تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخلاف في اللغة والاختلاف والمخالفة بمعنًى واحد، قال في المصباح المنير: " خالفته مخالفة وخلافًا وتخالف القوم واختلفوا إذا ذهب كل واحدٍ إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر، وهو ضد الاتفاق.

ولا يختلف المعنى الشرعي للخلاف عن المعنى اللغوي، إلا أنه مقصور على الاختلاف في المسائل الشرعية، فالعلاقة بين المعنيين هي علاقة عموم وخصوص مطلق، ذلك أن علماء الشريعة يطلقون الخلاف على المسائل الشرعية التي لم يجمع عليها، فالخلاف ضد الإجماع.

ونعني بالخلاف هنا ما هو أشمل من الخلاف في المسائل الفقهية الاجتهادية، فيدخل في ذلك المخالفة في المسائل الاعتقادية. و قد قسم العلماء الخلاف إلى أقسام:

- اختلاف التنوع 2 - اختلاف التضاد

النوع الأول: اختلاف التنوع

وهو ما لا يكون فيه أحد الأقوال مناقضاً للأقوال الأخرى، بل كل الأقوال الصحيحة، وهذا مثل وجوه القراءات وأنواع التشهد والأذكار، ومن هذا الباب: الواجب المخير، مثل: كفارة اليمين، و تنوع الأعمال الصالحة. وهذا النوع في غاية الأهمية، لأن همم العباد متنوعة، وقدراتهم وأفهامهم مختلفة، واستعداد كل منهم لنوع معين من العمل أمر فطري فيهم، والنادر من الخلق من له الهمة العالية والسبق في كل خير، وأما أكثر الخلق فليسوا كذلك، وهذه الأعمال الصالحة المتنوعة مطلوبة كلها، وتكامل المسلمين فيها هو الذي يأتي بأفضل النتائج. لذا يمكن القول عن إختلاف التنوع أنه أنه من مقتضيات الرحمة ومظاهرها، وأنه لابد من استثماره لتحقيق التكامل بين المسلمين، ولابد من أجل أن نتجنب ترك الواجبات العينية الأخرى.

النوع الثاني: اختلاف التضاد

وهو أن يكون كل قول من أقوال المختلفين يضاد الآخر ويحكم بخطئه أو بطلانه، وهو أن يكون في الشيء الواحد قول للبعض بحرمته وللبعض بحله -من جهة الحكم لا من جهة الفتوى-، ووقوع هذا النوع من الاختلاف في الملل والعقائد والأديان من المعلوم بالضرورة والمجمع عليه بين المسلمين، ولم يخالف في ذلك إلا الزنادقة المنافقون - وللأسف ما أكثرهم في زماننا! - ممن ينشر هذا الدين الباطل بين الناس، نعني به مساواة الملل، وأن كل الأديان حق وصواب، وأن أهلها إن تمسكوا بما هم عليه فهم ناجون، فاليهود عليهم التمسك باليهودية، والنصارى كذلك، والمسلمون كذلك، بل صار عند بعضهم أن من يسأل عن حكم اليهود والنصارى في الدنيا والآخر، هل هم كفار؟ وهل هم مخلدون في النار؟ فهو يهدد الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، ولا يحترم الأديان، فهو عندهم يستحق أقسى أنواع العقوبات -والعياذ بالله من الخذلان-.

وهذا النوع من الخلاف ينقسم إلى:

1 - اختلاف سائغ غير مذموم.

2 - اختلاف غير سائغ مذموم.

أولاً: الاختلاف السائغ غير المذموم:

الاختلاف السائغ هو ما لا يخالف النص -من الكتاب والسنة- أو الإجماع القديم، أو القياس الجلي، ومعنى النص هنا: ما لا يحتمل إلا معنى واحداً لا اجتهاد في فهمه على وجوه متعددة، وليس مجرد وجود حديث أو أحاديث في الباب، فقد توجد لكن تكون دلالتها محتملة ووجوه الجمع مختلفة، والتصحيح والتضعيف محل نظر، فلا يكون في المسألة نص. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه",وقال ابن القيم في (إعلام الموقعين): "وقولهم: إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها، ليس بصحيح، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول الفتوى أو العمل، أما الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً شائعاً وجب إنكاره اتفاقاً، وإن لم يكن كذلك فإن بيان ضعفه ومخالفته للدليل إنكار مثله، وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار، وكيف يقول فقيه: لا إنكار في المسائل المختلف فيها ... والفقهاء من سائر الطوائف قد صرحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتاباً أو سنة، وإن كان قد وافق بعض العلماء! وأما إذا لم يكن في المسائل سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم تنكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً"

أسباب هذا الخلاف السائغ:

1 - من هذه الأسباب: أن الشرع لم ينصب دليلاً قاطعاً على كل المسائل، بل جعل دليل بعضها دليل ظنياً يحتاج لبحث واجتهاد ونظر، يقوم به من حصل مقومات الاجتهاد والنظر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير