تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويختلف حكمهما باختلاف لفظيهما، فالفائدة محرمة على الراجح لتحقق الربا فيها، لأن النقود لا تصلح للإجارة، وأما العمولة فهي مباحة، لأنها أجر نظير عمل، بشرط ألا تكون وسيلة إلى التحايل الربوي، ولهذا اشترط العلماء في تقدير العمولة تقدير العمل وأداء الخدمات، دون النظر إلى رأس المال أو القيمة المالية المحصل عليها من المعاملات البنكية، وأن يكون المبلغ مقطوعا به غير مكرر، إلا إذا تكررت الخدمة المقابلة لها، دون ربط ذلك بمقدار الدين أو مدته.

ولهذا اختلف مفهومها حتى في نظر الإقتصاديين، فأطلقوا على الفائدة" INTEREST " وعلى العمولة" COMISSION " وباختصار، فالفائدة هي الثمن المدفوع مقابل استعمال النقود، أما العمولة فهي ثمن الخدمة المبذولة من قبل البنك، فالفائدة محرمة والعملة مباحة.

ضوابط المكاسب التجارية:

ولما كان الربح أساسه المبادلات التجارية، فقد أباحت الشريعة الإسلامية كل المعاملات التجارية التي ليس فيها ضرر على البائع أو المشتري، وحرمت المعاملات التي فيها ضرر على أحد الطرفين، أو قد تؤدي إلى ضررهما أو ضرر أحدهما، فاشترطوا في المبيع أن يكون مشروعا في أصله يباح الانتفاع به، وله قيمة معتبرة عرفا وشرعا، واشترطوا في البائع والمشتري توفرهما على الأهلية الشرعية، والملك الصحيح للعوضين. وأرشدت إلى مجموعة من المبادئ الأخلاقية في المعاملات التجارية، واعتبرت مخالفتها مخالفة للدين، وحرمة للمكاسب المالية.

واشترط الفقهاء وجود السلعة أو الثمن أو أحدهما وقت العقد، وفي حالة غياب أحد العوضين، وجب أن تكون البضاعة موصوفة ومعينة، أو الثمن محدد الزمان والمقدار معلوما للطرفين. وأبيحت الزيادة في الثمن مقابل الأجل عند اختلاف النوعية في العوضين، ومنعت الزيادة في أحدهما عند اتحادهما تسهيلا للمعاملات التجارية، وتيسيرا على الناس في حياتهم الاقتصادية، وبعدا عن الوسائل الربوية، وأباح الفقه بعض العقود التجارية للمشتري دون البائع، رغم مخالفتها للمنظومةالفقهية، اعتباراللضرورة الشرعية، ومراعاة للحاجات البشرية كشراء الدم، وحرمت العقود الاستغلالية كبيع الأعضاء، وكل ما فيه ضررأخلاقي أواجتماعي، كالتلقيحات الاصطناعية، خوفا من اختلاط الأنساب، وإذا انتفى الضرر انتفى التحريم، كإجارة الظئروالمرأة المرضع. كما حرمت الشريعة المكاسب الناتجة عما يفسدالإنسان في دينه أو نفسه أو عقله أو عرضه أو ماله، كالمسكرات والمخدرات.

ومن خصائص الشريعة أنها إذا حرمت شيئا حرمت كل وسيلة تؤدي إليه، وسدت كل ذريعة توصل إليه.

والمكاسب المالية في الفقه الإسلامي ليست خاصة بالأشياء المادية، بل شملت الحقوق المعنوية أيضا، كالحقوق الفكرية والأدبية، إذ جعل الفقهاء الحكم المناسب للتعويضات المالية في هذه الحقوق.

وفي نهاية المعاملات التجارية أقول: قدوضع الفقهاء للتجارة قواعد تنظيمية عامة، اقتصادية ومبادئ أخلاقية، تحمي الفرد والجماعة والمنتج والمستهلك، وتركت للمكلفين تكييفها حسب ظروفهم الزمانية والمكانية.

ضوابط المكاسب المهنية:

من وسائل المكاسب المالية العمل، فقد اعتبرته الشريعة مصدرا أساسيا في تحصيلها، ولكنها أرشدت إلى احتراف المهن الشريفة والبعد عن الحرف الممتهنة، احتراما لكرامة الإنسان وصيانة لشرفه، فمنعت الاشتغال بصناعة أو حرفة تخدش كرامته أو تحط من قيمته، والعمل بما فيه الحرام أو شبهة الحرام، ولهذا اختلف حكم الأجرة باختلاف العمل والمنفعة، فإن كان العمل أو المنفعة مباحين كانت مداخلها كذلك، وإن كان إحدهما حراما كانت المكاسب المادية فيهما حرام، وإن كان العمل متردد بين الحظر والإباحة، كانت الأجرة مشتبه فيها، ولكن يفضل ترك العمل المشكوك فيه، وتعويضه بما لا شبهة فيه استبراء للدين،وسدا للذريعة، وهي أصل من أصول الشريعة. ولهذا قال الفقهاء: ما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة. ويلحق بالإجارة الجعل والجوائز، فإن كان العمل مشروعا كانت الجوائز مشروعة، والعكس صحيح.

وإن كانت هناك ضرورة تحتم العمل في الحرام أوفي المختلط بين المباح والممنوع، أبيح للمضطر العمل مؤقتا مراعاة للضرورة، ورفعا للحرج وعملا بالتيسير، وهو مقصد شرعي وأساس بنيت عليه الأحكام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير