تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(واختلس حين كان يتردد إلي مما عملته كثيراً كـ (الخصال الموجبة للظلال) و (الأسماء النبوية) و (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) و (موت الأبناء) وما لا أحصره----).

كذا قال السخاوي، وبينه وبين السيوطي خصومة معروفة مشهورة فلا تسارعْ في قبول ما يقولان في بعضهما وان كانا غير مدفوعين عن ثقة وأمانة ((7)).

ومما قد يَرِدُ على دعوى السخاوي هذه ظاهر عبارة له وردت في كتابه، فإنه قال:

(وقال ابن كمال الدين الأسيوطي ممن تردد إلي وقتاً----)، ثم ذكر السخاوي أحد عشر بيتاً من نظم السيوطي ثم قال:

(وأدرج فيها ما لا تصريح بالمراد منه في أحاديثه كالزهد وقضاء الحوائج وصالح العبيد والإمام المرتضى للمأمومين والمهاجر).

ثم ذكر السخاوي أحاديثها ثم قال:

(ولو أريد استيفاء ما يشبهها لزادت كثيراً. بل ربما يتوهم من النظم أن الطفل والشهيد قتلاً والمعلم والمؤذن من نمطها، وقد علمت مما قدمته خلافه).

قلت: فهذا قد يشعر بأن كتاب السيوطي أسبق تأليفاً من كتاب السخاوي، ولكن الظاهر أن السخاوي بدأ بتأليف كتابه وأتمه في الجملة قبل بدء السيوطي بتأليف كتابه ثم ظل السخاوي – كعادة كثير من المتأخرين في جمعهم الأجزاء الحديثية – يزيد فيه شيئاً فشيئاً وبقي كذلك حتى بعد فراغ السيوطي من كتابه، ومما يؤيد هذا قول السخاوي في آخر كتابه:

(وهذا ما يسر الله الوقوف عليه في مدة متطاولة، وليس ذلك على وجه الحصر فيه، بل باب الفضل مفتوح).

*************

وأما محتوى هذين الكتابين ففي الجملة لم يزد أحدهما على صاحبه من الزيادات الصريحة في الباب شيئاً يستحق أن يذكر سوى زيادات يسيرة أوردها السخاوي في كتابه، وهذا من أدلة تأخر إكماله، ولكن كتاب السيوطي أكمل وأنفع من جهة أنه ساق أسانيد كثيرة بتمامها وهي عند السخاوي محذوفة إلى الصحابي أو معلقة إلى بعض من دونه، وبعض تلك الأسانيد مفقودة أصولها.

ثم اعلم أن بين الكتابين تشابهاً بيناً في المضمون والترتيب وغيرهما، بل إن بينهما اشتراكاً عجيباً في طائفة من الأوهام يأتي التنبيه على بعضها في مواضعها.

5 - ثم إن السيوطي عاد فاختصر كتابه هذا في جزء قال في أوله:

(وبعد، فقد جمعت في الخصال المستوجبة لظل العرش جزءاً حافلا تتبعت فيه الأحاديث الواردة في ذلك، وأوردتها بأسانيدها، وبينت حال الإسناد ورجاله، واستوعبت شواهد كل حديث وخصاله، فحوى من الفوائد الجمة ما لا مزيد عليه في الجملة، ووصلت فبه الخصال المذكورة سبعين خصلة. وقد أوردت تلخيصها هنا لمن لا يرغب في الإسناد، وهم أكثر عجزة العصر، فاقتصرُ على متن الحديث وصحابيه ومخرجيه وبيان حاله صحة وضعفاً، وأشير إلى بقية الطرق المصرحة بالإظلال بقولي (وله شاهد عن فلان)، وسميته (بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال) ----).

وطبع تمهيد الفرش وبذيله ملخصه هذا في الأردن عام 1407هـ بتحقيق الشيخ مشهور حسن.

6 - ومن هذه المؤلفات كتاب السخاوي الذي تقدم ذكره، وقد ذكره مؤلفه في (الضوء اللامع) (8/ 18) وسماه (الاحتفال بجمع أولي الظلال)، وسماه في ترجمة السيوطي من (الضوء اللامع) بـ (الخصال الموجبة للظلال).

وقال في خطبته:

(---- فقد ورد علي السؤال من بعض فضلاء الدمشقيين ممن اتسم باندراجه في المحدثين - كثر الله تعالى منهم ودفع المكروه بهم وعنهم – تجريد ((8)) ما أودعه شيخنا رحمه الله في (أماليه المطلقة) من الخصال المستوجبة للظلال، وأن أضيف لذلك ما بلغه أنني زدته ومن غضون المطالعة حصلته، فأجبته لذلك رغبة في الثواب ومحبة لنشر العلم بين الطلاب، مع العلم بعدم الانحصار فيها ((9)) والأمن ممن يأخذها فينسبها لنفسه ويدعيها غافلاً عن كون عزو العلم لقائله شكره المقتضي للزيادة والظهور، وأن "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" ((10)).

وقد روينا في "المدخل" للبيهقي من طريق العباس بن محمد الدروري سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول:

(إن من شكر العلم أن تقعد مع قوم فيذكرون شيئاً لا تحسنه فتتعلمه منهم ثم تقعد بعد ذلك في موضع أخر فيذكرون ذلك الشيء الذي تعلمته فتقول: والله ما كان عندي منه شيء حتى سمعت فلاناً يقول كذا وكذا فتعلمته؛ فإذا فعلت ذلك فقد شكرت العلم) ((11)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير