تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك نلاحظ اعتناء المؤلف – رضي الله عنه – بذكر أهم المعاهد والمقامات والمواضيع التي يمر بها؛ كحانوت النبي، وزاوية سيدي عبد القادر الجيلاني، ونعل مولانا رسول الله r وعلى آله، الموجودة لدى الشرفاء الطاهريين الصقليين الحسينيين، مدققا في صحة نسبتها لمن نسبت إليه، وتاريخ بنائها أو ترميمها، وأهم الوقائع التي مرت بها ... والمؤلف في هذا الجانب يظهر كمرشد سياحي؛ سياحة إسلامية دينية، تعريفية بمآثر أئمة الإسلام وأعلامه.

وهو في كل ترجمة من التراجم يبتدئ بتحرير اسم المترجم له، ونسبه، وضبط ذلك، ثم ولادته، ونشأته، وأخذه العلم، ومن أخذ عنه، ورحلته، وحاله، ومؤلفاته، ثم وفاته ومحل دفنه. وربما توسع – أحيانا – في ذكر أهم أحواله وأخباره، أو الاستطراد بترجمة بعض شيوخه أو أبنائه. ويدبج اسم المترجم له صدر الترجمة بألقاب تلخص مقداره العلمي والمعرفي والحالي في كلمات لا تتجاوز – في العموم – السطر الواحد.

وقد يخرج المؤلف – رحمه الله تعالى – عن نهجه في ترجمة المقبورين بفاس؛ إلى ترجمة بعض الأعلام ممن لم يكن فاسيا، أو لم يقبر بها؛ كمولانا أبي سلهام، ومولاي عبد السلام بن مشيش، ومولاي العربي الدرقاوي، والعارف الحراق، وملوك الدولة العلوية ... إلخ، لفائدة يراها في ذلك. الأمر الذي يصبغ الكتاب بصبغة شمولية؛ بحيث يحتاج إليه الفاسي وغير الفاسي.

والمؤلف – أحيانا – ينقل فتاوى أو فوائد علمية وعرفانية لبعض المترجم لهم، أو مباحث علمية وصوفية تتعلق بموضوع مهم في ترجمة بعض الأعلام، يوضح حاله، ويشرح بعض مواقفه.

وللمؤلف – رحمه الله تعالى – اعتناء بذكر الكرامات، وترجمة المجاذيب والبهاليل، ومن نسب إلى ذلك. غير أنه ضابط لما ينقله من ذلك؛ فهو لا يذكر أمرا من خوارقهم وعجائبهم إلا بمستند، وربما صدره بلفظة: ((روي) أو: ((قيل)) المفيدتين عند أهل الحديث للشك والارتياب في ذلك الخبر، قصده بذلك: توضيح الصورة كاملة للقاريء؛ صورة العصر، وصورة الزمان والفكر السائد فيه، وصورة حال المترجم له وما عرف به. كما لا يخفى الجانب الشعبي لتلك الحكايات وما له من العمل والتأثير تشويقا للقاريء، ووعظا للعامة والصغار الذين يأنسون لمثل تلك الحكايات، خاصة في ذلك العصر.


(1) وهي السنة التي طبع فيها الكتاب، وآخر سنة وفاة أرخ لها: وفاة الفقيه الشريف سيدي محمد بن أحمد الصقلي الحسيني سنة 1316. (انظر ص349 حجرية).
(2) طبع في المطبعة الحجرية الفاسية دون تاريخ.

-يتبع-

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[18 - 01 - 06, 07:51 م]ـ
أما أسلوبه في تحرير التراجم؛ فهو أسلوب لم يسبق إليه – حسبما اطلعنا عليه من كتب التواريخ المغربية والمشرقية – فالمؤلف يحرر التراجم بنفس طريقة تحرير المسائل الفقهية؛ من حيث عرض الخلاف في المسألة المختلف فيها، ثم الترجيح بين الأقوال طبقا للقواعد الحديثية والأصولية، والقرائن التاريخية. وكذا أسلوبه في نقل أقوال العلماء في المترجم لهم؛ أسلوب فقهي غريب عن الكتابة التاريخية، بحيث يعد ابتكارا في أسلوب كتابة التاريخ لم يسبق إليه المؤلف، ودقة لا متناهية في تحرير بنود الترجمة ...

وقد يتعرض المؤلف – رضي الله عنه – في بعض التراجم لذكر منهج المترجم له في الفقه، وطريقته في التأليف، ومنهجيته في تحرير المسائل العلمية؛ بحيث تتبلور في منهجية المؤلف عدة مدارس علمية، تابعة لأئمة العلم بفاس، وعدة مناهج في الفقه وغيره.

غير أن المؤلف – وكما التزمه في مقدمة الكتاب – إنما يذكر مناقب المترجم لهم، ويتغاضى عن زلاتهم وشطحاتهم إلا لمما. فكتابه كتاب مناقب لا كتاب مثالب، وكتاب يقصد به مؤلفه إرشاد الخلف إلى اقتفاء سير سلفهم. السبب الذي جعل الكتاب خلوا من العديد من الوقائع والفتن التاريخية التي كان بعض المترجم لهم طرفا ضالعا فيها. فقد قال (1: 9): ((وتحريت فيه الصواب جهدي وغايتي، واستعملت من التثبت ما يمكن بحسب وسعي وطاقتي، وما وقفت عليه من حسن ذكرته، ومن سوء طويته وسترته؛ لأن لحوم العلماء - كما قاله الإمام الحافظ أبو القاسم ابن عساكر، ونقله عنه النووي في "التبيان" والمقري في "أزهار الرياض" وغيرهما - مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصهم مشهورة معلومة، ومن أطلق لسانه فيهم بالثلب؛ ابتلاه الله تعالى قبل
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير