تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال في آخر الخطبة (1/ 8 - 9): (فلا تظنن أيها الناظر لكتابي هذا أن المناسبات كانت كذلك قبل الكشف لقناعها والرفع لستورها؛ فرب آية أقمت في تأملها شهوراً) ثم أشار إلى مثالين لذلك ثم قال: (ومن أراد تصديق ذلك فليتأمل شيئاً من الآيات قبل أن ينظر ما قلته، ثم لينظره يظهر له مقدار ما تعبت وما حصل لي من قبل الله من العون، سواء كان ظهر له وجه لذلك عند تأمله أو لا؛ وكذا إذا رأى ما ذكر غيري من مناسبات بعض الآيات) إلى أن قال: (ولا تنكشف هذه الأغراض أتم انكشاف إلا لمن خاض غمرة هذا الكتاب وصار من أوله وآخره وأثنائه على ثقة وصواب، (وما يذكر إلا أولو الألباب) [البقرة 269]؛ وقد ذكر الزركشي نحو أربع ورقات من مناسبات بعض الآيات، وإذا تأملتها عظم عندك ما في هذا البحر الزاخر من نفائس الجواهر وبدائع السرائر).

وقال البقاعي في كتابه (مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور) (1/ 141 ـ 142) وهو يتكلم على (نظم الدرر): (هذا؛ وإن العلم الذي أفاض الله ـ وله الحمد ـ عليّ، أصله: بذل الرقة والانكسار، والتضرع والافتقار لأدق العلوم أمراً، وأخفاها سراً، وأعلاها قدراً؛ لأنه في الحقيقة إظهار البلاغة من الكتاب العزيز، وبيان ذلك في كل جملة من جمله؛ فإن البلاغة مناسبة المقال لمقتضى الحال؛ وهذا الكتاب لبيان الداعي إلى وضع كل جملة في مكانها، وإقامة حجتها في ذلك وبرهانها؛ لأن هذا العلم تعرف منه علل الترتيب؛ وثمرته: الاطلاع على المرتبة التي يستحقها الجزء بسبب ما له بما وراءه، وما أمامه من الارتباط والتعلق الذي هو كلُحمة النسب؛ وتتوقف الإجادة فيه على معرفة السورة المطلوب ذلك فيها؛ ونسبته: من علم التفسير كنسبة علم المعاني والبيان من النحو فهو غاية العلوم).

وقد التزم البقاعي – مع الحرص التام - في تفسيره هذا بيانَ مناسبة الآي والسور، وقال في مقدمته (1/ 5): (وسميته: نظم الدرر في تناسب الآي والسور، ويناسب أن يسمى: فتح الرحمن في تناسب أجزاء القرآن؛ وأنسب الأسماء له: ترجمان القرآن ومبدي مناسبات الفرقان)؛ وذكر في كتابه، الذي رد به على الحافظ السخاوي، أنه ألفه في مدى أربع عشرة سنة.

ولا يزال كتاب (نظم الدرر) أوسع وأفضل مصادر علم المناسبات.

بل ولا يزال كتاب (نظم الدرر) أحسن وأوسع كتاب رأيته في تدبر آيات القرآن واستكشاف جوانب مهمة من بلاغته والإشارة إلى مواضع عظيمة من حكمته.

ولقد صدق العلامة الشوكاني رحمه الله وأنصف إذ قال في (البدر الطالع) (1/ 20) مفصحاً عن منزلة (نظم الدرر): (وكثيراً ما يشكل عليَّ شيء في الكتاب العزيز، فأرجع إلى مطولات التفاسير ومختصراتها، فلا أجد ما يشفي؛ وأرجع إلى هذا الكتاب فأجد ما يفيد في الغالب). انتهى.

وأخيراً فلن أقدر أن أصف لك هذا الكتاب كما ينبغي؛ لا أظن أنني قادر على إقناعك بعظم فضله وعلو قدره وكثرة فوائده واتساع بحر علومه إلا إذا أعنتني على نفسك بكثرة المطالعة فيه بتدبر وتأمل وتأن وتروّي؛ إذا لم تكن قد فعلتَ ذلك قبْلاً؛ ومن الله التوفيق.

؛؛؛؛؛؛

ولا بد من التنبيه هنا إلى ضرورة تجاوز ما ذكره هذا المفسر رحمه الله من تأويلات لبعض آيات الأسماء والصفات؛ فالعقيدة إنما تؤخذ من كتب عقيدة أهل السنة والجماعة؛ فنستغني بها عن سواها من الكتب؛ وأما كتب التفسير فكثير منها وقع فيه ما لا يحمد من التأويل ونحوه؛ ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك صاداً لطلبة العلم عن أن يطالعوها ويأخذوا بأحسن ما فيها، ويهذبوا كنوزها ويظهروا خوافيها؛ ولو تركت كتب التفسير التي وقع فيها تأويل، أو أحاديث غير صحيحة؛ وكتب الفقه التي وقع فيها مخالفات للنصوص الصحيحة والقواعد الثابتة لتركت كتب الناس جميعاً؛ والله المستعان.

؛؛؛؛؛؛؛؛

إن هذا الكتاب هو – بحسب علمي – أفضل كتاب يعين قارئه على تدبر القرآن ويوقفه بإذن الله على أبواب فهم مقاصده العظيمة ومراميه الحكيمة؛ والتدبر أمر خطير شأنه وعلم عظيم منزلته فهو مفتاح لحياة القلب وشفاء له من أمراضه وتقوية له من ضعفه؛ وهو نور وعلم وبصيرة وهدى؛ ولقد صدق ابن القيم رحمه الله إذ قال في (حادي الأرواح) (ص48):

(وقد جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحاً يفتح به فجعل مفتاح الصلاة الطهور--- ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب).

*******************

وأخيراً فإني أقول: من جمع بين دراسة هذا التفسير وتفسير ابن كثير، فإنه يكون قد حصل خيراً كثيراً، ويكون قد جمع خلاصة الخلاصات واستغني عن كثير من المطولات؛ فإن ضم إلى ذلك ما كتبه في تفسير القرآن كل من شيخي الاسلام ابن تيمية وابن القيم فما أعظم حظه حينئذ من علم التفسير؛ فإن أضاف إلى ذلك كله تفسير ابن عاشور، فلعله لا يكاد يحتاج بعد ذلك إلى كتاب آخر، إلا نادراً؛ وهذا في حق المقتصدين لا في حق غيرهم من الباحثين والمتبحرين والمجتهدين.

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[14 - 12 - 05, 01:41 م]ـ

كتاب آخر:

(الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث) لأحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

وانظر هذا الرابط:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=67541

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير