تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا أعرف أحدا من العلماء قديما أو حديثا ذكر مثل هذا الاستدلال الغريب؛ إذ لايصح وصف من يأتي دبر الحائض بأنه معذور لحاجته لهذا المحل بدل الفرج المحرم بسبب الحيض، فكلا المحلين محرم وتوعد في هذا الحديث على إتيان أي منهما بالوعيد نفسه. ومادام الدبر محرما فلايصح أن يقال: إن هناك من يحتاج إليه، أو إن هناك حاجة تدعو إليه ومع ذلك حرم، فالله تعالى لايحوج عباده لشيء حرمه عليهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله لم يجعل شفاءكم في حرام " رواه ابن حبان (الإحسان 4/ 233)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه:"فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه مااستطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه "، ولم يقيد جانب النهي بالاستطاعة مع أنه قيد جانب الأمر بالاستطاعة؛ لأن النهي كف وترك، وهذا مقدور لكل أحد لأن الأصل عدم الفعل، فالنهي موافق للأصل.

قال الشيخ السعدي رحمه الله: وكل أحد يقدر على ترك جميع مانهى الله عنه ورسوله، ولم يضطر العباد إلى شيء من المحرمات المطلقة؛ فإن الحلال واسع يسع جميع الخلق في عباداتهم ومعاملاتهم وجميع تصرفاتهم (بهجة قلوب الأبرار/220).

وزوج الحائض ليس معذورا في ذلك كما وصفه الشيخ البريكان، فهو لم يمنع من الاستمتاع بامرأته في غير الفرج والدبر كما في حديث"اصنعوا كل شيء إلا النكاح" رواه مسلم.

والحاصل أن الاستدلال الذي ذكره المؤلف فيه نظر، ولم نجد أحدا من العلماء ذكره، وإنما وجدناهم يستدلون على تحريم الدبر بتحريم الفرج حال الحيض.

قال ابن العربي المالكي: وسألت الإمام القاضي الطوسي عن المسألة فقال: لا يجوز وطء المرأة في دبرها بحال؛ لأن الله تعالى حرم الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة فأولى أن يحرم الدبر بالنجاسة اللازمة. (أحكام القرآن 1/ 174)

ـــــــــــــ

وقال المؤلف حفظه الله في ص 188: قال سبحانه: {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما} أي شريكا في الاسم، فسمياه عبدالحارث، والحارث من اسماء الشيطان.

أقول: اقتصر المؤلف هنا على ماذكره كثير من العلماء في تفسير هذه الآية اعتمادا على قصة آدم وحواء في تسمية ابنهما عبدالحارث، والتي ذكرت في حديث لايصح، وقد بين علله الإسنادية والمتنية ابن كثير في تفسيره (3/ 525)، ووافقه على ذلك الألباني في السلسلة الضعيفة 1/ 516.

وقال القرطبي:ونحو هذا مذكور من ضعيف الحديث في الترمذي وغيره وفي الإسرائيليات كثير ليس لها ثبات فلا يعول عليها من له قلب فإن آدم وحواء عليهما السلام وإن غرهما بالله الغرور فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين (تفسير القرطبي7/ 215)

وذكر الشيخ ابن عثيمين سبعة أوجه أثبت بها بطلان هذه القصة. (انظر القول المفيد3/ 84)

وقول المؤلف بأن الحارث من أسماء الشيطان فيه نظر. وقد صحح الألباني حديث"أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن والحارث" (الصحيحة ح904)، وحديث " خير الأسماء عبدالله وعبدالرحمن، وأصدق الأسماء همام وحارث، وشر الأسماء حرب ومرة" (الصحيحة ح1040) فكيف يثنى على اسم الحارث، وهو اسم للشيطان؟

ــــــــــــــــــــ

وقال المؤلف حفظه الله في ص 202: والعلة في تحريم اتخاذ القبور مساجد هو كون ذلك وسيلة من وسائل الشرك، وقد غلط من قال: إنها النجاسة ... كما أنه لم يؤثر عن سلف الأمة من قال بها مما يدل على أن القول بأن ذلك هو علة النهي أمر محدث لا أصل له في كتاب الله ولا سنة رسوله ولاأقوال السلف.

أقول: ما ذكره المؤلف هنا صحيح، لكن نفيه وجود أحد من السلف قال بأن العلة النجاسة فيه نظر

فقد قال الإمام الشافعي المتوفى سنة 204رحمه الله في علة النهي عن الصلاة في المقبرة: ليس لأحد أن يصلي على أرض نجسة؛ لأن المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم. (الأم للشافعي 1/ 92)

ــــــــــــــــــ

وقال المؤلف حفظه الله في ص 205 في أنواع التبرك بالصالحين:

2­ التبرك بآثارهم وأبدانهم وفضلاتهم، فهو محرم إلا بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم

في حياته، ولذا لم ينقل لنا عن أحد من السلف الصالح أنه تبرك بشيء من آثاره بعد مماته صلى الله عليه وسلم.

أقول. سبحان الله! بل نقل لنا عنهم ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير