ عَنِ الْقُطْبِ النَّهْرَوَالِيِّ بِالسَّمَاعِ وَلا بِالإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ، وَإِنَّمَا بِإِجَازَتِهِ الْعَامَّةِ لأَهْلِ عَصْرِهِ، وَقَدْ شَمَلَتُهُ لإِدْرَاكِهِ إِيَّاهُ، وَلِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ مِصْرِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْكُورَانِيُّ نَفْسَهُ فِي «لَوَامِعِ اللآلِي»، وَإِنَّمَا اسْتَجَازَهُ الْكُورَانِيُّ لِيَتَعَزَّزَ بِعُلُوِّ إِسْنَادِهِ، وَبَزْهُوَ عَلَى أَقْرَانِهِ وَأَنْدَادِهِ!.
هَذَا مَعَ تَهَافُتِ هَذَا السَّنَدِ بِالطَّعْنِ فِي دَعْوَى تَعْمِيْرِ هَذِهِ الثَّلاثِيَّةِ الْفَارِسِيَّةِ الصُّوفِيَّةِ: الْهَرَوِيِّ وَالْفَرْغَانِيِّ وَالْخَتَلانِيِّ!!.
وَعَنِ الْكُورَانِيِّ شَاعَ السَّنَدُ وَانْتَشَرَ، وَاحْتَلَّ مَكَانَاً سَامِقَاً فِي الأَثْبَاتِ وَاشْتَهَرَ، حَتَّى جَاءَ الْمُرْتَضَى الزَّبِيدِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِهِمْ بِهَذِهِ السِّلْسِلَةِ الصُّوفِيَّةِ الْفَارِسِيَّةِ اهِتْزَازَا، فَأَنْشَدَ افْتِخَارَاً وَاعْتِزَازَا:
وَبِالْعُلَوِّ قَدْ رُوِىْ الْبُخَارِيْ ... عَنْ ابْرَاهِيمَ بِالْكِتَابِ السَّارِيْ
أعْنِي فَتَى كُورَانَ الشَّهْرَزُورِيْ ... عَنْ شَيْخِهِ الْمُعَمِّرِ اللاهُورِيْ
وَهُوْ عَنِ الْقُطْبِ مُحَمَّدٍ عَنْ ... وَالِدِهِ الْمُحِّدِثِ الْمُفَنِّنْ
عَنْ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفِ بِالطَّاوُسِي ... عَنْ يُوسُفَ الْمُعَمِّرِ الْمَنُوسِ
عَنِ ابْنِ شَاذْبَخْتٍ الْفَرْغَانِي ... عَنِ ابْنِ شَاهَانَ هُوَ الْخَتَلانِ
عَنِ الْفِرَبْرِي عَنِ الْمُصَنَّفِ ... وَذَا الْعُلُوُّ بُغْيَةٌ لِلْمُنْصِفِ
كَأَنَّنِي بِذَا السِّيَاقِ الْحَاوِي ... مُصَافِحٌ لِلْحَافِظِ السَّخَاويِّ
وَنَحْنُ نَرْوِي عَنْ شُيُوخِنَا أَمْثَالَ هَذِهِ الْعَوَالِي الْكَاسِدَةِ، وَلا نَفْخَرُ بِهَا وَلَوْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلا نَتَحَاشَى أَنْ نَضْرِبَ عَنْهَا وَعَنْ عَشَرَاتٍ أَمْثَالِهَا صَفْحَاً، وَلَرُبَّمَا زَبَرْنَاهَا ثُمَّ كَسَوْنَاهَا مِنْ سَوَادِ الْمِدَادِ مَسْحَاً.
¥