تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وأما أستاذنا أبو عبد الله فبحر لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حفظاً، وذهب العصر معنى ولفظاً، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل، كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها، ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها، وهو الذي خرّجنا في هذه الصناعة، وأدخلنا في عداد الجماعة؛ جزاه الله عنا أفضل الجزاء، وجعل حظه من غرفات الجنان موفَّر الاجزاء).

*****************

وقال فيه تلميذه العلامة المؤرخ الأديب خليل بن أيبك الصفدي في (الوافي بالوفيات) (ج2ص163):

(حافظ لا يجارى، ولافظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرّف تراجم الناس، وأزال الإبهام في تواريخهم والإلباس، ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وانتماؤه، جمع الكثير، ونفع الجم الغفير، وأكثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل بالتأليف----؛ وأعجبني منه ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثاً يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن، أو ظلام إسناد، أو طعن في رواته؛ وهذا لم أر غيره يراعي هذه الفائدة فيما يورده).

******************

وقال فيه تلميذه الحسيني في (ذيل التذكرة) (ص34 - 36):

(الشيخ الإمام العلامة شيخ المحدثين قدوة الحفاظ والقراء محدث الشام ومؤرخه ومفيده----؛ في معجمه الكبير أزيد من ألف ومئتي نفس، بالسماع والإجازة؛ وخرج لجماعة من شيوخه، وجرح وعدل وفرع وصحح وعلل واستدرك وأفاد وانتقى واختصر كثيراً من تآليف المتقدمين والمتأخرين، وكتب علماً كثيراً، وصنف الكتب المفيدة، فمن أطولها (تاريخ الاسلام)، ومن أحسنها (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) وفي كثير من تراجمه [أي تراجم الميزان] اختصار يحتاج إلى تحرير، ومصنفاته ومختصراته وتخريجاته تقارب المئة، وقد سار بجملة منها الركبان في أقطار البلدان؛ وكان أحد الأذكياء المعدودين والحفاظ المبرزين----).

****************

وترجمه العلامة الشوكاني في (البدر الطالع) (ج2ص110 - 112)، ومما قال هناك:

(وجميع مصنفاته مقبولة مرغوب فيها، رحل الناس لأجلها، وأخذوها عنه وتداولوها وقرأوها وكتبوها في حياته، وطارت في جميع بقاع الأرض، وله فيها تعبيرات رائقة وألفاظ رشيقة غالباً، لم يسلك مسلكه فيها أهلُ عصره ولا من قبلهم ولا من بعدهم.

وبالجملة فالناس في التاريخ من أهل عصره فمن بعدهم عيال عليه، ولم يجمع أحد في هذا الفن كجمعه ولا حرره كتحريره.

قال البدر النابلسي في مشيخته: كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم جيد الفهم ثاقب الذهن وشهرته تغني عن الإطناب فيه.

وقد أكثر التشنيع عليه تلميذه السبكي وذكر؟؟ في مواضع من طبقاته للشافعية ولم يأت بطائل بل غاية ما قاله أنه كان إذا ترجم الظاهرية والحنابلة أطال في تقريظهم، وإذا ترجم غيرهم من شافعي أو حنفي لم يستوف ما يستحقه.

وعندي أن هذا كما قال الأول: (وتلك شكاة ظاهر عنك عارها).

فإن الرجل قد ملئ حباً للحديث وغلب عليه فصار الناس عنده هم أهله؛ وأكثر محققيهم وأكابرهم هم من كان يطيل الثناء عليه لا [بالأصل إلا وهو تحريف] من غلب عليه التقليد وقطع عمره في اشتغال بما لا يفيد.

ومن جملة ما قاله السبكي في صاحب الترجمة أنه كان إذا أخذ القلم غضب حتى لا يدري ما يقول، وهذا باطل فمصنفاته تشهد بخلاف هذه المقالة، وغالبها الإنصاف [قلت: ليت جميع المؤرخين – بل عشرة منهم - كانوا في الإنصاف كالذهبي] والذب عن الأفاضل؛ وإذا جرى قلمه بالوقيعة في أحد فإن لم يكن من معاصريه فهو إنما روى ذلك [أو أسبابه] عن غيره؛ وإن كان من معاصريه فالغالب أنه لا يفعل ذلك إلا مع من يستحقه؛ وإن وقع ما يخالف ذلك نادراً فهذا شأن البشر، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم؛ والأهوية تختلف والمقاصد تتباين وربك يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون).

****************

ومما قاله الذهبي مضمناً:

إذا قرأ الحديث عليّ شخصٌ×××××××××وأخلى موضعاً لوفاة مثلي

فما جازى بإحسان لأني×××××××××××××أريد حِباءه ويريد قتلي

وفي ببعض المصادر (حياته) بدل (حباءه) فأثبت (حباءه)، لأن الظاهر أنه ضمنه كما يأتي؛ وإن كان الأصل يروى أحياناً بلفظة (حياته).

قال خليل الصفدي فأنشدته لنفسه أي جواباً على هذين البيتين:

خليلك ما له في ذا مرادٌ××××××××××فدم كالشمس في أعلى محل

وحظي أن تعيش مدى الليالي×××××××××وأنك لا تملُّ وأنت تملي

قال الصفدي: (فأعجبه قولي خليلك لأن فيه إشارة إلى بقية البيت الذي ضمنه هو مع الاتفاق في اسم خليل). انتهى.

قلت: أشار الذهبي إلى بيت لعمرو بن معد يكرب وهو قوله:

أريد حِباءه ويريد قتلي××××عذيرَك من خليلك من مراد

وعذيرك من فلان بالنصب، أي هات من يعذرك فيه، فعيل بمعنى فاعل. (النهاية - عذر – 3/ 197).

والبيت ورد في كتاب سيبويه (1/ 364 – طبعة البكاء)، و (الأغاني) (10/ 27) و (العقد الفريد) (1/ 121) و (خزانة الأدب) (6/ 361).

****************

لقد حظيت كتب الذهبي في هذه السنين الأخيرة بقدر طيب من الاعتناء والدراسة فقد قام بدراسة كتب الذهبي ومنهجه فيها غير واحد من الباحثين والدارسين، فقد كتب الدكتور بشار عواد معروف كتابه (الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الاسلام) أتعب نفسه فيه وأجاد، وكتب هو أيضاً مقدمة طويلة لكتاب الذهبي (سير أعلام النبلاء) شرح فيها خصائص الكتاب ومنهج الذهبي فيه.

وألف غيره من الباحثين والدارسين جملة من الكتب في ترجمة الذهبي ومنهجه في علم الحديث أو التاريخ؛ ومنهم من أجاد وأفاد وأتقن عمله وبلغ المراد.

تنبيه: ما بين الحاصرتين زيادات مني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير