? وسع المصادر المعتمدة في الكتاب، وكثرتها، واتساع نطاقها من كتب مشرقية ومغربية، ومتعددة المواضيع في مختلف مجالات المعرفة. وبعض تلك المصادر مفقود أو نادر الوجود.
· مؤلف "السلوة": الذي يعد معلمة من معالم المغرب، من النواحي العلمية والصوفية والإصلاحية؛ الأمر الذي أعطى لكلامه وأفكاره مصداقية ومرجعية تفوق جميع من أفردوا في تاريخ فاس قبله وبعده، وجعل كتابه كتاب جرح وتعديل كذلك، على غرار كتب الرجال.
· هاجس تدخل المستعمر الأجنبي، في الشؤون العامة للبلاد. يتكرر هاجس التدخلات الأجنبية، في عدة مواضع من التقييد. فهاجس التدخل الأجنبي في الشؤون العامة للبلاد قد أصبح في هذه الأزمنة الأخيرة هاجسا يقلق بال السلطة العمومية في البلاد، ويؤرق السلطة الدينية كذلك. ويظهر هذا الهاجس جليا، حين يؤكد لنا المؤلف من ضمن ما يؤكد عليه في فضائل فاس (ص 77). من: ((أنها: محفوظة - إن شاء الله تعالى - من استيلاء الكفار عليها، وانحياشهم على وجه الأخذ إليها ... تمم الله عليها نعمته (نعمة الاستقلال) وأدام عليها وعلى أهلها منته وعافيته، وحقق فيه رجاءنا، وبلغ فيه آمالنا .. )). وكذا الفتوى التي ساقها (2/ 243) بخصوص حكم الحج بالنسبة للمغاربة نظرا لجريان أحكام النصارى فيهم، وما يلاقونه أثناء ركوب مراكبهم من الاضطهاد والمهانة.
? "السلوة" كتاب تاريخ وتربية وأخلاق. فالمؤلف الجليل – رحمه الله – لا يخفي عن القارئ اهتمامه الأكيد، بجعل تقييده هذا كتاب تربية وأخلاق، وتوجيه للعامة والخاصة منهم، على حد سواء، إلى جانب كونه كتاب تاريخ للأعلام والرجال والمؤسسات: فقد تحرى في كتابته الموضوعية والصواب، ولزوم الأدب العام مع مقامات العلماء، وعدم النيل من أقدارهم ...
? كتاب "السلوة" يترجم لجذور وسلاسل المغرب في علوم القرآن، والفقه، والحديث، واللغة، والتصوف ... فالمؤلف يترجم لمختلف رجالات هذه السلاسل، ليعود بجميعها إلى الإمام مولانا إدريس الأزهر، ثم والده الإمام إدريس الأكبر ناشر الإسلام بالمغرب، ومؤسس الدولة المغربية. ولذلك قد يترجم المؤلف – وخاصة في مجال التصوف – لأعلام هم من خارج فاس، لم يستوطنوها، ولم يقطنوها؛ كأبي عبد الله آمغار، والجزولي، والتباع، والغزواني، والدرقاوي، والحراق ... إلخ.
ويعتني المؤلف في سلاسل التصوف بذكر كل علم، وشيخه، وعمن أخذ؛ لينقسم التصوف بفاس والمغرب إلى:
1. تصوف سلوك:
أ رجال الطريقة الشاذلية.
ب رجال الطريقة القادرية.
ج رجال طرق صوفية أخرى.
د شيوخ مربون مستقلون.
ه شيوخ مربون من غير أوراد.
2. تصوف الجذب. ويعد كتاب "السلوة" أوسع مرجع اعتنى بهذا النوع من التصوف ورجالاته. بحيث يمكن دراسة ظاهرة المجاذيب في فاس، تاريخيا، وفكريا، ونفسيا، وصوفيا عن طريق "السلوة".
ولعل في ختم المؤلف لكتابه بذكر نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني، مع بدئه بترجمة المولى إدريس الأزهر ووالده المولى إدريس الأكبر؛ إشارة لطيفة إلى امتزاج المشرب القادري الممثل بالشيخ عبد القادر الجيلاني في المشرب الشاذلي الذي تتفرع منه جل زوايا المغرب وهو مشرب إدريسي المنشأ في فاس وأهلها.
? الروح النقدية. فالمؤلف لم يكن حاطب ليل، بل كان واعيا بما ينقل، متثبتا في أخباره؛ بحيث تصاحبك روحه الجادة مهيمنة على التقييد، ومن ذلك قوله (1/ 7): ((وتوجد بيد بعض الناس أوراق في بعض ما له من المناقب والكرامات، الغالب أنها مصنوعة)).
وإن كنا أسلفنا بأن كتاب "الأزهار العاطرة الأنفاس" للمؤلف يمكن أن يعد مقدمة لـ "السلوة"؛ فإن كتاب "السلوة" برمته يمكن أن يعد مقدمة لكتاب "جلاء الأصداء من القلوب الغينية في بيان إحاطته عليه الصلاة والسلام بالعلوم الكونية" المسمى بـ: "العلم المحمدي"، والواقع في ثلاثة أسفار من تأليف المؤلف – رضي الله عنه – والذي يصح أن يسمى كذلك: "علوم أهل الله تعالى". وإن كانت "السلوة" معلمة ألفها الإمام الكتاني في أوج شبابه؛ فإن "جلاء الأصداء" معلمة ألفها في أوج كهولته، وكلاهما استغرق حوالي خمسة عشر عاما – جمعا وتأليفا وتحريرا. وقد نعد كتاب "الأزهار" مقدمة موسوعة المؤلف حول فاس، و"السلوة" تراجم رجالاتها وأعلامها ومعاهدها ومحالها، و"الجلاء" بحث في علومها ومذاهبها وآرائها.
¥