يستطيع في الوقت الراهن إحلال محل التأمين التجاري.
إن القائلين بجواز التأمين التجاري يرفضون الشروط التعسفية التي تفرضها الشركات التأمينية، وإنهم جميعا ضد أقساط التأمين المرتفعة القائمة على الاستغلال، ولا يقرون استغلال الشركات التأمينية لأموالها في استثمارات ربوية، ولا يسلمون بأي شرط يحل حراما أويحرم حلالا، ولكنهم يرون أن هذه المفاسد هي صفات خارجة عن حقيقة التأمين وجوهره، فهم يفرقون بين التأمين كعقد من العقود، وبين التأمين كممارسة. فالتأمين باعتباره عقدا جائز، وما تمارسه الشركات من مخالفات شرعية فهي ممنوعة.
وفي رأيي أن الخلاف بين المبيحين والمانعين لا يتعلق بالأدلة وقوتها ووضوحها بالنسبة للمبيحين، وعمومياتها للمانعين، ولكن المانعين ينظرون إلى ممارسات الشركات التجارية، والمبيحين ينظرون إلى المشاكل والأخطار التي تحتم التأمين، والمانعون لا يجهلون هذه الأخطار، ولكنهم يرون ترميمها بالبديل الشرعي البعيد عن الاستغلال وسائر المخالفات الشرعية.
ويظهر أن الخلاف ليس جوهريا، لأن كلا من الفريقين يعترف بوجود استغلال من الشركات التأمينية، وكلا من الفريقين يقرون بوجود أخطار تهدد الإنسان في حياته وماله، ويرى أنه من حقه أن يؤمن نفسه من هذه الأخطار، ليس بدفعها ولكن بتعويض مادي عنها، ولكن الخلاف بين الواقع والتطبيق، والتنظير، فالمبيحون ينظرون إلى التأمين كعقد مستقل عن الممارسات التطبيقية، وكنظام له أهدافه فيقولون بالجواز.
والمانعون يربطون العقد بالممارسة، ويقولون: إن العقد هو وسيلة للتطبيق، فيجب أن يمنع النظام ككل، ويعمل بالبديل المتمثل في التأمين التعاوني.
والخلاصة من البحث أن الفقه الاسلامي قادر على حل كل المشاكل الاقتصادية والمعاملات المالية، وإن عدم تطبيقه ليس من أجل قصره وعدم صلاحيته، ولكن يرجع إلى المنتسبين إليه الذين لم يعطوه فرصة التطبيق.
اقتراحات:
ولمتابعة المعاملات المالية وغير المالية الواقعة الآن، والتي ستقع غدا، ولمواجهة التحديات المعاصرة في مختلف المجالات، ولتشريع الأحكام المناسبة لكل القضايا، أقترح تفعيل العمل الجماعي، لأنه أسلم من الخطأ وأكثر اطمئنانامن العمل الفردي، ولأن المشكلات العصرية لا تحل باجتهاد فردي، لأن القضايا أصبحت معقدة التركيب، تحتاج إلى اختصاصات متعددة، تحتاج إلى الفقهاءالعلماءبالشريعة، ورجال القانون، والخبراء في الاقتصاد والتجارة، والأطباء العارفين بشؤون الطب، والمهندسين المختصين في مختلف المجالات الهندسية والعمرانية، وهكذا .. فكل فقيه في ميدانه، وبهذا العمل المشترك تنضح الرؤية وتكتمل المعرفة، والوصول إلى الحكم الشرعي السليم.
ورغم وجود بعض المجامع الفقهية والمراكز العلمية الإسلامية وأشهرها: مجمع البحوث الإسلاميةالتابع للأزهر بمصر، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة، ومجمع الفقه المنبثق عن منظمة مؤتمر العالم الاسلامي، ومجمع هيئة كبار العلماء بالسعودية، ومجمع البحوث الإسلامية التابع لإدارة البحوث العلمية والإفتاءوالدعوةوالإرشاد بالسعودية، فإني أناشد بإيجاد مجمع فقهي في كل بلد إسلامي، وظيفته متابعة التطورات الحياتية عن قرب، وإيجاد الأحكام الشرعية المناسبة لها، وإعلانها للناس في نشرات دورية أو مؤلفات خاصة، وأن تنسق هذه المجامع الفقهية فيما بينها، وأن يحضر ممثلوا المجامع في ندوات المجامع الأخرى، ومناقشة المشاكل والقضايا المطروحة، ليقدموا للعالم علاجا لمشاكله، ويحاولوا توظيف النصوص الشرعية في المشاكل العصرية، بعيدا عن الضغوطات السياسية والتعصبات المذهبية، والعمل على جمع الآراء الخلافية، والخروج برأي موحد في كل قضية، وأن تكون توصيات هذه المجامع ملزمة، وأن تكون هذه المجامع الفقهية كفرع لمجمع فقهي مركزي مقره بمكة المكرمة، باعتبارها قبلة المسلمين.
وتطوير دراسات الشريعة والفقه الإسلامي بما يتلاءم مع العصر، وذلك بتدريس الفقه المعاصر في الجامعات، مما يساهم في تكوين الطالب القادر على حل المشاكل المستحدثة، والقادر على مواكبة عصره، لأن الأحكام تتغير بتغير الأزمان.
ـ[عبدالعظيم مجيب]ــــــــ[08 - 08 - 10, 05:38 م]ـ
?
دواعي البحث
¥