تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يرجع اختيار الموضوع إلى عاملين اثنين: نفسي ومعرفي، أما العامل النفسي فإن أساسه نزعة تولدت في قرارة نفسي في وقت مبكر من حياتي الدراسية، وأنا تلميذ في المرحلة الإعدادية، فكنت أفضل مادة الفقه على سائر المواد، وأجد فيها أجوبة شافية في العبادات والمعاملات. وازدادت هذه الرغبة في المرحلة الجامعية حيث خرجت من دائرة المذهب الواحد إلى المقارنة بين المذاهب، وعلمت أن الفقه الإسلامي هو فقه الدليل والتعليل وليس بالرأي المجرد.

أما العامل المعرفي، فيتمثل في اهتمامي بالفقه المعاصر وحب دراسته، ولهذا كان بحثي في الإجازة في (موقف الإسلام من المصارف المعاصرة وحكم التعامل معها).

وعندما التحقت بالعمل أصبحت الحاجة ملحة أكثر بحكم عملي مدرسا للمواد الإسلامية، فكثيرا ما تطرح الأسئلة وتثار المناقشة خاصة في المعاملات الحديثة، فأجد نفسي مضطرا إلى البحث عن معرفة الأحكام الشرعية.

وعندما أرشدني الأستاذان الجليلان الدكتور أحمد الريسوني والدكتور محمد الروكي إلى دراسة موضوعي هذا جاء إثراء لما كنت أشعر به وتلبية لما كنت أطلبه.

ووقع اختياري على"المعاملات المالية الحديثة" باعتباره موضوعا يجمع بين التنظير الشرعي والتطبيق العملي، ولأن التعامل معه يحتم التفاعل مع جميع المصادر الشرعية الأصلية والتبعية، ويعطي الحرية في إبداء الرأي، ويدعو إلى البحث عن الدليل والنظر في التعليل، ولأني رأيت فقر المكتبة الإسلامية لهذا النوع من الدراسات المعاصرة المقارنة الشاملة.

أهمية الموضوع:

إن أهمية الموضوع تنطلق من ذاته، فهومكون من عنصرين أساسيين:"المعاملات والمال "ودراسة فقه المعاملات لا تقل قيمة عن الحاجة إلى معرفة أحكام العبادات، بل إن هذه الأخيرة أمرها تعبدي شخصي يتعلق بموضوع بين العبد وربه، أما المعاملات فالعلاقة فيها متعدية بين العبد وربه، والإنسان وأخيه الإنسان، وأثرها يعود على الشخص نفسه وعلى دينه وعلى مجتمعه الذي يعيش فيه، لهذا كان من الواجب دراسة فقه المعاملات.

أما العنصر الثاني، فإن المال قوام الحياة، ومن أهم أسباب سعادة الإنسان أوشقائه، لهذا نظرت الشريعة إليه هذه النظرة الواقعية، فأوجدت نظاما عاما لتحصيله، وأحاطته بسياج يمنع الاعتداء عليه من مالكه أومن غيره، فجعلته أحد الكليات الخمس، وفي الوقت نفسه أوجبت فيه حقوقاوفرضت عليه قيودا.

وقد اتسعت المعاملات المالية المعاصرة اتساعا كبيرا، وتنوعت العقود وتعقدت، وتشعبت صور البيوع وتعددت، ومن الواجب تتبع الصور المستحدثة ومعرفة موقف الشريعة منها، ووضع الضوابط المناسبة لعموم الأحكام حتى لا تبقى حبيسة صور تاريخية. ولتحقيق هذه الغاية رأيت ضرورة ملاحقة الأحداث الجديدة التي أفرزتها التطورات الحديثة، لأعالجها وفق منهج علمي صحيح، متجاوزا العرض الأمين لأقوال فقهائنا الأقدمين، وفي الوقت نفسه الإستفادة من تراثنا ومواكبة تطورات العصر عن طريق ربط الأحكام الشرعية بالواقع في مختلف المجالات.

الدراسات السابقة في الموضوع:

فقد كتب الكثيرون من الفقهاء والباحثين في كل موضوع من الموضوعات التجارية والمهنية والبنكية والتأمينية، بل في كل فرع من الفروع السابقة، ورغم وجود المناقشات العلمية لكثير من القضايا الفقهية، فإني لم أر بحثا شاملا لكل المعاملات، وخاصة فيما يتعلق بالمداخل الناجمة عنها. فأكثر المناقشات وأغلب المؤلفات تتعلق بحكم التعامل من حيث الجواز وعدمه، وليس في إباحة المكسب وحرمته، أو متعلقة بالجانب التاريخي ومراحل تطورها، وتوضيح الإيجابيات والسلبيات وطرح البدائل فيها، دون إعطاء الحكم المناسب في هذه الممارسات إلا من إجابات فردية أو قرارات لبعض الهيئات الفقهية.

والدراسات السابقة لها قيمتها وفائدتها بل هي الأرضية للمكاسب نفسها لما يوجد من التلازم بين المعاملات ومداخلها، وما هذه الأخيرة إلا فرع عن الأولى، ولكن الدخل يحتاج إلى حكم يخصه، لذا رأيت أن يكون عملي مساهمة في إتمام مشروع ليكون البنيان مكتملا.

فالذي يهمني من المعاملات التجاريةحكم ثمنهاوربحها، ومن الأعمال المهنية حكم أجرتها، ومن المعاملات البنكية حكم فوائدها، وفي التأمينات حكم تعويضاتها.

منهجية البحث

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير