تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يَخْطُرُ بِقُلُوبِ الْعُلَمَاءِ نَوْعُ يَقَظَةٍ، فَإِذَا نَطَقُوا بِهَا وَبِحُكْمِهَا نَفَرَتْ مِنْهَا قُلُوبُ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَلَا أَقُولُ الْعَوَامُّ، وَمَثَّلَ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْت يَقِينًا.

وَأَنَّ رَجُلًا لَوْ صَحَا، فَقَالَ كَلِمَةً ظَاهِرُهَا يُوجِبُ عِنْدَ الْعَوَامّ الْكُفْرَ فَقَالَ: لَسْتُ أَجِدُ لِلرَّقِيبِ، وَالْعَتِيدِ حِشْمَةً وَلَا هَيْبَةً حَتَّى لَوْ اُسْتُفْتِيَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَقَالُوا كَافِرٌ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ مُصَدِّقًا بِهِمَا، وَهُوَ يُهَوِّنُ بِحَفَظَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ وَمَلَائِكَتِهِ، فَلَوْ كَانَ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ، فَكَشَفَ عَنْ سِرِّ وَاقِعِهِ لَاسْتَحْيَا مِنْ جَهْلِهِ، أَوْ كُفْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَضْلًا عَنْ الْعَوَامّ، وَكَشْفُ السِّرِّ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: غَلَبَتْ عَلَيَّ هَيْبَةُ رَبِّي وَحِشْمَةُ مَنْ يَشْهَدُنِي فَسَقَطَ مِنْ عَيْنَيَّ حِشْمَةُ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيَّ، وَكُنْت أَجِدُ الْحِشْمَةَ لَهُمَا الْغَفْلَةُ عَقِبَهَا صَحْوٌ، وَمُوجِبُ الْيَقَظَةِ وَالصَّحْوِ وَزَوَالِ الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ السَّمْعُ {أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكِ} {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْكُمْ} وَالْعَقْلُ، فَإِنَّ مَنْ شَهِدَ الْحَقَّ كَانَ كَمَنْ شَهِدَ الْمَلِكَ، وَمَعَهُ أَصْحَابُ أَخْبَارِهِ فَلَا يَبْقَى لِأَصْحَابِهِ حُكْمٌ فِي قَلْبِ مَنْ شَهِدَ الْمَلِكَ، وَإِلَّا لَكَانَ وَهْنًا فِي مَعْرِفَتِهِ بِحُكْمِ الْمَلِك وَسُلْطَانِهِ.

فَاحْذَرْ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الطَّعْنِ عَلَى الْعُلَمَاءِ مَعَ عَدَمِ بُلُوغِك إلَى مَقَامَاتِهِمْ، وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ حَتَّى أَنَّهُمْ فِي حَالٍ كَشَخْصٍ، وَفِي حَالٍ آخَرَ كَشَخْصٍ آخَرَ، فَإِنَّ لِلْعَبْدِ عِنْدَ كَشْفِ الْحَقِّ مَحْوًا عَنْ نَفْسِهِ، وَالْعَالَمُ يَتَلَاشَى فِي عَيْنِهِ، وَلِهَذَا قَالَتْ الْمُتَصَوِّفَةُ لِلصِّغَارِ: يُسَلَّمُ لِلْمَشَايِخِ الْكِبَارِ حَالُهُمْ، وَكَلَامُهُمْ سُمٌّ قَاتِلٌ لَهُمْ أَوَّلَا، ثُمَّ لِمَنْ لَا يَفْهَمُ مَا تَحْتَ كَلَامِهِمْ، وَالْقَاتِلُ قَدْ يَكُونُ مَعْذُورًا، وَالْمَقْتُولُ شَهِيدًا، أَمَّا الْمُنْكِرُ فَإِنَّهُ جَارٍ عَلَى الظَّاهِرِ.

وَأَمَّا الْقَائِلُ فَقَالَ بِحُكْمِ حَالٍ كُشِفَتْ لَهُ خَاصَّةً وَحُجِبَ عَنْهَا السَّامِعُ، وَمِنْ هُنَا " كَلِّمُوا النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ ".

فَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَسْتَوُونَ فِي الْمَقَالِ، وَلَا فِي الْأَحْوَال لَا يَعْقِدُ الظُّنُونَ بِبَادِرَةِ الْوَاقِعِ، فَيَقَعُ نَاقِصًا. (نقلا عن الاّداب الشرعية لابن مفلح رحمه الله)

ـ[توبة]ــــــــ[15 - 12 - 07, 07:58 م]ـ

أخي الفاضل العبادي،لم أفهم كيف يصلح هذا الكلام 'المركب'جوابا على سؤالي 'البسيط'،و لم أتبين علاقته بكلامي أعلاه.

فابن عقيل هنا يتحدث عن "أحوال" المتصوفة ومقاماتهم و ما يصدر عنهم حال "الكشف" من كلام أو تصرفات قد يسيء فهمهاالعوام! ..... )

أما سؤالي فهو عن الحالات التي تستلزم الصبر من المؤمن،و لا يجد لها تفسيرا يعلل به نفسه سوى الإذعان لمشيئة الله و الرضى بما قسمه، و هو السؤال المطروح في الآية أعلاه، و هل يصلح تكليف العقل الذي تحدث عنه بن الجوزي، جواباً عنه؟ و هل هناك من العلماء و السلف من تحدث حول هذه الفكرة أو ذكر هذا المصطلح أي تكليف العقل؟

ـ[محمد العبادي]ــــــــ[15 - 12 - 07, 11:31 م]ـ

أنا ظننتُ أن سؤالك كيف يصبر المرء على أفعال غيره التي لم يحط بها خبرا، وليس على أفعال الله جل شأنه.

فمثلا أنا عن نفسي في أوائل التزامي كنت شرسا في انتقاد الاّخلرين ومن بينهم العلماء، وعندما أذكر أشياء كنت أنتقدها أسخر من نفسي وأحتقرها كثيرا! فكان لا بد علي أن أعرف قدر نفسي، وأنني لم أحط خبرا بكثير من الأمور؛ لذلك علي الصبر؛ حتى أتبين.

ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[16 - 12 - 07, 01:33 ص]ـ

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

و بعد. . .

فهذا سؤال إنكاري معناه لن تصبر على ما لا تعلمه من الغيب!

فلا جواب له.

و الدليل على ذلك أن موسى عليه السلام ـ وهو من أولي العزم من الرسل ـ لم يصبر على ما لم يحط به خبراً.

و الله تعالى أعلم.

ـ[توبة]ــــــــ[16 - 12 - 07, 01:45 م]ـ

بارك الله فيكم

و لكن هل عدم إحاطة العلم بالشيء حجة لعدم الصبر عليه؟

هناك من العلماء من كان له توجيه آخر في تفسير الآية، و هو أن العلم بالشيء يعين على الصبر عليه، وأن عادةً الأشياء التي تتطلب الصبر من المؤمن يكون قد اختبرها و عقل مغزاها-و إن كان مجرد التسليم لقضاء الله وقدره و الرضا بحكمه كافيان و موجبان للصبر-

و لكن الحال في قصة سيدنا موسى و الخضر عليهما السلام مختلف، فالنبي موسى عليه السلام لم يستطع الصبر على أفعال العبد الصالح لأن ظاهرها يقتضي الانكار على الفاعل،و عدم السكوت عليه كخرق السفينة و قتل الغلام،و المغزى من القصة معروف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير