تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذكر أيضا أن من أسباب انتشار التأويلات الغريبة الباطلة أن أصحابها والمعتنين بها قصدوا الإغراب على الناس في وجوه التفسير والتأويل وادعاء وقوفهم على نوادر لا توجد عند عامة الناس لعلمهم أن الأمر الظاهر المعلوم يشترك الناس في معرفته فلا مزية فيه، والشيء النادر المستظرف يحل محل الإعجاب، وتتحرك الهمم لسماعه واستفادته؛ لما جُبل الناس عليه من إيثار المستظرفات والغرائب.وهذا من أكثر أسباب الأكاذيب في المنقولات والتحريف لمعانيها ونحلتها معاني غريبة غير مألوفة.وإلا فلو اقتصروا على ما يعرف من الآثار وعلى ما يفهمه العامة من معانيها لسلم علم

القرآن والسنة من التأويلات الباطلة والتحريفات.

(الصواعق المرسلة لابن القيم بتحقيق علي آل دخيل الله 2/ 693)

فالأصل في المادة العلمية التي يقدمها العلماء وطلبة العلم من أهل السنة والجماعة في

دروسهم ومحاضراتهم وخطبهم أنها واحدة؛ لأن مصادرهم واحدة، وإن تنوعت كلماتهم في التعبير عنها، وتنوعت أساليبهم في عرضها، فالأصل بينهم الاتفاق، وليس الإغراب وذكر ما لا يعرفه أهل العلم، وإن كانوا يتفاوتون في قدر ما لدى كل منهم من تلك المادة العلمية بحسب تفاوتهم في الاجتهاد في الطلب والتحصيل والفهم والإدراك.

قال الإمام الزهري رحمه الله: حدثتُ علي بن الحسين بحديث، فلما فرغت قال: أحسنت بارك الله فيك، هكذا حُدِّثنا.قلت: ما أراني إلا حدثتك بحديث أنت أعلم به مني.قال: لا تقل ذلك، فليس من العلم ما لا يُعرف؛ إنما العلم ماعُرف وتواطأت عليه الألسن.

(تدريب الراوي 2/ 178)

وتذاكر الإمام أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح الحديث، فلم يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا، فكانت المادة عندهما واحدة، وكل ماعند أحمد بن حنبل كان عند أحمد بن صالح سوى حديث واحد، فسأله أن يمليه عليه فأملاه عليه.

(انظر تاريخ بغداد 4/ 197)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ

وليُعلم أنني لم أرد بما كتبته الإساءة إلى الأخ عمرو خالد الذي أسأل الله تعالى أن يعفو عنه وأن يغفر له، وأن يوفقه لما يحبه ويرضاه، وأن يهديه للحق، ويوفقه للعمل به والتزامه

وإنما حملني على كتابة ماكتبته النصيحة، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم

"الدين النصيحة"، قيل له: لمن؟ قال:" لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"انصر أخاك ظالما أو مظلوما" فقال رجل: يارسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟، قال:

" تحجزه أو تمنعه من الظلم؛ فإن ذلك نصره" رواه البخاري.ولا شك أن منع المسلم من القول في دين الله بغير علم الذي هو من أشد المحرمات، وأقبح المعاصي لا شك أن ذلك نصرة له بمنعه من الوقوع في ظلم نفسه، وظلم الناس الذين يستمعون إليه ويتبعونه ويغترون به، وهو ليس أهلا لذلك.ولا شك أن تبصير الناس بحال هذا الرجل ليجتنبوا الاغترار به، فيه نصح لهم، ونصح

للرجل نفسه؛ فتقليل أعداد من يغترون به خير له في عاقبته من تكثيرهم، الذي يترتب

عليه تكثير الأوزار التي يحملها على ظهره بسبب أنه غرهم.

وهذا من واجبات أهل العلم والاختصاص، فإذا سكتوا عن بيان الحق فمن الذي يبينه؟

وهذا شأن العلماء قديما وحديثا، فلم يزالوا يبينون الخطأ ولو صدر من كبار الأئمة،

فكيف إذا صدر من غيرهم ممن ليس من أهل العلم ولا الاختصاص إذا تكلم في دين الله بما لايعلم

وممن توسع في التأكيد على هذا الأمر من المعاصرين الشيخ بكر أبو زيد في كتابه الرد

على المخالف من أصول الإسلام.

قال ابن عبد البر رحمه الله: هذا كثير في كتب العلماء، وكذلك اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من الخالفين، وما رد فيه بعضهم على بعض لا يكاد أن يحيط به كتاب فضلا أن يجمع في باب. (جامع بيان العلم 2/ 919)

وقد سار على هذا العلماء جيلا بعد جيل غير ملتفتين إلى من ينقدهم أو يعترض عليهم في ذلك.

حذر الإمام عبدالله بن المبارك من بعض الرواة، فقال له بعضهم: يا أبا عبدالرحمن، تغتاب؟ فقال له: اسكت، إذا لم نبين كيف يعرف الحق من الباطل.

(الكفاية للخطيب بتحقيق الدمياطي 1/ 177).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير