الأمر الأوّل: كمال مهارة المُصَنِّف؛ فإنّه لجودة ذهنه وحُسْن عبارته يتكلّم على معانٍ دقيقة بكلام وجيز كافياً في الدّلالة على المطلوب، وغيرُه ليس في مرتبته، فربّما عسُر عليه فهم بعضها أوتعذّر، فيحتاج إلى زيادةِ بسطٍ في العبارة لتظهرَ تلك المعاني الخفيّة، ومن ههنا شرح بعض العلماء تصنيفه.< o:p>
الأمر الثّاني: حذفُ بعض مقدّمات الأقيسة اعتماداً على وُضوحها أولأنّها من علم آخر، أوأهمل ترتيب بعض الأقيسة فأغفل عِلَل بعض القضايا، فيحتاج الشارح إلى أن يذكر المقدّمات المهملة، ويبيّن ما يُمكن بيانه في ذلك العلم، ويرشد إلى أماكن فيما لايليق بذلك الموضوع من المقدّمات، ويُرتّب القياسات، ويعطي عِلل مالم يعط المصنّف.< o:p>
الأمر الثالث: احتمال اللفظ لمعانٍ تأويليّة، أولطافة المعنى، عن أن يعبّر عنه بلفظ يوضحه، أوللألفاظ المجازيّة، واستعمال الدلالة الالتزاميّة، فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنّف وترجيحه. وقد يقع في بعض التصانيف ما لايخلوالبشر عنه من السّهووالغلط والحذف لبعض المهمّات، وتكرار الشيء بعينه بغير ضرورة إلى غير ذلك، فيحتاج أن ينبّه عليه"< SUP>([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1207530#_ftn8)).
n ضوابط الشرح < o:p>
قال السّيوطي في ذلك: " ولايبالغ في الإيجاز بحيث ينتهي إلى الإغلاق، ولا في الإيضاح بحيث ينتهي إلى الرّكاكة، ولْيكن اعتناؤه من التأليف بما لم يسبق إليه أكثر"< SUP>([9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1207530#_ftn9)).
وممّا ينبغي ملاحظته سُلوك سبيل التوسّط في المتن والشرح حتى لايصل بالإيجاز إلى الألغاز، وبالإيضاح إلى الرَّكاكة< SUP>([10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1207530#_ftn10)).
ويقول حاجي خليفة: " ثمّ إنّ من آداب الشارح وشرطه أن يبذل النّصرة فيما قد التزم شرحَه بقدر الاستطاعة، ويذبّ عمَّا قد تكفّل إيضاحه بما يذبّ به صاحبُ تلك الصناعة، ليكون شارحاً غير ناقض، وجارحاً ومفسِّراً غير معترض، اللهمّ إلا إذا عَثَر على شيء لايمكن حمله على وجه صحيح = فحينئذ ينبغي أن ينبّه عليه بتعريض أوتصريح، متمسّكاً بذيل العدل والإنصاف، متجنِّباً عن الغيّ والاعتساف، لأنّ الإنسان محلّ النِّسيان، والقلم ليس بمعصوم من الطغيان، فكيف بمن جمع المطالب من محالّها المتفرّقة، وليس كلّ كتاب ينقل المصنّف عنه سالماً من العيب، محفوظاً له عن ظهر الغيب = حتى يُلام في خطئه؛ فينبغي أن يتأدّب عن تصريح الطّعن للسلف مطلقاً، ويكني بمثل: قيل، وظنّ، ووهم، واعترض، وأُجِيبَ، وبعض الشرّاح، والمحشي، أوبعض الشروح، والحواشي، ونحوذلك، مِن غير تعيين؛ كما هودأب الفضلاء من المتأخّرين؛ فإنّهم تأنّقوا في أسلوب التّحرير، وتأدّبوا في الرّدّ والاعتراض على المتقدّمين بأمثال ماذكر، تنزيهاَ لهم عما يفسد اعتقاد المبتدئين فيهم، وتعظيماً لحقهم، وربّما حملوا هفواتهم على الغلط من الناسخين لامن الراسخين، وإنْ لم يمكن ذلك قالوا: لأنّهم لفرط اهتمامهم بالمباحثة والإفادة لم يفرغوا لتكرير النظر والإعادة، وأجابوا عن لمز بعضهم بأنّ ألفاظ كذا وكذا ألفاظ فلان بعبارته، بقولهم: إنّا لانعرف كتاباً ليس فيه ذلك، فإنّ تصانيف المتأخّرين بل المتقدّمين لاتخلوعن مثل ذلك، لا لعدم الاقتدار على التغيير، بل حذراً عن تضييع الزمان فيه، وعن مثالبهم بأنّهم عزوا إلى أنفسهم ماليس لهم بأنّه إن اتّفق فهومن توارد الخواطر، كما في تعاقب الحوافر على الحوافر "< SUP>([11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1207530#_ftn11)).
ومن ذلك نستنتج قواعدَ وضوابطَ هامّةً للشرح:< o:p>
1- عدم المبالغة في الإيجاز إلى حدِّ الألغاز.< o:p>
2- عدم المبالغة في الإيضاح إلى حَدِّ الرّكاكة.< o:p>
3- بذل النصرة فيما قد التزم شرحه إلا إذا عثر على شيء لايُمكن حمله على وجه صحيح.< o:p>
([1]) تاج العروس، الزَّبيدي، مادّة (حشي).< o:p>
([2]) قواعد الاختصار المنهجي في التأليف، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 59، عبد الغني أحمد جبر مزهر، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، ص:341.< o:p>
([3]) أساس البلاغة، الزمخشري، وتاج العروس، الزَّبيدي، مادّة (شرح).< o:p>
([4]) قواعد الاختصار المنهجي في التأليف، عبد الغني أحمد جبر مزهر، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 59، ص: 341.< o:p>
([5]) شرح المفصّل، ابن يَعِيش، 1/ 2.< o:p>
([6]) بلا امتياز: أي دون تمييز بين المتن وشرحه بخطّ أولون أونحوذلك.< o:p>
([7]) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، حاجي خليفة، 1/ 37.< o:p>
([8]) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، حاجي خليفة، 1/ 36.< o:p>
([9]) تدريب الراوي، السيوطي، 2/ 156.< o:p>
([10]) قواعد الاختصار المنهجي في التأليف، عبد الغني أحمد جبر مزهر، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 59، ص: 341.< o:p>
([11]) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، حاجي خليفة، 1/ 37.< o:p>
¥