تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأدب قبل الطلب]

ـ[أبو عبد الرحمن العامري]ــــــــ[06 - 07 - 07, 10:16 م]ـ

هذه سلسلة سنجمع فيها بعض ما ينبغي على طالب العلم من آداب

فنبدأ مستعينين بالله ,

فصل في أن الغرض من طلب العلم هو العمل

اعلم أن العلم بمنزلة الشجرة و العمل بمنزلة الثمرة و الغرض من الشجرة المثمرة ليس إلا ثمرتها أما شجرتها بدون الاستعمال فلا يتعلق بها غرض أصلا فإن الانتفاع بها في أي وجه كان ضرب من الثمرة بهذا المعنى. و إنما كان الغرض الذاتي من العلم مطلقا العمل لأن العلوم كلها ترجع إلى أمرين علم معاملة و علم معرفة فعلم المعاملة هو معرفة الحلال و الحرام و نظائرهما من الأحكام و معرفة أخلاق النفس المذمومة و المحمودة و كيفية علاجها و الفرار منها و علم المعرفة كالعلم بالله تعالى و صفاته و أسمائه و ما عداهما من العلوم إما آلات لهذه العلوم أو يراد بها عمل من الأعمال في الجملة كما لا يخفى على من تتبعها و ظاهر أن علوم المعاملة لا تراد إلا للعمل بل لو لا الحاجة إليه لم يكن لها قيمة. و حينئذ فنقول المحكم للعلوم الشرعية و نحوها إذا أهمل تفقد جوارحه و حفظها عن المعاصي و إلزامها الطاعات و ترقيها من الفرائض إلى النوافل و من الواجبات إلى السنن اتكالا على اتصافه بالعلم و إنه في نفسه هو المقصود مغرور

في نفسه مخدوع عن دينه ملبس عليه عاقبه أمره و إنما مثله مثل مريض به علة لا يزيلها إلا دواء مركب من أخلاط كثيرة لا يعرفها إلا حذاق الأطباء فسعى في طلب الطبيب بعد أن هاجر عن وطنه حتى عثر على طبيب حاذق فعلمه الدواء و فصل له الأخلاط و أنواعها و مقاديرها و معادنها التي منها تجلب و علمه كيفية دق كل واحد منها و كيفية خلطها و عجنها فتعلم ذلك منه و كتب منه نسخة حسنة بحسن خط و رجع إلى بيته و هو يكررها و يقرأها و يعلمها المرضى و لم يشتغل بشربها و استعمالها أ فترى أن ذلك يغني عنه من مرضه شيئا هيهات لو كتب منه ألف نسخة و علمه ألف مريض حتى شفي جميعهم و كرره كل ليلة ألف مرة لم يغنه ذلك من مرضه شيئا إلى أن يزن الذهب و يشتري الدواء و يخلطه كما تعلم و يشربه و يصبر على مرارته و يكون شربه في وقته و بعد تقديم الاحتماء و جميع شروطه و إذا فعل جميع ذلك كله فهو على خطر من شفائه فكيف إذا لم يشربه أصلا هكذا الفقيه إذا أحكم علم الطاعات و لم يعمل بها و أحكم علم المعاصي الدقيقة و الجليلة و لم يجتنبها و أحكم علم الأخلاق المذمومة و ما زكى نفسه منها و أحكم علم

الأخلاق المحمودة و لم يتصف بها فهو مغرور في نفسه مخدوع عن دينه

ـ[أبو عبد الرحمن العامري]ــــــــ[06 - 07 - 07, 10:16 م]ـ

روى الخطيب في الجامع بسنده عن مالك، قال: «إن العلم ليس بكثرة الرواية إنما العلم نور يجعله الله في القلب»

قال أبو عاصم النبيل: «من طلب هذا الحديث فقد طلب أعلى أمور الدنيا، فيجب أن يكون خير الناس».

قال حماد بن سلمة: «لا ترى صناعة أشرف، ولا قوما أسخف من الحديث وأصحابه»

قال الخطيب: والواجب أن يكون طلبة الحديث أكمل الناس أدبا، وأشد الخلق تواضعا، وأعظمهم نزاهة وتدينا، وأقلهم طيشا وغضبا، لدوام قرع أسماعهم بالأخبار المشتملة على محاسن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وآدابه، وسيرة السلف الأخيار من أهل بيته وأصحابه، وطرائق المحدثين، ومآثر الماضين، فيأخذوا بأجملها وأحسنها، ويصدفوا عن أرذلها وأدونها.

قال ابن شهاب: «إن هذا العلم أدب الله الذي أدب به نبيه صلى الله عليه وسلم، وأدب النبي صلى الله عليه وسلم أمته، أمانة الله إلى رسوله ليؤديه على ما أدي إليه، فمن سمع علما فليجعله أمامه حجة فيما بينه وبين الله عز وجل»

عن سفيان بن عيينة، أنه كان يقول: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر، فعليه تعرض الأشياء، على خلقه وسيرته وهديه، فما وافقها فهو الحق، وما خالفها فهو الباطل»

قال إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: قال لي أبي: «يا بني، إيت الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إلي لك من كثير من الحديث»

قال مخلد بن الحسين: «نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث»

النية في طلب الحديث

يجب على طالب الحديث أن يخلص نيته في طلبه، ويكون قصده بذلك وجه الله سبحانه

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى.

وقد قال سفيان الثوري: «ما شيء أخوف عندي منه يعني الحديث، وما من شيء يعدله لمن أراد الله به»

قال عبد العزيز بن أبي رزمة: أتينا إسرائيل مع نفر من أهل خراسان، فسألنا، قلنا: نحن من أهل مرو، فقال: «مرو أم خراسان؟ فإن استطعتم أن لا يكون أحد أسعد بما سمعتم منكم فافعلوا، من طلب هذا العلم لله تعالى شرف وسعد في الدنيا والآخرة، ومن لم يطلبه لله خسر الدنيا والآخرة» وليحذر أن يجعله سبيلا إلى نيل الأعراض، وطريقا إلى أخذ الأعواض، فقد جاء الوعيد لمن ابتغى ذلك بعلمه

قال حماد بن سلمة: «من طلب الحديث لغير الله، مكر به»

قال سفيان: «إن أنا عملت بما أعلم فأنا أعلم الناس، وإن لم أعمل بما أعلم فليس في الدنيا أحد أجهل مني»

طلب العلم ليس بالأمر الهين ولا بالطريق الممهد فإنه يحتاج إلى رجال عزفوا عن الراحة

قال أبو مسهر كنا عند الحكم بن هشام العقيلي وعنده جماعة من أصحاب الحديث، قال: فقال: «إنه من أغرق في الحديث فليعد للفقر جلبابا، فليأخذ أحدكم من الحديث بقدر الطاقة، وليحترف حذرا من الفاقة»

قال عبد العزيز الطائفي: «من طلب الحديث أفلس»

فطلب الحديث خاصة يحتاج إلى همم أعلى من قمم الجبال, ولا يصلح فيه أنصاف الرجال

قال شعبة: «من طلب الحديث أفلس، بعت طستا لأمي بسبعة دنانير»

قال علي بن خشرم: سمعت سفيان بن عيينة، يسأل رجلا ما حرفتك؟ قال: طلب الحديث، «قال: بشر أهلك بالإفلاس»

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير