الصالحين بعد أن وضح أن الغلو فيهم هو مجاوزة الحد المشروع في المدح والثناء قولا أوفعلا، ثم بين أنه على ثلاثة أقسام من حيث الحكم: مناف للتوحيد، أو مناف لكماله، أو محرم، قال بعد ذلك:
ويدخل في مسمى الغلو في الصالحين الغلو فيهم في حياتهم، وذلك بالتبرك بهم، وهو أنواع:
1 طلب الدعاء منهم، فهذا جائز لا محظور فيه.
أقول: كيف يقول المؤلف إنه جائز لا محظور فيه؟ وهو قد جعله من الغلو في الصالحين في حياتهم، وقد بين سابقا أن الغلو في الصالحين مناف للتوحيد أو كماله أو محرم، ولم يذكر أن من الغلو في الصالحين ماهو جائز لا محظور فيه.
ثم قال المؤلف في ص 206: وقد نهى الله عن الغلو في الصالحين بأنواعه.
فكيف يجعله هناك من أنواع الغلو في الصالحين ويجوزه، وهنا يعمم القول بالنهي عنه بأنواعه، فلاشك أن هذا تناقض من المؤلف.والصواب أن طلب الدعاء من الصالحين ليس من الغلو فيهم، وهو جائز، وإن كان تركه في بعض الأحوال أفضل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وأما سؤال المخلوق المخلوق أن يقضي حاجة نفسه، أو يدعو له فلم يؤمر به بخلاف سؤال العلم فإن الله أمر بسؤال العلم ... ولهذا لم يعرف قط أن الصديق ونحوه من أكابر الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم، وإن كانوا يطلبون منه أن يدعو للمسلمين.
(مجموع الفتاوى 1/ 185)
وقال أيضا: ومن قال لغيره من الناس ادع لي أو لنا، وقصده أن ينتفع ذلك المأمور بالدعاء، وينتفع هو أيضا بأمره، ويفعل ذلك المأمور به كما يأمره بسائر فعل الخير فهو مقتد بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤتم به، ليس هذا من السؤال المرجوح.وأما إن لم يكن مقصوده إلا طلب حاجته لم يقصد نفع ذلك والإحسان إليه فهذا ليس من المقتدين بالرسول المؤتمين به في ذلك، بل هذا هو من السؤال المرجوح الذي تركه إلى الرغبة إلى الله ورسوله أفضل من الرغبة إلى المخلوق وسؤاله.
(مجموع الفتاوى 1/ 193)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وقولنا: التوسل إلى الله بدعاء من ترجى إجابته هذا من النوع الجائز ولكنه هل هو من الأمر المشروع، يعني هل يشرع لك أن تقول لشخص ما: ادع الله لي؟ نقول: في هذا تفصيل، إن كان لأمر عام يعني طلبت من هذا الرجل أن يشفع لك في أمر عام لك ولغيرك فلابأس به، ومنه الحديث في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: هلكت الأموال وانقطعت السبل، فإن هذا الرجل لم يسأل شيئا لنفسه، وإنما سأل شيئا لعموم المسلمين، أما إذا كان لغير عامة المسلمين فالأولى ألا تسأل أحدا يدعو لك إلا إذا كنت تقصد من وراء ذلك أن ينتفع الداعي، هذا لا بأس به بشرط ألا تقصد إذلال نفسك بالسؤال.
(مجموع فتاوى ابن عثيمين 2/ 354)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال المؤلف في ص 206: عن مجاهد {أفرأيتم اللات والعزى} قال: كان يلت السويق للحاج
فمات فعكفوا على قبره، وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج.
فكان سبب عبادة هذا الصنم هو ماكان يفعله من خير.
أقول: قول المؤلف: فكان سبب عبادة هذا الصنم هو ماكان يفعله من خير غير صحيح؛ فسبب
عبادتهم هذا الصنم هو غلوهم في الصالحين، وليس ماكان يفعله من خير. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يأتي الخير إلا بالخير " متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري، وفي لفظ لهما "لا يأتي الخير بالشر)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال المؤلف في ص 206. قال صلى الله عليه وسلم:" من أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله".
أقول: لم يذكر المؤلف من أخرج الحديث، وقد بحثت عنه فلم أجده هكذا بزيادة "من" كما أثبتها
المؤلف وإنما هو "أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله " رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 7/ 80، والطيالسي في مسنده /101، وانظر السلسلة الصحيحة للألباني ح 998.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال المؤلف في ص 206: وقوله يعني النبي صلى الله عليه وسلم:" أن يكون الله ورسوله أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)
أقول: لم يذكر المؤلف من أخرج هذا الحديث، وقد بحثت عنه فلم أجد حديثا بهذا اللفظ، وإنما
¥